قال محمد المبشر، رئيس مجلس حكماء ليبيا، إن الحوار المهيكل فشل قبل أن ينتهي.

وأضاف المبشر، في منشور على فيسبوك، أنه لا يمكن الحكم على أي حوار وهو ما يزال قائمًا، لكن من حقنا أن نسأل بهدوء؛ هل يسير فعلًا نحو حل، أم يكتفي بتنظيم الخلاف؟ .

وتابع؛ الحوار المُهيكل، في صورته الحالية، يبدو منضبطًا من حيث الشكل اجتماعات منتظمة، عناوين واضحة، وحرص على اللغة الدبلوماسية. غير أن التجربة تقول إن ترتيب الجلسات لا يعني بالضرورة الاقتراب من جوهر الأزمة .

وأشار إلى أن المشكلة الليبية أعمق من أن تُحل بالكلمات وحدها، وأثقل من أن تتحملها أوراق تُوقَّع بعيدًا عن موازين القوة الحقيقية وعن الجرح الاجتماعي المفتوح ، لافتًا إلى أنه من الظلم إنكار أن بين المشاركين من يتحرك بدافع صادق ورغبة حقيقية في إنهاء المعاناة، وهؤلاء يستحقون الاحترام. لكن النية الحسنة، مهما كانت صافية .

وأردف أنه لا تكفي إذا بقي القرار خارج قاعة الحوار، وإذا طُلب من النقاش أن يعالج نتائج الأزمة دون أن يقترب من أسبابها ، مبينا أن التخوف من تعثر هذا المسار لا يأتي من تشاؤم، بل من قراءة واقعية لما يجري. حوار لا يلامس من يملك السلاح والمال، ولا يبدأ بمعالجة الانقسام الاجتماعي، ولا يضع المشاريع المتنافسة على الحكم أمام مسؤوليات واضحة، سيظل حوارًا محدود الأثر مهما طال زمنه .

وأكمل أن الحل الأقرب للواقع، في تقديري، هو اتفاق ليبي يقوم على مرحلتين واضحتين. مرحلة أولى اجتماعية، تهدف إلى إصلاح ما تكسّر بين الليبيين، وردم فجوات الثقة، وتهدئة النفوس قبل الدخول في صراع البرامج والسلطة. ثم مرحلة ثانية سياسية عسكرية، تُنظم التنافس على الحكم بين المشاريع المختلفة، لا بالإنكار ولا بالإقصاء، بل باتفاق صريح يحدد القواعد ويمنع الانزلاق إلى الفوضى .

وعقب موضحًا، أما الاعتماد المفرط على الأمم المتحدة في هذه المرحلة، فيحتاج إلى قدر من الواقعية. العالم اليوم منشغل بصراعات كبرى وتنافس على النفوذ، وليبيا، رغم أهميتها لأهلها، ليست في صدارة الاهتمام الدولي. لذلك لا يجوز رهن مصير البلاد بالكامل بميزان لا نتحكم فيه .

وختم مؤكدًا أن هذا ليس خطاب يأس، بل دعوة للتفكير بهدوء. فالدول لا تُبنى بالأمنيات، ولا تُنقذها النوايا وحدها، وإنما حين يقرر أبناؤها أن يصنعوا حلولهم بأيديهم، مستفيدين من الخارج دون أن ينتظروا منه المعجزة .

هذا المحتوى مقدم من الساعة 24 - ليبيا