عن "الدولة" و"اللا-دولاتيين".. بعض الحق الذي يُراد به باطلاً! #عاجل

عن "الدولة" و"اللا-دولاتيين".. بعض الحق الذي يُراد به باطلاً! #عاجل جو 24 :

كتب: عريب الرنتاوي *

قادتني إحدى الشاشات العربية، لحوار ساخن، حول مستقبل ما أسمته المحطة، المليشيات والفصائل المسلحة، وما إذا كان الإقليم، على وشك أن يدلف عتبات مرحلة "الدولة"، بعد أن تغيب الميليشيات عن المشهد، ودعّمت أسئلتها بمجريات أزيد من عامين من الحروب والجبهات المفتوحة، في غزة ولبنان واليمن، مروراً بسوريا والعراق.

وكان واضحاً من سياق الحلقة والنقاش، أن المقصود حصراً بالفصائل، هي حماس وحزب الله والحشد الشعبي وأنصار الله اليمنيين، إذ تركزت معظم الأسئلة، إن لم نقل جميعها، على هذه الأطراف، لكأن المنطقة على امتدادها، باتت خالية من المليشيات والفصائل المسلحة، وأن ما يعيق انبلاج عصر الدولة المستقلة العادلة والسيّدة، هو اختفاء هذه الفصائل حصراً عن المسرح، الأمر الذي أوحت الأسئلة بأنه قيد التنفيذ، وجارٍ العمل عليه من قبل واشنطن وتل أبيب.

في الإجابة على هذه الأسئلة والتساؤلات، انصرفت مداخلاتي للحديث عن وجوب عدم وضع جميع هذه الأطراف في سلّة واحدة، فهي نشأت في دول ومجتمعات مختلفة، وفي سياقات تاريخية متباينة، وتتفاوت من حيث ماهية علاقتها ببيئتها الاجتماعية، ونظرة الرأي العام العربي إليها، كما أن بعضها نشأ في مراحل زمنية تباعد ما بينها، سنوات وعقود عدة...وضع الجميع تحت تصنيف واحدٍ، فيه ظلم وافتئات من جهة، وغير علمي من جهة ثانية، ويخفي عند البعض، نوايا غير حسنة من جهة ثالثة.

ومضيت في الحديث للتمييز بين عدة "أنماط" يتوزع عليها اللاعبون "اللا-دولاتيون Non-State Actors" في الإقليم، بناء على ما سبق قوله، وذهبت إلى ذكر ثلاثة منها:

* أولها؛ فصائل وقوى نشأت في مواجهة الاحتلالات الأجنبية، وبالأخص الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وأطراف من الدول المحيطة، تلكم نشأت تاريخياً قبل ستة عقود من السنين على أقل تقدير، وليست وليدة اليوم، وهي حركات تحرر وطني بامتياز، ولا يمكن القبول بأي تصنيف آخر لها، حتى وإن قارفت بعض الأعمال والممارسات، داخل بلدانها أو في "البلدان المضيفة" لها، أو ضد "الآخر"، تنتمي إلى عوالم ميليشياوية، وأحياناً من قماشة عنفية-إرهابية.

* ثانيها؛ تلك التي نشأت وتطورت على جذع الفشل المتطاول والمتمادي للدولة الوطنية العربية، دولة ما بعد الاستقلالات العربية، سيما في بلدان ومجتمعات تتميز بتنوع قومي وعرقي ومذهبي وجهوي ومناطقي وعشائري، فشل الأنظمة العربية المتعاقبة في بناء "دولة المواطنة"، السيدة العادلة، دولة جميع أبنائها وبناتها، جميع كياناتها ومكوناتها، أفضى إلى تعميق "مظلومية" بعض المكونات، ولجوئها إلى السلاح وتحصنها بهوياتها الفرعية "القاتلة"، بل وميلها لطلب التدخل الأجنبي، وتورطها في مقامرات انفصالية، ستزيد لاحقاً من عمق الاضطرابات المجتمعية، من دون أن تجلب حقوقاً أو تسترد أمناً واستقراراً.

* ثالثها؛ نشأ في مواجهة موجة تطرف ديني، عاتية وعارمة خلال العقدين الفائتين، بلغت ذروتها في الإعلان عن ولادة "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، داعش لم تكن تفصيلاً عارضاً في "التاريخ الجاري" لهذه المنطقة "، و"دولتها" جاوزت فرنسا في اتساعها، وكانت تقف على مشارف عاصمتين تاريخيتين للعرب والمسلمين، صادف أنهما عاصمة الخلافة الأموية وعاصمة الخلافة العباسية...ذلك ليس تفصلاً يمكن القفز من فوقه بخفة.

في مطلق الأحوال، وفي مختلف الأنماط سالفة الذكر، ما كان لهذه القوى "اللا-دولاتية"، أن تنمو ويتعزز دورها، من دون تدخلات خارجية، ستأخذ أشكالاً مختلفة، باختلاف الظروف والسياقات...بعض هذ التدخل، كان إيجابياً عموماً كما في حالات دعم المقاومة، وبعضه كان وبالاً على الحركات والمنطقة وأحياناً على "الداعمين" أنفسهم.

الأمثلة الأبرز على النمط الأول من اللاعبين "اللا-دولاتيين"، يتجلى في فصائل المقاومة الفلسطينية، التي نشأت في مواجهة الاحتلال ولغرض تحرير فلسطين، التي سقطت في قبضة احتلال استيطاني بغيض، في غيبة هذه الأطراف، وعندما كان النظام الرسمي العربي، هو صاحب القرار في خوض حربي 48 و67، اللتان انتهتا كما هو معروف، بضياع كل "فلسطين التاريخية"، ومعها سيناء والجولان وأطراف من جنوبي لبنان، وبقاع على الحدود الشرقية للكيان، في الأردن...وستنضوي هذه القوى في إطار منظمة التحرير، وتتولى قيادتها، وإعادة صوغها، قبل أن يُعترَف بها ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني، وتحتل مقعدها في الجامعة العربية والتعاون الإسلامي وعدم الانحياز والأمم المتحدة.

وحين بدأت إمارات الشيخوخة تُطل برأسها على الحركة الوطنية الفلسطينية، جاءت نشأة حماس التي تحتفي هذه الأيام بالذكرى الـ38 لتأسيسها، ولادة طبيعية، فالمجتمعات، كالطبيعة، تكره الفراغ، و"الإسلام السياسي" في فلسطين والإقليم، كان قد بدأ مشوار صعوده، بعد الضربات والهزائم التي تعرضت لها الحركات والمشاريع القومية واليسارية...خلاصة القول، أن أي محاولة لإدماج هذه القوى الفلسطينية، التحررية، في سياقات "ميليشياوية"، أو إدراجها في سياق "حروب المحاور" والنزاعات الجيوسياسية بين أقطاب إقليميين، هي محاولة بائسة، تفتئت على الوقائع والتاريخ، ولن تكتسب أية مصداقية، حتى وهي تتسلح ببعض الشواهد والوقائع، على "التدخلات الخارجية" في مسارات العمل الفلسطيني المقاوم، أو أي سلوكيات شاذة، من المؤكد أنها صدرت عن بعض هذه القوى، والاستثناء هنا، يكرس القاعدة، ولا ينفيها.

في السياق ذاته، ندرج المقاومة اللبنانية، التي كانت نشأت قبل نشأة حزب الله، وخاضت معارك كبرى مع الاحتلال الإسرائيلي، وتصدت لمسلسل عدواناته المتلاحقة، إلى أن اكتسبت زخماً غير مسبوق، بنشأة الحزب أفضى إلى التحرير من دون قيد أو شرط في أيار 2000، ونجاحات مبهرة في خلق حالة توازن وردع متبادل، وتثبيت قواعد اشتباك لم ترضخ لمثلها إسرائيل منذ نشأتها، قبل أن تنتهي الحرب الأخيرة، باختلال شديد في توازنات القوى، وتبدلات جوهرية في قواعد الاشتباك، وهي الوضعية التي دفعت بكثيرين لقراءة التاريخ بـ"أثر رجعي"، وادّعاء حكمة، لم نعرفها عنهم من قبل، وليبدأ "التنظير" عن قدرة "الدولة" على اجتراح معجزات "الحماية والردع والتحرير والتنمية والازدهار"، وليكتشف هؤلاء فجأة "قوة الدبلوماسية" التي "ما بغلبها غلاب"، ضاربين عرض الحائط، بإرث متراكم من الفشل، في تنفيذ طوفان من قرارات الشرعية الدولية واتفاقات وقف النار، أمام عدو توسعي متغطرس، وإمبريالية كشّرت عن أنيابها، وأسقطت دفعة واحدة، ورقة التوت التي طالما تدثّرت بها في العقود الفائتة.

صحيح أن ثمة فوارق لا يجوز لأحد أن يتجاهلها بين الحالتين الفلسطينية واللبنانية، بالذات بين حماس وحزب الله، إن لجهة حجم الارتباط بطهران واختلاف الماهية والهوية العقائدية والمذهبية والأدوار المشتقة منها في السنوات العشر الفائتة، واستتباعاً، لجهة النظرة العربية العامة، رسمياً وشعبياً لكلٍ منهما، لكن هذه الفوارق، لا تخرجهما من التصنيف الأساس، كحركات مقاومة ببرنامج تحرر وطني.

في المقابل، كيف يمكن النظر لحركات وفصائل كردية مسلحة، وغالباً، انفصالية كما في العراق (البيشمركة)، وبقدر ما في سوريا (قسد)، وكيف يمكن تصنيف "الحرس الوطني".....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من جو ٢٤

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من جو ٢٤

منذ 3 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ 7 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ 8 ساعات
جو ٢٤ منذ 4 ساعات
موقع الوكيل الإخباري منذ 9 ساعات
خبرني منذ 7 ساعات
خبرني منذ 10 ساعات
خبرني منذ 5 ساعات
خبرني منذ 10 ساعات
وكالة أنباء سرايا الإخباريه منذ 11 ساعة
خبرني منذ 23 ساعة