فانيتي فير الأميركية سلسلة مقابلات مطولة مع سوزي وايلز، كبيرة موظفي البيت الأبيض في الولاية الثانية للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، جدلا واسعا داخل واشنطن وخارجها، بعدما تضمنت تصريحات غير مسبوقة عن الرئيس نفسه، وأبرز أركان إدارته، وطريقة صنع القرار داخل البيت الأبيض.

قدمت المقابلات، التي أجراها الكاتب كريس ويبل على مدار أكثر من 10 لقاءات، صورة داخلية نادرة عن مركز السلطة في عهد ترامب، لكنها سرعان ما أثارت نقاشا سياسيا وإعلاميا واسعا، دفع ترامب وعددا من كبار مساعديه إلى الخروج علنا للدفاع عن سوزي وايلز والتأكيد على مكانتها داخل الإدارة وتماسك الفريق الرئاسي، من دون تبني مضمون المقابلة أو طريقة عرضها، وفق ما نقلته

نيويورك تايمز

ديلي كالر ووسائل إعلام أميركية أخرى.

مقابلة فانيتي فير.. محتوى صادم من داخل الدائرة الضيقة

فانيتي فير جاءت المقابلة مع سوزي وايلز في جزأين، واستندت إلى سلسلة لقاءات مطولة أجريت معها خلال العام الأوّل من الولاية الثانية لترامب، في إطار مشروع صحفي يهدف إلى توثيق عمل رؤساء موظفي البيت الأبيض.

وظهرت وايلز في المقابلة بصفتها الشخصية الأقوى بعد الرئيس، مقدّمة روايتها الخاصة عن إدارة الأزمات، والعلاقات داخل الفريق، وحدود نفوذها في توجيه الرئيس أو كبح اندفاعاته.

تطرقت وايلز إلى شخصية ترامب، ووصفتها بأنّها تشبه "شخصية مدمن كحول" من حيث الاندفاع والمبالغة في ردود الفعل، مع تأكيدها أن ترامب لا يشرب الكحول. وأكّدت وايلز، وفق فانيتي فير، أنّها حاولت في مناسبات عدة إقناع ترامب بتخفيف قرارات أو تأجيلها، لا سيما فيما يتعلق بالعفو عن المتورطين في اقتحام الكونغرس.

كما تضمنت المقابلة توصيفات مباشرة لشخصيات بارزة في الإدارة وخارجها، إذ قالت سوزي وايلز إنّ نائب الرئيس جي دي فانس انتقل من موقع معارض لترامب إلى داعم له بدافع سياسي، واصفة هذا التحول بأنه لم يكن أيديولوجيا بقدر ما كان تكيفا مع الواقع داخل الإدارة.

كما تحدثت عن وزيرة العدل بام بوندي في سياق الخلافات الداخلية حول ملفات حساسة، من بينها قضايا العفو والوثائق، من دون الدخول في تفاصيل شخصية.

وفي ما يتعلق بمدير مكتب الإدارة والميزانية راسل فوغت، وصفته بأنه صاحب قناعات أيديولوجية صارمة، مشيرة إلى تمسكه برؤية يمينية متشددة في إدارة الدولة.

أما الملياردير إيلون ماسك، فتناولت سلوكه وتصريحاته في سياق تأثير رجال الأعمال على السياسة، وقالت إن بعض مواقفه العلنية بدت لها غير متزنة، في إشارة إلى منشورات أثارت جدلا واسعا.

إبستين، يناير، والملفات الحساسة

خصصت فانيتي فير حيزا واسعا من المقابلة لحديث وايلز عن ملف جيفري إبستين، الذي يشكل قضية حساسة لدى قاعدة ترامب السياسية. وقالت وايلز إن إدارة ترامب أخطأت في تقدير أهمية الملف بالنسبة لأنصاره، وإن طريقة التعامل معه من قبل وزارة العدل لم تكن موفقة.

ونقلت المجلة عنها قولها إن ترامب ورد اسمه في ملفات إبستين، لكنها شددت على أنه لم يكن متورطا في أي أفعال غير قانونية. وأضافت أن الادعاءات حول زيارة الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون لجزيرة إبستين الخاصة لا تستند إلى أدلة، وهو ما اعتبرته تصحيحا لتصريحات أدلى بها ترامب سابقا.

وفي ما يتعلق بأحداث 6 يناير، قالت وايلز إنها حاولت كبح اندفاع الرئيس نحو إصدار عفو واسع عن المدانين، معتبرة أن الملف شديد الحساسية وله تبعات سياسية وقانونية. وأشارت إلى أن قرارات العفو اتخذت في مناخ ضغوط سياسية داخلية، وسط مطالب من أنصار ترامب باتخاذ خطوات حاسمة.

ردود الفعل.. البيت الأبيض في موقع الدفاع

نيويورك تايمز بأن نشر مقابلة فانيتي فير دفع الرئيس ترامب وعددا كبيرا من كبار المسؤولين إلى الدفاع العلني عن سوزي وايلز، في محاولة لاحتواء تداعيات ما وُصف بأنه أخطر تسريب سردي من داخل البيت الأبيض منذ بداية الولاية الثانية.

ونقلت الصحيفة عن ترامب قوله، في تصريحات لصحيفة

نيويورك بوست إنه لم يقرأ المقابلة بالكامل، لكنه وصف وايلز بأنها "تقوم بعمل رائع"، ولم ينف توصيفها لشخصيته، بل قال إن لديه "شخصية قوية ومندفعة" حتى من دون شرب الكحول.

وأضافت نيويورك تايمز أن أكثر من ١٠ أعضاء في الحكومة نشروا بيانات دعم لوايلز على منصة إكس، مؤكدين ثقتهم بها وولاءها للرئيس. كما دافع نائب الرئيس جي دي فانس عنها، قائلا إنه لم يشكك يوما في إخلاصها لترامب، رغم الخلافات بينهما.

تغريدة وايلز.. هجوم مباشر على فانيتي فير

في رد نادر على وسائل التواصل الاجتماعي، نشرت سوزي وايلز تغريدة مطولة على منصة إكس، وصفت فيها تقرير فانيتي فير بأنه "مقال مضلل ومفبرك الإطار، متهمة المجلة بحذف السياق وتشويه مضمون تصريحاتها".

وقالت وايلز إن كثيرا مما قالته عن الرئيس والفريق لم يُنشر، وإن الهدف من الصياغة كان رسم صورة فوضوية وسلبية عن إدارة ترامب. وأكدت أن البيت الأبيض أنجز خلال ١١ شهرا ما لم تنجزه إدارات أخرى خلال ٨ سنوات، بحسب تعبيرها.

ديلي كالر أن تغريدة وايلز جاءت بعد صدمة داخل الإدارة من الطريقة التي قُدمت بها المقابلة، وأنها تمثل أول رد علني لها منذ فترة طويلة، نظرا لاعتيادها العمل بعيدا عن الأضواء.

موقف ترامب وحلفائه.. وحدة الصف

بحسب نيويورك تايمز، سعى ترامب إلى إظهار وحدة الصف داخل إدارته، عبر الإشادة بوايلز علنا، وتشجيع كبار المسؤولين على الدفاع عنها. ووصفها نجله دونالد ترامب الابن بأنها "أكثر رؤساء الموظفين كفاءة وثقة" عمل معهم والده.

كما أشادت وزيرة العدل بام بوندي بوايلز، مؤكدة أنها تعمل على تنفيذ أجندة الرئيس بـ"ولاء وكفاءة".

وفق تقرير مطول نشرته صحيفة

بوليتيكو تعد سوزي وايلز واحدة من أكثر الشخصيات نفوذا وأقلها ظهورا في السياسة الأميركية. بدأت مسيرتها في العمل السياسي في فلوريدا، وبرزت كمديرة حملات انتخابية فعالة، قبل أن تصبح العقل التنظيمي لحملات ترامب.

ووصتفها بوليتيكو بأنها شخصية صارمة، تعتمد الانضباط والسيطرة، وتؤمن بأن دورها ليس تقييد الرئيس بل تنفيذ رؤيته بأقصى قدر من الكفاءة.

ليبيراسيون الفرنسية وايلز بأنها "المرأة الأقوى في العالم" بحسب ترامب، مشيرة إلى أنها أول امرأة تتولى منصب رئيسة موظفي البيت الأبيض في تاريخ الإدارات الجمهورية.

ويونيوز الهندية، فقد تناولت سيرة سوزي وايلز من زاوية شخصية وعائلية، مبرزة خلفيتها الأسرية ودورها في تشكيل شخصيتها السياسية. وأشارت القناة إلى أن وايلز هي ابنة المذيع الرياضي الأميركي المعروف بات سومرال، الذي عمل لسنوات طويلة في تغطية بطولات كرة القدم الأميركية، وأن نشأتها في بيئة إعلامية أسهمت في صقل مهاراتها في التواصل وفهم الرأي العام.

وسلّط التقرير الضوء على تجربة وايلز المبكرة مع الإدمان داخل محيطها العائلي، موضحا أن هذه التجربة تركت أثرا عميقا في مقاربتها للشخصيات العامة والسلوكيات الاندفاعية. وذكرت فانيتي فير أن وايلز ربطت بين هذه التجربة الشخصية وبين قدرتها على فهم شخصية دونالد ترامب، خاصة في ما يتعلق بالتقلبات المزاجية، والحاجة إلى السيطرة، وإدارة الأزمات اليومية.

وبحسب القناة، ترى وايلز أن هذا الجانب من سيرتها الذاتية ساعدها على تطوير أسلوب عملي يقوم على الاحتواء والتنظيم ووضع حدود واضحة داخل بيئة سياسية تتسم بالفوضى والتوتر المستمر، وهو ما انعكس على أدائها في موقعها داخل البيت الأبيض، كما ورد في المقابلة.

هذا المحتوى مقدم من Blinx - بلينكس