لغة الضاد.. رحلة الارتقاء بالذات - بقلم: عزت سلامة العاصي

يقولون إن لغة المرء هي مرآة روحه، ومستودع فكره، وعنوان هويته التي يطل بها على العالم، وكلما تعمقنا في بحور اللغة العربية، وجدنا أنفسنا نرتقي فوق رتابة الحديث اليومي وعشوائية الكلمات العابرة..

في الثامن عشر من ديسمبر، حين يحيي العالم ذكرى اعتماد العربية لغة رسمية في أروقة الأمم المتحدة، نحن لا نحتفي بمجرد أداة للتفاهم أو وعاء للمعلومات، بل بكيانٍ حي يمنح صاحبه وقاراً وهيبة لا تخطئهما العين، وبميراثٍ حضاري جعل من الكلمة أمانة عظمى، ومن البيان سحراً وجلالاً يخلب الألباب..

فاللغة العربية ليست مجرد قواعد جافة تُحفظ، أو قوالب إعرابية جامدة تُلقن، بل هي في جوهرها رحلة صعود مستمرة نحو التميز الإنساني؛ فمن صان لسانه صان فكره، والمرء حين يحرص على سلامة لغته ورسم حروفه، هو في الحقيقة يحرص على استقامة شخصيته وثبات منطقه، إذ كان أسلافنا يدركون بعمق أن "اللحن" أو الخطأ في اللغة ليس مجرد هفوة عارضة، بل هو خدش في مروءة الإنسان ورصانته وصورته أمام المجتمع، فكيف إذا صار هذا اللحنُ سلوكاً كتابياً معتاداً يزاحم الأصالة في ديارها؟

لقد مضى أكثر من عقدين من الزمان حين كان أساتذتنا يحذروننا من أن اللحن في اللغة قد أضحى ظاهرة تستحق الالتفات، فإذا كان هذا التحذير قد أُطلق قبل عشرين عاماً، أي قبل أن يتسع بيننا فضاء الإنترنت وتجتاحنا موجات التواصل الاجتماعي، فماذا عسانا نقول اليوم؟

إننا نعيش في عصرٍ أضحت فيه اللغة السليمة خطأ في اللحن، بدا ذلك جليًا بعد أن فتحت منصات التواصل نوافذ شاسعة نضحت بكل ما هو غث وضحل، حيث انهمر سيلٌ من الكتابات المشوهة التي تفتقر لأدنى معايير الدقة، حتى اختلط الحابل بالنابل، وصرنا نرى منشورات لقامات كان يُفترض بهم أن يكونوا حراس الثقافة وسدنة الحرف، وهي تعج بأخطاء بدائية لا تليق بمكانتهم ولا بهيبة اللغة التي يكتبون بها.

من المحزن حقاً أن يغيب في عصرنا هذا أبسط قواعد الرسم الإملائي، فيتعثر الكاتب في التفريق بين التاء المربوطة والهاء المتطرفة في بيان رسمي، أو تسقط همزات القطع والوصل من نصوصه كأنها زوائد لا قيمة لها، وكأن لغتنا العظيمة التي وسعت آفاق الإعجاز ضاقت بكلمات معدودات يسطرها مسؤول لجمهوره..

هذا التراخي في الكتابة لا يعكس مجرد ضعف تعليمي عابر، بل زهدٌ مقلقٌ في الوقار اللغوي الذي هو جزء أصيل من هيبة المنطق والسمت العام، وبقدر ما يحترم الكاتب لغته، تمنحه اللغة من وقارها جلالاً ومن سحرها تأثيرًا.

وفي خضم هذا التراجع، تبرز أحياناً أصوات من محبي العربية في الأقطار الشقيقة، ومنها بعض الانتقادات التي قد تبدو قاسية لكنها نابعة من غيرة ومحبة، كتلك الملاحظات التي تشير إلى تراجع إتقان الفصحى لدينا، لا سيما في الأوساط الفنية التي تملك التأثير الأكبر على الوجدان الشعبي..

ورغم أن مصرنا كانت ولا تزال منارة للغة العربية، وقبلةً للأدباء.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة المشهد المصرية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة المشهد المصرية

منذ ساعة
منذ ساعة
منذ ساعة
منذ ساعة
منذ ساعة
منذ ساعة
موقع صدى البلد منذ 8 ساعات
صحيفة اليوم السابع منذ 11 ساعة
صحيفة المصري اليوم منذ 12 ساعة
صحيفة المصري اليوم منذ 13 ساعة
صحيفة المصري اليوم منذ ساعة
صحيفة المصري اليوم منذ 17 ساعة
صحيفة اليوم السابع منذ 5 ساعات
صحيفة المصري اليوم منذ 18 ساعة