دعا فتحي زهير نوري محافظ البنك المركزي التونسي قادة الأعمال إلى تبني "ثقافة استثمارية جديدة". تتضمن هذه الثقافة تحويل المدخرات والمخاطر إلى أصول إنتاجية (كالمصانع والتقنيات الرقمية والطاقة)، وقياس النجاح بناءً على محفظة الأصول بدلاً من الرصيد البنكي. وأوضح هذه النقطة قائلاً: "يجب الانتقال من نموذج 'البنك + الأسهم' إلى بنية مالية شاملة: البنوك، والصناديق، والمغتربين، والمنصات".
الجواب المباشر على هذا النداء ليست المسألة مرتبطة بما سماه ثقافة استثمارية جديدة لان هذا الاتجاه كلاسيكي مشحون بكلام لم يعد له وقع حقيقي على مجرى الواقع الاقتصادي المتغير باستمرار
واقع الظروف الحالية
الظروف أفضل الآن، لكنها تختلف تمامًا عن ظروف الفترات الأولى من واقع البلاد. لقد تغير كل شيء، وما زال يتغير، متخذًا أشكالًا أكثر تعقيدًا في ظاهرها، وبساطة في جوهرها، لكنها أسهل إدارةً لمن يمتلكون رؤية ثاقبة وروحًا ابتكارية. ولّى زمن الصناعات التقليدية التي كانت في متناول أي مستثمر ذي موارد مالية متوسطة. لم تعد الصناعات ذات القيمة المضافة المنخفضة، كالمنسوجات والملابس، والدهانات ومشتقاتها، والكابلات، والمنظفات ومنتجات التنظيف، والصناعات الملوثة، والجلود والأحذية، وغيرها، تُعتبر معايير صناعية، لأنها لا توفر قيمة مضافة كبيرة. ونتيجةً لذلك، اضطرت الدول الصناعية، بحكمة، إلى نقل صناعاتها التقليدية إلى الدول النامية حيث العمالة رخيصة. مثّلت هذه الصناعات عبئًا اقتصاديًا، رغم أنها كانت في يوم من الأيام منطلقًا لتطورها الصناعي، وشكّلت مدن عديدة مراكزَ لهذا النوع من الصناعات
متطلبات الاستثمار الحقيقي
يتطلب الاستثمار في يومنا هذا، عصر العولمة التي تتحكم في العالم، قبل كل شيء، الفكرة قبل المال، والجوهر قبل الملموس. إن الإمكانيات في هذا المجال هائلة، لكن تحقيقها، بل وتحديدها، يتطلب دراسة معمقة تستند إلى البيانات الحالية والمستقبلية. ويُعدّ البحث عن فرص الاستثمار الجانب غير الملموس من هذه العملية، فهو سرّ اتخاذ القرارات، وهو ما يجعلنا أقرب إلى الحقيقة. تبدأ حقيقة الازدهار لحظة أن نصبح أكثر مسؤولية عن مستقبل البلاد الصناعي. يجب على القادة، سواء في القطاع الخاص أو العام، أن ينظروا إلى التصنيع كعملية شاملة تُعطى فيها الأولوية لمصالح المجتمع ككل
يرى العديد من قادة الأعمال والمسؤولين الاقتصاديين والمستثمرين قطاعات تقليدية ذات قيمة مضافة منخفضة تفتقر إلى جهود الصناعة الحديثة، مثل المنسوجات والملابس والجلود والأحذية، أو غيرها من القطاعات شديدة التنافسية. لذا، يُوصى بشدة أن تبحث القطاعات أو الفروع التي تعاني من ضعف حاد أو تراجع مستمر عن فرص بديلة واعدة، بدلاً من محاولة تعزيزها على حساب إمكانيات وحلول أخرى قد تُنقذ الوظائف في هذه الأنشطة
استراتيجية الاستثمار الجديدة
تتضمن استراتيجية الاستثمار الجديدة التخطيط لحلول بديلة للصناعة المزمع إنشاؤها، إما قبل بدء تشغيلها أو قبل وصولها إلى مرحلة التراجع. بعبارة أخرى، من الضروري وضع خطط إنقاذ وقائية مع الاستعداد في الوقت نفسه للتنويع. يجب أن تتضمن هذه الاستراتيجية الجديدة، من بين أمور أخرى، بيانات عن الصناعة في الدول المرجعية، مما يتطلب تحليلاً دقيقاً لوضعها قبل أي عملية استحواذ. فبدون معرفة خلفية الصناعة، لا يمكن تقييم أهميتها الحقيقية وتأثيرها المستقبلي على التنمية الصناعية للبلاد. على سبيل المثال، فوي وقت ما أطلقت تونس سياسة جديدة للطاقة المتجددة، وهي مجال جديد حقيقي له تأثير إيجابي للغاية على الصناعة التونسية، شريطة أن تكون استراتيجية تطوير هذه الصناعة الجديدة محددة بوضوح. لا تقتصر الأهمية على الطاقة المتجددة فحسب، بل إن الواقع الجديد يُلزمنا بالتفكير على المدى البعيد. وهذا يعني إدراك أن تونس، وشمال أفريقيا تحديدًا، تُعتبر المصدر الرئيسي للطاقة في المستقبل. ستحل هذه الطاقة محل النفط، وستؤكد الأيام القادمة هذا التوجه الجديد، الذي لا يزال صناع القرار الأوروبيون الرئيسيون يُخفونه. يُعد تحديد دورة حياة هذه الصناعة.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من باب نت
