تعوّل قطر على وفرة طاقتها منخفضة التكلفة لتعويض الوقت الضائع في سباق الذكاء الاصطناعي في الخليج، على أمل أن تساعدها الكهرباء الرخيصة والقدرات المالية الكبيرة على اللحاق بالمنافسين في المنطقة الذين حققوا بالفعل السبق في هذا المجال.
ويمثل إطلاق شركة «كاي»، المدعومة من صندوق الثروة السيادي في البلاد، بقيمة 526 مليار دولار والمشروع المشترك بقيمة 20 مليار دولار مع بروكفيلد أكثر خطوات قطر طموحاً حتى الآن في قطاع يعيد تشكيل التكنولوجيا والاقتصاد في العالم، بحسب «رويترز».
«كهرماء» قطر و«غوغل كلاود» تتشاركان لتعزيز الذكاء الاصطناعي
استثمارات ضخمة
وتلحق قطر بركب الاستثمارات الضخمة في السعودية وأبوظبي ودبي في الإمارات في إطار مساعي المنطقة الأوسع نطاقاً لتنويع مصادر الدخل بعيداً عن عائدات النفط.
ولكن في حين أن ميزة الطاقة تمثل عامل جذب قوياً للشركات العملاقة في مجال الحوسبة السحابية مثل غوغل ومايكروسوفت وميتا التي تقود تبني الذكاء الاصطناعي، يقول محللون إن طموحات الخليج تواجه عقبات هيكلية تتجاوز البنية التحتية.
تجاوز التحديات
ولكي تصبح دول الخليج لاعباً مهماً في مجال الذكاء الاصطناعي، يتعين عليها شق طريقها عبر مجموعة كبيرة من التحديات تشمل محاكاة حوكمة البيانات على النمط الغربي والحصول على الرقائق المتقدمة النادرة في ظل ضوابط التصدير الأميركية، واستقطاب أفضل الكفاءات ضمن سوق عالمية شديدة التنافسية.
هذه العوامل، وليس رأس المال وحده، هي التي ستحدد ما إذا كانت المنطقة قادرة على تحويل قوتها المالية إلى نفوذ ملموس في منظومة الذكاء الاصطناعي.
ثروات بالمليارات تولد من طفرة الذكاء الاصطناعي
يقول الرئيس العالمي لمراكز البيانات في نايت فرانك ستيفن بيرد: «نعتقد أن العنصر الأساسي هناك يتمثل في قدرة قطر على محاكاة السياسة الأميركية بشأن قوانين خصوصية البيانات.. فعندما تنظر حول العالم في الوقت الراهن، فإن أكبر عائق منفرد أمام نشر واسع النطاق للذكاء الاصطناعي هو الجانب التنظيمي».
ولم تكشف قطر سوى القليل من التفاصيل عن شركة «كاي»، غير أن توقيت الإعلان يعكس زيادة الطلب على بنية الذكاء الاصطناعي التحتية مع رهان الشركات على هذه التكنولوجيا لتعزيز الكفاءة وخفض التكاليف.
وقال الزميل البارز في معهد الشرق الأوسط في واشنطن محمد سليمان، «الطلب على قدرات الحوسبة هائل إلى درجة أن أي توسع جديد في بناء البنية التحتية في قطر الغنية بالطاقة، مع توليها توفير التمويل، يُعد خبراً مرحباً به من قبل شركات الحوسبة فائقة النطاق الأميركية.. وفي هذه المرحلة من توسع الذكاء الاصطناعي، هناك مساحة لوجود العديد من اللاعبين».
ومع ذلك، يحذر محللون أن اجتذاب طلب مشغلي الحوسبة فائقة النطاق سيتطلب استثماراً مستداماً وتوافقاً في السياسات على مدى سنوات طويلة.
وقال المحلل في «ويدبوش» دان آيفز: «نتوقع إنفاق 800 مليار دولار على توسع بناء مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط خلال العامين المقبلين».
«DLA Piper»: الخليج اختار نموذجاً متوازناً لتنظيم الذكاء الاصطناعي
كهرباء أرخص
تكمن الميزة التنافسية لقطر في الكهرباء منخفضة التكلفة، والتي يمكن أن تعوض تكاليف التبريد المرتفعة في المنطقة في مناخ صحراوي. ويشير بنك الإمارات دبي الوطني إلى أن متوسط معدل مؤشر فعالية استخدام الطاقة، وهو مقياس لكفاءة الطاقة في مراكز البيانات في الشرق الأوسط، يبلغ 1.79 مقابل 1.56 على مستوى العالم.
ويتوقع بيرد أن تصبح قطر سوقاً للطاقة تتراوح قدرتها بين 1.5 و2 غيغاوات بحلول عام 2030 إذا حافظت على أسعار الطاقة المنخفضة وسرّعت وتيرة التطوير.
وفي المقابل، تهدف شركة «هيوماين» السعودية إلى الوصول إلى 6 غيغاوات بحلول عام 2034، بينما تقوم شركة جي 42 الإماراتية ببناء المرحلة الأولى من مجمع الذكاء الاصطناعي بقدرة 5 غيغاوات، والذي من المقرر أن يكون من بين الأكبر في العالم خارج الولايات المتحدة.
وقال الرئيس العالمي للبنية التحتية للاتصالات «في.آر.بي.سي» جوناثان أتكين، إن تقدم قطر سيكون ملحوظاً إذا وصلت إلى 500 ميغاوات بحلول عام 2029، مضيفاً أن معدلات الاستخدام ستكون مهمة بقدر أهمية السعة.
ووفقاً لبنك الإمارات دبي الوطني، تستضيف الإمارات حالياً 35 مركزاً للبيانات، والمملكة العربية السعودية 20 مركزاً، وقطر خمسة. أما الولايات المتحدة فهي موطن لأكثر من خمسة آلاف مركز.
وبفضل ثروتها السيادية، تتمتع قطر بقوة مالية كبيرة، لكنها تواجه تحدياً كبيراً في مواجهة منافسين راسخين في هذا المجال.
وقال مدير شركة كاونتر بوينت للأبحاث مارك آينشتاين، في إشارة إلى السعودية وأبوظبي ودبي في الإمارات: «أعتقد أنه من الإنصاف القول إن قطر/الدوحة هي الوافد المتأخر في سباق رباعي. صحيح أن لديها بعض المزايا.. لكن من حيث الحجم والنطاق، فإن جيرانها في وضع أفضل بكثير».
وإلى جانب البنية التحتية، يشكل الالتزام عنصراً أساسياً، إذ يتعين على شركتي «هيوماين» و«جي 42» الالتزام بالقواعد الأميركية الصارمة المتعلقة باستخدام الرقاقات لضمان الحصول على معالجات «بلاكويل» المتطورة من شركة التكنولوجيا الأميركية العملاقة «إنفيديا». وستحتاج شركة «كاي» إلى تقديم ضمانات مماثلة لواشنطن.
وقال سليمان: «تريد الولايات المتحدة رؤية واضحة لمكان وجود كل شريحة، ومن يستخدمها، وما هي الشبكات التي تتصل بها. وهذا يعني تقارير مفصلة وعمليات تفتيش ميدانية وقواعد صارمة للفنيين من البلدان ذات المخاطر العالية.. هذا أمر ستراقبه الولايات المتحدة عن كثب مع مرور الوقت».
هذا المحتوى مقدم من إرم بزنس

