تاريخ طويل من العلاقات الغامضة والمتشابكة بين واشنطن وأخطر تنظيم سري عالمي... هل سيفترق "الإخوان" عن الأميركيين؟

ملخص هل سيفترق "الإخوان" عن الأميركيين؟ أم في الأمر مناورة سياسية أو عملياتية ما؟ هذا ما ستكشفه الأحداث خلال شهرين من الزمان بعدما تقول وزارتا الخزانة والخارجية رأيهما في قرار ترمب.

على حين غرة، وجد الأميركيون والعالم أنفسهم، ليل الإثنين الـ24 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أمام أمر تنفيذي من الرئيس دونالد ترمب تم بموجبه تصنيف بعض من فروع جماعة "الإخوان المسلمين" "منظمات إرهابية أجنبية "، الأمر التنفيذي بدروه، وكما كل شيء متعلق بالرئيس ترمب، يدعو إلى التساؤلات المعمقة، ذلك أنه لا يستهدف التنظيم العالمي لـ"الإخوان" برمته، بل بعض الفروع مثل مصر ولبنان والأردن، والحجة عند سيد البيت الأبيض أنها جماعة تدعم العنف وتشارك في حملات من أجل زعزعة الاستقرار في المنطقة. هل بدأت الولايات المتحدة في عهد ترمب مسيرة مغايرة مع جماعة "الإخوان المسلمين" في اتجاه معاكس لعلاقة تقارب اليوم ثمانية عقود بين واشنطن والتنظيم الذي يعتبر رأس الأصوليات "الجهادية" العنيفة في الشرق الأوسط والعالم؟

LIVE An error occurred. Please try again later

Tap to unmute Learn more

حسن البنا مؤسس جماعة "الإخوان المسلمين" (أ ف ب/ غيتي)

المؤكد أن الأمر يحتاج إلى حفر عميق على صعيد الأحداث التاريخية، ومحاولة فض الاشتباك بين ما هو ديني مسيس من جانب الولايات المتحدة، لا سيما في زمن الأزمات مع الاتحاد السوفياتي، وما هو مؤدلج كما الحال مع جماعة ترفع شعارات الدعوة، فيما باطنها يحمل برامج سياسية، وفكراً لحكومة أشبه ما تكون بالعالمية، على أنه قبل الخوض في غمار القراءات التاريخية، ربما ينبغي أن نشير إلى أن قرار الرئيس ترمب لم يأت فجأة كما يتراءى لكثر، إذ من الواضح أنه جاء ضمن خطوات ممنهجة تجاه "الإخوان المسلمين" في الداخل الأميركي، فقد سبق أمر ترمب التنفيذي قيام حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت نهار الثلاثاء الـ18 من نوفمبر الماضي بتصنيف الجماعة في الولاية، ومجلس العلاقات الأميركية - الإسلامية "كير" كمنظمة إرهابية أجنبية و"إجرامية عابرة للحدود"، واتهم أبوت "الإخوان المسلمين" بـ"الانتظام في الإرهاب ومحاولة زعزعة استقرار البلدان"، ويستند الأمر إلى قانون العقوبات وقانون الملكية في ولاية تكساس اللذين يسمحان للحاكم بتصنيف المنظمات التي تهدد أمن هذه الولاية. ووجد أمر الحاكم أبوت ومن بعده أمر الرئيس ترمب، ترحيباً واسعاً من السيناتور الجمهوري اليميني تيد كروز، الذي اعتبر الأمرين مهمين جداً للأمن القومي الأميركي، وسلامة الأميركيين، مشيراً إلى أن المشهد كان بمثابة معركة عبر أكثر من عقد من الزمن، أما المثير في تعليق كروز فقوله إن إدارة ترمب واجهت مقاومة شرسة من أنصار جماعة "الإخوان المسلمين" من البيروقراطيين المتأصلين في الحكومة الأميركية، مما يفتح الباب واسعاً أمام أحاديث مطولة عن "الإخوان" والحكومات الأميركية منذ النصف الأول من القرن الـ20، وصولاً إلى التجلي الأخطر في زمن باراك أوباما ودعم الديمقراطيين الجماعة في الشرق الأوسط.

أميركا و"الإخوان" حديث البدايات في مؤلفه الشهير "مسجد في ميونيخ" لفت الكاتب الكندي المعروف أين جونسون، النظر إلى أن الولايات المتحدة، ربما سارت على نهج نظام الرايخ الثالث في التلاعب بالتيارات الإسلامية، لا سيما جماعة "الإخوان المسلمين" إذ كان التفكير عند الفوهرر (أدولف هتلر) وجيشه تشكيل فيلق من مسلمي الشرق الأوسط لقتال دول المحور.

هل بدأت الولايات المتحدة في عهد ترمب مسيرة مغايرة مع جماعة "الإخوان المسلمين" (أ ف ب/ غيتي)

في قراءة معمقة أخرى للباحث محمد علي عدراوي الأستاذ وزميل ماري سكلودوفسكا كوري في كلية "إدموند وولش" للخدمة الخارجية بجامعة "جورج تاون" الأميركية المرموقة أشار إلى وثائق أرشيفية لوزارة الخارجية الأميركية رفعت عنها السرية قبل عام 1979، عن علاقة أميركية مع جماعة "الإخوان المسلمين" اتسمت بالفوضى والمصالح الذاتية، ويبدو أن الدبلوماسيين الأميركيين الذين خدموا في مصر تجاهلوا الجماعة فترة طويلة، فحتى منتصف أربعينيات القرن الماضي لم تشر أي تقارير أو مراسلات دبلوماسية أو وثائق أخرى صادرة عن السفارة الأميركية لدى القاهرة إلى جماعة "الإخوان المسلمين"، وكانت أول برقية أرسلها دبلوماسيون مقيمون في القاهرة بتاريخ الـ29 من أبريل (نيسان) عام 1944 تشير إلى ما سمته "الجماعة الإسلامية المتعصبة: الإخوان المسلمون".

المثير في رواية عدراوي إشارته إلى أنه وقبل هذه البرقية بأيام قليلة وجه "الإخوان" رسالة باللغة العربية إلى السفير الأميركي لدى مصر، طالبين ليس فقط توضيح الموقف الأميركي في شأن القضية الفلسطينية ودعم العرب، ولكن أيضاً الضغط من واشنطن هلى حلفائها البريطانيين والفرنسيين الذين اتهمتهم الجماعة بقمع واستعمار السكان المسلمين . وعطفاً على ذلك، ففي مذكرة الـ29 من أبريل، حذر دبلوماسيون أميركيون من الحركة التي أرجعوا تأسيسها بالخطأ إلى عام 1938 (في الواقع أسست جماعة الإخوان قبل 10 أعوام)، مما يدل على مدى ضآلة معرفتهم بالجماعة، وزعموا أن تنظيم "الإخوان" هذا يستحق الحذر بسبب "إلزام أعضائه مبادئ متعصبة"، وترويجه "الشريعة القرآنية" والاعتقاد بأن أي شيء غير مسلم يجب كرهه. غير أن مياهاً كثيرة ستجري لاحقاً بين الأميركيين و"الإخوان"، بخاصة بعد ثورة يوليو (تموز) عام 1952، التي قادها الضباط الأحرار، وبحسب كثير من الروايات، كانت نسبة معتبرة منهم، وعلى رأسهم جمال عبدالناصر نفسه، كانوا أعضاء في جماعة "الإخوان"، وقد حمل ناصر الاسم الحركي "زغلول"، وفي الوقت عينه كان تمدد الاتحاد السوفياتي يفزع الولايات المتحدة، وبدا واضحاً أن هناك حاجة إلى "الإخوان" للعب دور ما في بدايات الحرب الباردة، ماذا عن ذلك؟

اتهم حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت "الإخوان المسلمين" بـ"الانتظام في الإرهاب ومحاولة زعزعة استقرار البلدان" (رويترو)

"الإخوان" والأميركان... لعبة الشيطان في كتابه الشيق والشائك "لعبة الشيطان... كيف ساعدت الولايات المتحدة على إطلاق العنان للأصولية الإسلامية"، يميط الكاتب الأميركي روبرت دريفوس اللثام عن أبعاد العلاقات الأميركية - الإخوانية في بدايات النصف الثاني من القرن الـ20، في ذلك الوقت كان الهدف الرئيس للغرب الأميركي والأوروبي مواجهة الصعود السريع للشيوعية، وقطع الطريق على تنامي نفوذها. في هذا السياق ولدت فكرة "لاهوت الاحتواء" للأخوين دالاس، ستيفن وآلان، أحدهما كان وزيراً للخارجية الأميركية، والآخر مديراً للاستخبارات المركزية الأميركية. والفكرة باختصار، تبدت في استغلال الرفض الإيماني والوجداني عند مسلمي الجمهوريات السوفياتية ضد البلاشفة، غير أنه كانت هناك شكوك دائمة حول هؤلاء وأنه لا يمكن إغراؤهم أو تشجيعهم على الثورة ضد حكم موسكو، وكانت الدبلوماسية الأميركية تعمل بسرعة شديدة بهدف إيجاد طرق لقطع الطريق على السوفيات حول العالم بصورة عامة، وفي منطقة الخليج العربي خصوصاً، حيث كان النفط في بدايات تدفقه على الغرب من أرض العرب. وبحسب وثائق الخارجية الأميركية المفرج عنها نجد مذكرة مؤرخة في الـ23 من ديسمبر (كانون الأول) عام 1952، رفعها مستشار السفارة الأميركية لدى القاهرة روبرت ماكلينوك، وفيها سرد لمحادثاته مع بعض كبار قادة "الإخوان" مثل حسن الهضيبي، القاضي الذي خلف حسن البنا، مؤسس الحركة، كمرشد عام، ومحمود مخلوف، وسعيد رمضان، صهر البنا، وآخرين، والمذكرة توضح تنامي العلاقة بين الجانبين، ويروي ماكلينوك رؤيته للجماعة التي دعمت إطاحة الملك فاروق والنظام الملكي، ومقدار كراهيتهم للشيوعية في مصر، من هنا يمكن القطع بأن واشنطن أرست علاقة وظيفية براغماتية مع "الإخوان" كان منطلقها مقدرة هؤلاء على حشد أتباعها لمساعدة الولايات المتحدة في مأزقها الخاص بالشيوعية.

كان التفكير عند الفوهرر (أدولف هتلر) وجيشه تشكيل فيلق من مسلمي الشرق الأوسط لقتال دول المحور (رويترز)

وبالوصول إلى أواخر صيف عام 1953 قام البيت الأبيض بدور خشبة المسرح للقاء الذي جرى، من دون ملاحظة تذكر، بين الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور وشاب مثير للمتاعب ذي ملامح شرق أوسطية. في الصورة التذكارية ذات اللونين الأبيض والأسود التي التقطت بهذه المناسبة، يبدو أيزنهاور في صورة الجد الأصلع وكان يبلغ من العمر آنذاك 63 سنة، على يساره شاب لا يتجاوز الـ27، ولم يكن الأخير سوى سعيد رمضان، صهر البنا، الذي سيستوطن سويسرا لاحقاً هرباً من عبدالناصر، لكن بعدما أرسى دعائم علاقات قوية بين الأميركيين و"الإخوان المسلمين".

وستمضي الأحداث تباعاً طوال الستينيات والسبعينيات، وفي نهاية الحقبة الأخيرة ستطفو على السطح الحقبة الذهبية لتعاون واشنطن مع الحركات "الجهادية"، وكلها بإجماع المفكرين ولدت من رحم "الإخوان"، بهدف مواجهة قوات الاتحاد السوفياتي في أفغانستان، ومن هناك ستولد "القاعدة"، ثم "داعش"، وبقية حبات مسبحة العنف المعروفة.

بعد سقوط الاتحاد السوفياتي خيل لكثر أن الولايات المتحدة فقدت علاقتها مع "الإخوان المسلمين" لا سيما بعد نهاية دورهم الوظيفي، لكن مع بدايات عام 2011، وحلول زمن ما عرف بـ"الربيع العربي" سيتبين للجميع أن العلاقة قائمة وقادمة.

بعد ثورة يوليو عام 1952 التي قادها الضباط الأحرار، وبحسب كثير من الروايات، كانت نسبة منهم، وعلى رأسهم جمال عبدالناصر، كانوا أعضاء في جماعة "الإخوان" (ويكيميديا)

عن أوباما و"الإخوان"... بئر الأسرار ماذا حدث في مصر في خلال يناير (كانون الثاني) عام 2011؟

الجواب عن علامة الاستفهام المتقدمة يحتاج إلى مؤلفات قائمة بذاتها، وليس فقرة في قراءة، غير أنه باختصار، يمكن القطع بأن الأيام العصيبة التي عاشتها مصر في تلك الأوقات، لم تخل من دور أميركي فاعل ومؤثر، فتح الباب واسعاً للجماعة للوصول إلى سدة الحكم في عهد الرئيس الأميركي الديمقراطي باراك أوباما.

كان من الواضح أن أوباما الذي التقت إدارته سراً وعلانية بكثير من النافذين في جماعة "الإخوان المسلمين"، وفي مقدمتهم عصام الحداد، المستشار السياسي لمحمد مرسي، رجل "الإخوان" الصاعد عبر انتخابات حسمت نتيجتها بتدخل من السفيرة الأميركية آن باترسون، قد تبنت سياسات تفضل جماعة "الإخوان المسلمين" في مصر، فيما أدت وزيرة الخارجية في ذلك الوقت هيلاري كلينتون دوراً واضحاً ومتقدماً في تصعيد الجماعة إلى سدة الحكم، وليس سراً القول إنها مارست أنواعاً من الضغوط على المؤسسة العسكرية المصرية، عبر التهديد بقطع المساعدات العسكرية، لعله من المثير للاهتمام أن إدارة أوباما استخدمت مصطلح "الإسلاميين المعتدلين" لوصف جماعة "الإخوان المسلمين" في مصر.

كان أوباما أيضاً الرجل الذي أتاح للنظام الإيراني فرصة ذهبية عبر الاتفاق النووي الشهير، مما استفاد منه النظام الحاكم هناك بصورة واضحة، كذلك فإن إدارة ترمب عينها، هي من وصفت الرئيس الإيراني حسن روحاني بأنه "إصلاحي معتدل"، على رغم تزايد انتهاكات حقوق الإنسان في إيران خلال عهد روحاني.

هل كانت إدارة باراك أوباما وراء اتفاقات سرية مع جماعة "الإخوان المسلمين" ولم يكشف عنها حتى الساعة خوفاً من الإضرار بالأمن القومي الأميركي؟

غالب الظن أن هناك كثيراً يمكن أن يقال عن هذه الحقبة الزمنية، لا سيما أن هناك من أعضاء الكونغرس مثل السيناتور باري هيكلي، كان قد صرح بأن سيد البيت الأبيض وقتها، قد قدم بالفعل أموالاً سخية وطائلة لجماعة "الإخوان" في مصر.

لعله من المثير للاهتمام أن إدارة أوباما استخدمت مصطلح "الإسلاميين المعتدلين" لوصف جماعة "الإخوان المسلمين" في مصر (رويترز)

من مصر وإيران لا توفر الرؤى التحليلية لعلاقة أوباما بـ"الإخوان" ما جرى في ليبيا،.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من اندبندنت عربية

منذ 4 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 9 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 8 ساعات
منذ 6 ساعات
قناة العربية منذ 10 ساعات
سي ان ان بالعربية منذ 11 ساعة
بي بي سي عربي منذ 21 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 8 ساعات
قناة العربية منذ 7 ساعات
قناة العربية منذ 4 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 10 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 11 ساعة