أطلقت الصين، يوم الخميس، تجربة تجارة حرة واسعة النطاق في جزيرة هاينان، في خطوة تهدف إلى دعم مساعي بكين للانضمام إلى أحد أكبر اتفاقات التجارة الحرة في العالم، وبناء مركز تجاري جديد على غرار هونغ كونغ. فصلت الصين جزيرة بحجم بلجيكا، يتمتع اقتصادها بحجم يقارب اقتصاد دولة متوسطة، عن البر الرئيسي لأغراض المعالجة الجمركية، ويأتي هذا الإجراء ضمن خطة لتحويل مقاطعة هاينان الجنوبية إلى منطقة جمركية معفاة من الرسوم، بما يسمح للبضائع التي تحقق قيمة مضافة محلية لا تقل عن 30% بالدخول إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم من دون رسوم جمركية.
كما ستتاح للشركات الأجنبية فرصة العمل في قطاعات خدمية لا تزال خاضعة لقيود صارمة في البر الرئيسي، في محاولة لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية.
رهان على جذب الاستثمارات الأجنبية تسعى بكين من خلال هذه الخطوة إلى تحفيز تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، في وقت تسجل فيه البلاد تراجعاً في هذه الاستثمارات، وأظهرت بيانات رسمية أن الاستثمار الأجنبي المباشر في الصين انخفض 10.4% على أساس سنوي خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2025.
ويرى مسؤولون أن نجاح تحويل هاينان إلى منطقة تجارة حرة معفاة من الرسوم قد يمنح صناع القرار ثقة أكبر لفتح قطاعات أوسع من الاقتصاد الصيني أمام قوى السوق.
بوابة جديدة للانفتاح الاقتصادي قالت وكالة الأنباء الرسمية «شينخوا» في افتتاحية لها إن الصين تهدف إلى بناء ميناء هاينان للتجارة الحرة ليكون «بوابة مهمة تقود انفتاح البلاد إلى مرحلة جديدة».
وأضافت أن المشروع من المتوقع أن يمنح دفعة قوية للتجارة الحرة العالمية التي تأثرت في السنوات الأخيرة بتصاعد النزعات الحمائية والأحادية.
ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها رد غير مباشر على الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي دفعت صناع السياسات في بكين إلى تنويع اقتصاد الصين البالغ 19 تريليون دولار، وتقليص الاعتماد على أكبر سوق استهلاكي في العالم، وتعزيز دور البلاد في سلاسل الإمداد العالمية.
إصلاحات اقتصادية تحت الاختبار جعل قادة الصين من وقف تراجع الاستثمارات أولوية للعام المقبل، في إطار مساعٍ لتحويل مسار الاقتصاد من الاعتماد على التحفيز إلى التركيز المزدوج على الاستهلاك والاستثمار، بهدف تثبيت النمو على المدى القريب، بالتوازي مع تقييم إصلاحات هيكلية مؤلمة لإعادة التوازن للاقتصاد على المدى الطويل.
ويقول اقتصاديون إن نجاح تجربة تحرير التجارة في هاينان قد يشجع السلطات على تعريض أجزاء أكبر من الاقتصاد الصيني لمنافسة السوق.
هاينان في مواجهة نموذج هونغ كونغ قالت ران قوه، مديرة اقتصاد المستهلك في مجلس الأعمال الصيني البريطاني، إن «المعيار المرجعي هو نموذج قريب من هونغ كونغ»، مشيرة إلى أن الخطة لا تستهدف فقط تعزيز السياحة في هاينان، بل تشجيع الاستثمار الأجنبي والتصنيع أيضاً.
وأضافت أن هاينان تلعب دوراً مهماً كمركز لوجستي وتجاري يربط الصين بجنوب شرق آسيا، وهو ما يمنحها أهمية استراتيجية خاصة.
وبحسب بيانات رسمية، بلغ الناتج المحلي الإجمالي لهاينان 113 مليار دولار العام الماضي، ما يعادل اقتصاد الدولة رقم 70 عالمياً وفق بيانات البنك الدولي، لكنه يظل بعيداً عن اقتصاد هونغ كونغ البالغ 407 مليارات دولار.
من جانبه، قال شو تيانتشن، كبير الاقتصاديين في وحدة المعلومات الاقتصادية التابعة لمجلة الإيكونوميست، إن نموذج هاينان يقدم «تحريراً مُداراً» قد يسهم في إعادة دمج سلاسل الإمداد، لكنه يفتقر إلى النظام القانوني والانفتاح المالي اللذين تتمتع بهما هونغ كونغ.
وأضاف أن الجزيرة ستواجه منافسة قوية من دول جنوب شرق آسيا واليابان، ما يجعل نجاح التجربة غير مضمون.
(رويترز)
هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية
