الردع بدل الاعتماد... كيف يمكن للنووي الألماني والياباني أن يقلص العبء العسكري عن الولايات المتحدة؟. مقال "فورين أفيرز" يناقش معكم الإجابات

ملخص على الولايات المتحدة إعادة النظر في التزامها الصارم بمنع الانتشار النووي، وتشجيع حلفاء موثوقين مثل ألمانيا واليابان وكندا على امتلاك أسلحة نووية بشكل انتقائي. هذا التوجه، رغم ما يثيره من جدل ومخاوف شعبية، يعزز قدرة حلفاء أميركا على الدفاع عن نفسها، يقلل اعتمادها العسكري على واشنطن، ويعيد التوازن العسكري العالمي لصالح النظام القائم على القواعد، مما يسهم في استقرار النظام الدولي ويمنع قوى استبدادية مثل روسيا والصين من تقويضه.

قلة هي السيناريوهات التي تبعث الخوف في نفوس الخبراء وصناع السياسات مثل سيناريو انتشار الأسلحة النووية. فتهديد روسيا باستخدام أسلحة نووية تكتيكية في حربها ضد أوكرانيا، ورغبة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الغامض بإجراء تجارب نووية، واقتراب موعد انتهاء صلاحية معاهدة نيو ستارت لعام 2010 (التي تحد من حجم الترسانات النووية الروسية والأميركية) قد ذكّرت العالم بما تملكه الأسلحة النووية من قدرة تدميرية هائلة وأعادت إحياء المخاوف من استخدامها. فالقادة الأميركيون مقتنعون بأن انتشار الأسلحة النووية سيُلحق ضرراً بالغاً بالمصالح الاستراتيجية الأميركية ويزيد من زعزعة استقرار النظام العالمي الهش أصلاً. وفي الأشهر الأخيرة، ضاعفوا التزامهم بمنع الانتشار، وأظهرت ضربات يونيو (حزيران) ضد المواقع النووية في إيران أن واشنطن ستستخدم القوة لمنع مزيد من الدول من امتلاك قنبلة نووية.

LIVE An error occurred. Please try again later

Tap to unmute Learn more طوال عقود من الزمن، استثمرت الولايات المتحدة في نظام قائم على منع الانتشار النووي، حتى مع انتهاء صلاحية اتفاقيات نزع السلاح التي تعود إلى حقبة الحرب الباردة، مثل معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية. وعلى الرغم من أن معارضة فكرة انتشار الأسلحة النووية بين الدول والخصوم غير الموثوق بهم تبدو منطقية، فإن الرفض المطلق لأي انتشار إضافي لها يحجب الفوائد الكبيرة التي يمكن أن توفرها. وفي الواقع، سيكون من الأفضل للولايات المتحدة أن تعيد النظر في التزامها الصارم بمنع الانتشار، وأن تشجع مجموعة صغيرة من الحلفاء، وتحديداً كندا وألمانيا واليابان، على امتلاك أسلحة نووية. فمن منظور واشنطن، سيسمح الانتشار النووي الانتقائي لهؤلاء الشركاء بتولي أدوار أكبر في الدفاع الإقليمي، ويقلل من اعتمادهم العسكري على الولايات المتحدة. وبالنسبة إلى هؤلاء الحلفاء، يوفر امتلاك الأسلحة النووية الحماية الأكثر ثباتاً ومصداقية ضد تهديدات الأعداء الإقليميين، مثل الصين وروسيا، إضافة إلى حماية أنفسهم في مواجهة تراجع التزام الولايات المتحدة بتحالفاتها التقليدية.

قد يصاب المتشككون والمتشائمون بشأن الأسلحة النووية بالذعر من تصوّر عالم يحوي مزيداً من القوى النووية، لكن هذه المخاوف تصبح أقل تسويغاً عند اتباع نهج انتقائي في انتشار الأسلحة النووية. لقد أثبتت كندا وألمانيا واليابان جدارتها في صناعة القرارات الرشيدة وتحقيق الاستقرار الداخلي، مما يجعل وقوع الحوادث النووية وأي تصعيد غير منضبط أمراً مستبعداً. وإذا أديرَ هذا الانتشار النووي بطريقة دقيقة ومسؤولة، فهناك أسباب كافية للاعتقاد بأن حصول هذه الدول على الأسلحة النووية لن يدفع دولاً أخرى إلى بذل جهود واسعة النطاق لتطوير قنابلها النووية الخاصة.

وبدلاً من أن يفتح الانتشار الانتقائي باباً أمام عهد جديد مُخيف من عدم الاستقرار العالمي، فإنه سيُسهم في ترسيخ نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية. فإذا امتلكت كندا وألمانيا واليابان أسلحة نووية، سوف يعيد ذلك موازنة القدرات العسكرية العالمية لصالح تحالف من الدول الملتزمة بالنظام القائم على القواعد، وسيسهم في وقف تآكل أهم معايير هذا النظام، وبخاصة سلامة الأراضي. وهكذا، سيُنعش الانتشار الانتقائي نظام ما بعد عام 1945 المتداعي الذي أفاد الولايات المتحدة وحلفاءها بشكل كبير.

مكاسب للجميع أكد كبار المسؤولين الأميركيين مراراً وتكراراً ضرورة نقل عبء الدفاع القاري إلى الحلفاء الأوروبيين وتقليل اعتمادهم العسكري على الولايات المتحدة. ففي مواجهة التحدي الجيوسياسي المتمثل في صعود الصين في شرق آسيا، ومع الضغوط على الموارد لمعالجة القضايا الداخلية، أصبحت واشنطن ترى في إنهاء الانتفاع الأوروبي المجاني من المظلة الأمنية الأميركية أولوية استراتيجية قصوى. إن ما يعيق قدرة أوروبا على توفير أمنها بنفسها اليوم، وبالتالي يحول دون تراجع كبير في الوجود الأميركي، هو غياب القوة النووية الألمانية. طوال الحرب الباردة، كان قادة الولايات المتحدة يأملون في سحب القوات الأميركية من أوروبا، لكنهم قرروا أنه ما لم تحصل ألمانيا على قدرة ردع نووية، فلن تتمكن القارة من ضمان أمنها. وكما أشار المؤرخ مارك تراكتنبرغ، فقد خلصت الولايات المتحدة، عن حق، إلى أن الترسانتين النوويتين البريطانية والفرنسية "لا تستطيعان توفير المستوى اللازم من الطمأنينة" لضمان أن تكون أوروبا قادرة على ردع الاتحاد السوفياتي وترسانته النووية الضخمة. واليوم، لا يزال العائق نفسه قائماً. لذا، فإن تشجيع ألمانيا على تطوير أسلحتها النووية من شأنه أن يؤدي في النهاية إلى خلق أوروبا مكتفية ذاتياً تسمح بخروج الولايات المتحدة.

ويُدرك القادة الألمان والشعب الألماني أن الاعتماد العسكري على الولايات المتحدة يجعل بلادهم رهينة لأهواء واشنطن. بعد فترة وجيزة من انتخابه في فبراير (شباط) 2025، أعلن المستشار فريدريش ميرتس أن الوقت قد حان "لتحقيق الاستقلال" عن الولايات المتحدة، وأصبح منذ ذلك الحين من أشد المؤيدين لإعادة التسلح على نطاق واسع. لكن بناء القدرات التقليدية الألمانية سيستغرق وقتاً طويلاً، ولا تزال برلين تفتقر إلى رؤية واضحة حول كيفية الوفاء بهدف الإنفاق الدفاعي الطموح البالغ 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الذي اتفق عليه ميرتس وقادة أوروبيون آخرون في قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في يونيو الماضي. واستطراداً، فإن التزامات ألمانيا المستمرة بتوفير العتاد الحربي لأوكرانيا، وإحجام السكان عن أداء الخدمة العسكرية، يُعيقان تسريع عملية بناء القدرات العسكرية التقليدية. أما تطوير قوة نووية مستقلة، فمن شأنه أن يحمي ألمانيا من احتمال انسحاب أميركي مفاجئ من أوروبا، ويوفر في الوقت نفسه طريقة عملية وفعالة للوفاء بتعهد الخمسة في المئة.

واستطراداً، سيسهم توسع قدرات اليابان النووية بشكل كبير في تحقيق الهدف الرئيس للولايات المتحدة في شرق آسيا، ألا وهو احتواء الصين من خلال تحالفات إقليمية قوية. فمن وجهة نظر واشنطن، يتمثل التهديد الرئيس لبكين في إمكانية تحقيقها هيمنة إقليمية وتطوير قدراتها العسكرية لتهديد الولايات المتحدة ومصالحها بشكل خطير، من خلال تعطيل سلاسل توريد أشباه الموصلات على سبيل المثال، أو إنشاء قواعد متقدمة خارج أراضيها في شرق آسيا وحتى أبعد من ذلك. وستشكل هذه الهيمنة الإقليمية الصينية تحدياً كبيراً لواشنطن.

في الواقع، تتمتع اليابان بالفعل بميزة دفاعية نابعة من كونها دولة أرخبيلية يفصلها البحر عن خصومها. وإذا اقترنت هذه الميزة بقدرات نووية مستقلة، فإن ذلك سيضمن بشكل فعال الحفاظ على أمن اليابان في مواجهة التهديدات الخارجية، وسيكفل عدم وقوعها تحت السيطرة الصينية. فبالإضافة إلى تعزيز قدرتها على الدفاع عن نفسها، ستقدم اليابان المسلحة نووياً شكلاً أكثر مصداقية وسرعة من الردع الممتد في شرق آسيا مما تستطيع الولايات المتحدة توفيره. وقد تشكك الصين في استعداد واشنطن للمخاطرة بحرب نووية بسبب التطورات في شرق آسيا، لكن قرب اليابان ومصلحتها المباشرة في الاستقرار الإقليمي يجعلان التزاماتها أكثر مصداقية بكثير.

إن اليابان المسلحة نووياً ستشكل عاملاً إضافياً للخصوم في سيناريوهات تصعيد الأزمات، مما يسمح برد فعال على العدوان الصيني من دون استدراج الولايات المتحدة مباشرة إلى المواجهة. فعند التفكير في هجوم على اليابان، ستضطر الصين إلى مراعاة التكاليف الباهظة للرد الياباني بغض النظر عن أي دعم أميركي إضافي. كما أن امتلاك الأسلحة النووية سيجهز اليابان، وربما شرق آسيا على نطاق أوسع، للتعامل مع أي تغيير مفاجئ في التزام واشنطن الأمني. فاستراتيجية الدفاع الوطني الأحدث لإدارة ترمب تُعطي الأولوية للدفاع عن الأراضي الأميركية ونصف الكرة الغربي على حساب التهديدات الصادرة عن الصين وروسيا، مما يُشير إلى تحول جذري محتمل في التوجهات.

وفي أميركا الشمالية، سيعزز الانتشار النووي الكندي الأمن الداخلي الأميركي. ونظراً لتكامل القوات الكندية والأميركية في إطار الناتو ونظام الدفاع الجوي المشترك "نوراد" (NORAD) [ قيادة الدفاع الجوي لأميركا الشمالية]، سيخوض البَلدان معركة مشتركة في أي سيناريو محتمل للدفاع عن نصف الكرة الأرضية. وعلى الرغم من أن كندا لا تواجه تهديدات مباشرة لسلامة أراضيها من روسيا أو الصين، فإن علاقاتها مع البلدين تدهورت بشكل ملحوظ خلال العقد الماضي. ويُقلل الرادع النووي الكندي من احتمالية اضطرار الولايات المتحدة إلى الدفاع عن جارتها القارية، مما يُحرر القدرات الأميركية بفاعلية ويُزيل أي مجال للتعديات والتدخلات الجيوسياسية المحتملة. كما أن الدعم الأميركي للرادع النووي الكندي من شأنه أن يُوفر طمأنينة بالغة الأهمية بشأن التزام واشنطن بالدفاع القاري في وقت تشهد فيه العلاقات الثنائية بين الجارتين توتراً.

المزيد من الأسلحة النووية قد يكون أمراً محموداً

بالنسبة إلى كندا، فإن امتلاكها للأسلحة النووية يُشير إلى الولايات المتحدة بأنها تقبل هي الأخرى مسؤولية مشتركة عن الدفاع القاري، وأن أوتاوا قادرة على ردع المعتدين المحتملين من دون دعم أميركي. ومثلما قال رئيس الوزراء الكندي مارك كارني في مارس (آذار)، فإن "العلاقة القديمة" بين كندا والولايات المتحدة قد "انتهت". إن امتلاك الأسلحة النووية من شأنه أن يُهيئ أوتاوا لمواجهة هذا العالم الجديد من خلال إعادة هيكلة الشراكة القارية ومساعدة البلاد على الاعتماد على نفسها. علاوة.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من اندبندنت عربية

منذ 8 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 8 ساعات
منذ 9 ساعات
منذ 8 ساعات
بي بي سي عربي منذ ساعتين
قناة روسيا اليوم منذ 13 ساعة
قناة العربية منذ 8 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 16 ساعة
قناة العربية منذ 12 ساعة
قناة العربية منذ 9 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 15 ساعة
قناة العربية منذ 14 ساعة