أكثر من 11 مليار دولار ليست "صفقة سلاح" فقط، بل اختبار ردع في لحظة حسّاسة حول تايوان. الحزمة الأميركية، التي طُرحت للمسار التشريعي وتتضمن HIMARS وهاوتزر M109A7 وصواريخ ATACMS بمدى يصل إلى 300 كلم، إضافة إلى صواريخ جافلين/تاو ومسيّرات "انتحارية" جوّالة، تأتي بينما يرفع الرئيس التايواني لاي تشينغ-تي سقف الاستعداد نحو 2027، محذرًا من هدف صيني للاستيلاء على الجزيرة.
في الخلفية، تقول تايبيه إنها تراقب التحركات وترد، بعد عبور حاملة "فوجيان" في المضيق، ومع حضور شبه يومي لطائرات وسفن الجيش الصيني ومناورات منتظمة.
لكن القصة تزداد سخونة لأن بكين، وفق سرديتها، تلتقط إشارات "تراجع" أميركي وتحوّلها إلى مادة سياسية. فهل تثبّت واشنطن الردع.. أم تزيد مساحة سوء التقدير؟
تشمل الصفقة سلسلة مشتريات منفصلة تغطي:
أنظمة HIMARS ومدفعية صاروخية عالية الحركة، مع معدات مرتبطة بها.
هاوتزر ذاتي الحركة M109A7 ومعداتها.
صواريخ جافلين وتاو المضادة للدبابات/الدروع.
مسيّرات انتحارية جوّالة من نوع Altius المصنّعة لدى شركة Anduril، إلى جانب برمجيات عسكرية وقطع لمعدات أخرى.
وتحدثت CNBC عن تفاصيل إضافية ضمن الحزمة، بينها 82 نظام HIMARS بقيمة 4.05 مليارات دولار تشمل 420 صاروخ ATACMS بمدى يصل إلى 300 كيلومتر، إضافة إلى أنظمة مراقبة غير مأهولة وبرمجيات عسكرية. كما أشارت إلى 60 نظام M109A7 بقيمة تتجاوز 4 مليارات دولار، وصواريخ جافلين وتاو بأكثر من 700 مليون دولار.
من جهتها، قالت وكالة التعاون الأمني الدفاعي التابعة للبنتاغون على موقعها إن البيع المقترح يخدم مصالح الولايات المتحدة عبر "دعم الجهود المستمرة" لتايوان لتحديث قواتها المسلحة والحفاظ على "قدرة دفاعية موثوقة".
لماذا الآن؟ تايوان تربطها بموعد 2027
توقيت الحزمة يتقاطع مع خطاب تايواني أكثر حدّة بشأن التهديدات. وفق CNBC، تعهّد الرئيس التايواني لاي تشينغ-تي الشهر الماضي بتعزيز قدرات الدفاع الذاتي للوصول إلى مستوى عالٍ من الجاهزية القتالية بحلول 2027، محذرًا من أن الصين تهدف إلى الاستيلاء على الجزيرة بحلول العام نفسه.
وأشار لاي إلى "حشد عسكري غير مسبوق" من بكين و"استفزازات متصاعدة" في مضيق تايوان وبحري الصين الشرقي والجنوبي وعبر المحيطين الهندي والهادئ.
وفي مؤشر ميداني، قالت وزارة الدفاع التايوانية إن حاملة الطائرات الصينية "فوجيان" عبرت مضيق تايوان، وإن القوات التايوانية "راقبت الوضع وردّت".
وتقول CNN إن طائرات وسفن الجيش الصيني باتت حاضرة "شبه يوميًا" حول تايوان، إلى جانب مناورات كبيرة منتظمة في المياه المحيطة وبفوقها، وهو سياق يفسّر لماذا تصف تايبيه الحزمة بأنها تعزز "الردع" و"القدرات القتالية الرادعة" و"المزايا غير المتماثلة".
الكونغرس في واشنطن.. والبرلمان في تايبيه
في واشنطن، ترى نيويورك تايمز أن إقرار الحزمة "مرجح" في الكونغرس بسبب الدعم الحزبي الواسع لتايوان.
وتضيف CNN أن الصفقات تمر عبر آلية المبيعات العسكرية الخارجية وتحتاج موافقة الكونغرس، لكن تايوان تحظى عمومًا بدعم من الحزبين.
أما في تايوان، فتتقاطع الحزمة مع معركة موازنية داخلية. تقول نيويورك تايمز وCNN وCNBC إن لاي يدفع باتجاه موازنة دفاعية خاصة/تكميلية بقيمة 40 مليار دولار لزيادة الإنفاق على العتاد العسكري حتى 2033.
وتشير نيويورك تايمز إلى أن حزب المعارضة القومي (الكومينتانغ) الذي يسيطر مع حزب أصغر على الأغلبية التشريعية انتقد المقترحات بسبب تأخر تسليمات سابقة ومشاريع "مُهدِرة"، وقد يؤخر أو يعرقل الزيادات، رغم أن سياسيين من الطرفين يتوقعون تمريرها لاحقًا بعد تعديلات.
وتنقل CNN عن مدير "المعهد الأميركي في تايوان" ريموند غرين أنه يتوقع أن يوافق المجلس التشريعي في نهاية المطاف على زيادة الإنفاق، معتبرًا أن البيئة الأمنية الإقليمية تخلق "إحساسًا مشتركًا بالحاجة".
الصين تعرض "الثقة".. وأميركا تُقرأ كأنها تتراجع
وسط هذه الصفقة، ترسم نيويورك تايمز في تقريرها مشهدًا موازيا، بكين تُظهر "قدرتها" عبر أدوات الرسائل والدعاية، مثل تصوير حلقة تلفزيونية من قمة أطول جسر في العالم في قويتشو، وتضخيم إشادات غربية بمشاريعها العملاقة.
وتقول الصحيفة إن هذا ليس "دعاية" فحسب، بل يعكس اختلالًا أوسع في "الصورة الذاتية": ثقة صينية متزايدة مقابل نبرة أميركية يصفها خبراء بأنها أقرب إلى "الهزيمة النفسية".
وتربط الصحيفة ذلك بما تسميه تحوّلًا في استراتيجية الأمن القومي لترامب هذا الشهر، التي تؤطر الصين كمنافس تجاري أكثر من كونها خصمًا شاملًا، وتصفها بأنها "ندّ شبه مكافئ". وتقول إن تعليقًا رسميًا صينيًا اعتبر هذه اللغة انعكاسًا لـ"قلق عميق" داخل مؤسسة القرار الأميركية. وتضيف أن قرار السماح لـNvidia ببيع رقائق متقدمة للصين مقابل تقاسم العائدات صُوّر كإدارة المنافسة عبر صفقات قصيرة.
هذا المحتوى مقدم من Blinx - بلينكس
