تحذيرات من خطر على الدستور وسيادة القانون.. عراق أوبزيرفر تفتح ملف المحاكم العسكرية

بغداد / عراق اوبزيرفر

لم يعد النقاش حول المحاكم العسكرية ومحاكم قوى الأمن الداخلي في العراق مجرد جدل قانوني تقليدي يمكن حله عبر تفسير نصوص أو تعديل إجراءات، بل أصبح اختبارًا حقيقيًا لمتانة الدولة العراقية، ومدى التزامها بالدستور وسيادة القانون، ومدى احترامها لحقوق المواطنين الأساسية، في واحدة من أكثر القضايا الدستورية حساسية، يحذر خبراء القانون من أن استمرار عمل هذه المحاكم بالشكل الحالي يعيد إنتاج منطق القضاء الاستثنائي الذي حاول الدستور طيه إلى غير رجعة.

وفي هذا الصدد، حذر المحامي سيف الحلفي، من تصاعد الجدل الإعلامي حول المحاكم العسكرية ومحاكم قوى الأمن الداخلي في العراق، مشيرا إلى أن هذا الجدل تجاوز الإطار القانوني الهادئ، واختلط فيه النص الدستوري بالشعارات والانفعالات، في واحدة من أكثر القضايا الدستورية حساسية المتعلقة بحدود السلطة ومفهوم العدالة وسيادة القانون.

وأوضح الحلفي لـ عراق اوبزيرفر ، أن الخلاف القائم لا يتعلق بإجراء قانوني أو مادة معزولة، بل يمس فلسفة القضاء ذاته، ويتصل بسؤال جوهري حول ما إذا كان يجوز للدولة، تحت ذريعة الأمن، إنشاء قضاء ذي طبيعة خاصة، محذرا من استدعاء تجارب مؤلمة ارتبط فيها القضاء الاستثنائي في العراق بتاريخ من القمع وتقييد الحقوق خلال العهود السابقة.

وأشار إلى أن فريقًا واسعا من خبراء القانون يرى أن المحاكم العسكرية ومحاكم قوى الأمن الداخلي تشكل انتهاكا صريحا للمادة (95) من دستور 2005، التي تحظر إنشاء المحاكم الخاصة أو الاستثنائية، مستندين إلى الذاكرة التاريخية السلبية المرتبطة بمحاكم استثنائية مثل محكمة الثورة في زمن النظام السابق.

وفي المقابل، بيّن الحلفي أن هذا الرأي يطرح تساؤلا جوهريا: هل كل محكمة متخصصة تعد محكمة استثنائية؟ أم أن الاستثناء يكمن في طريقة تشكيلها وتبعيتها وليس في التخصص ذاته؟ .

وأكد أن الدستور العراقي، وفي الفصل الثالث الخاص بالسلطة القضائية، أقر استقلال القضاء وحصن القضاة من أي تدخل، كما نص في المادة (99) على وجود القضاء العسكري، محددا اختصاصه بالجرائم ذات الطابع العسكري التي يرتكبها أفراد القوات المسلحة وقوات الأمن، وفق ما ينظمه القانون.

وأوضح أن هذا لا يشكل تناقضا دستوريا مع المادة (95)، بل يعكس تمييزا مقصودا بين القضاء الاستثنائي المحظور، والقضاء المتخصص المسموح به دستوريا، مشددا على أن الإشكال الحقيقي لا يكمن في وجود المحاكم العسكرية من حيث المبدأ، وإنما في ربطها المؤسسي بالسلطة التنفيذية وإخضاعها لتسلسل إداري غير قضائي، بما يشكل خرقًا لمبدأ الفصل بين السلطات المنصوص عليه في المادة (47) من الدستور.

كما حذر من خطورة المساس بضمانات المحاكمة العادلة، ولا سيما حق الدفاع، مستشهدا بحالات يمنع فيها المحامي من حضور جلسات محاكمة عسكرية بذريعة طبيعة الجريمة أو ارتباطها بأمن الدولة، مؤكدا أن ذلك يتعارض بشكل مباشر مع المادة (19/رابعًا) من الدستور التي تكفل حق الدفاع في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة.

وفي ختام رأيه، أكد أن الحل لا يكمن في إلغاء المحاكم العسكرية بالكامل، كما أن الإبقاء عليها بصيغتها الحالية يمثل خطأً دستوريا جسيما، داعيا إلى إعادة هندستها دستوريا عبر تحويلها إلى محاكم متخصصة خالصة، تابعة للسلطة القضائية المستقلة، ومنفصلة تماما عن وزارتي الدفاع والداخلية، وخاضعة لنفس الضمانات الإجرائية والرقابة القضائية التي يخضع لها القضاء العادي.

وفي هذا السياق، أكدت نقيب المحامين العراقيين أحلام اللامي في بيان رسمي، أن استمرار عمل المحاكم العسكرية ومحاكم قوى الأمن الداخلي يمثل خرقا دستوريا واضحًا ، مشددة على أن المادة (95) من الدستور لم تترك مجالًا للالتباس أو التأويل، إذ حظرت إنشاء أي محاكم خاصة أو استثنائية.

وتشير اللامي إلى أن تخصيص محاكم لفئات معينة من المواطنين تحت ذرائع أمنية أو انضباطية يشكّل انتهاكًا صارخًا لمبدأ المساواة أمام القضاء المنصوص عليه في المادة (14) ويؤسس لازدواجية قضائية خطيرة ، مما يضعف ثقة الشعب بالعدالة ويعيد إنتاج منطق الاستثناء الذي حاول الدستور التخلص منه.


هذا المحتوى مقدم من عراق أوبزيرڤر

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من عراق أوبزيرڤر

منذ 9 دقائق
منذ 3 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 3 ساعات
قناة السومرية منذ 12 ساعة
عراق أوبزيرڤر منذ 5 ساعات
قناة السومرية منذ 23 ساعة
قناة السومرية منذ 21 ساعة
قناة السومرية منذ 17 ساعة
وكالة الحدث العراقية منذ 11 ساعة
قناة السومرية منذ 15 ساعة
موقع رووداو منذ 18 ساعة