رفع البنك المركزي الياباني، اليوم الجمعة، أسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى أعلى مستوى لها منذ ثلاثة عقود، في خطوة تاريخية أخرى نحو إنهاء عقود من الدعم النقدي الهائل وتكاليف الاقتراض فائقة التيسير.
وفقاً لقرار البنك الصادر صباحاً، رفعت لجنة السياسة النقدية، أسعار الفائدة القياسية بمقدار 25 نقطة أساس إلى 0.75%، وهو أعلى مستوى لها منذ عام 1995، بما يتماشى مع توقعات الاقتصاديين.
ويترقب المستثمرون حالياً المؤتمر الصحفي الذي سيعقده محافظ بنك اليابان، كازو أويدا، في الساعة 0630 بتوقيت غرينتش لتحديد مسار الفائدة في المستقبل.
نزيف جديد للأسواق.. مخاوف فقاعة الذكاء الاصطناعي تعصف بالأسهم العالمية
الفائدة الحقيقية
قال بنك اليابان المركزي إنه «من المتوقع أن تظل أسعار الفائدة الحقيقية سلبية بشكل كبير، مشيراً إلى أن الظروف المالية التيسيرية ستستمر في دعم النشاط الاقتصادي بقوة».
وبدأت اليابان في تطبيع السياسة النقدية العام الماضي، متخلية عن نظام سعر الفائدة السلبي الوحيد في العالم الذي كان سارياً منذ عام 2016.
ومنذ ذلك الحين، حافظ بنك اليابان باستمرار على موقفه بشأن رفع أسعار الفائدة تدريجياً، مصرحاً بأن هدفه هو رؤية دورة حميدة من ارتفاع الأجور والأسعار.
شاشات عرض أسعار صرف الين الياباني داخل مقر شركة لتداول العملات الأجنبية بطوكيو-2 مايو 2025
رد فعل سريع
عقب القرار، تجاوز عائد سندات الحكومة اليابانية لأجل 10 سنوات حاجز 2% لأول مرة منذ عام 2006.
بينما انخفض الين بنحو 0.2% ليصل إلى 155.79 مقابل الدولار.
وارتفع مؤشر نيكاي 225 القياسي للأسهم بنسبة 1.21%.
الدولار في وجه المدفع.. هل يتلقى ضربة جديدة خلال ساعات؟
تضخم مرتفع
تجاوز التضخم هدف بنك اليابان البالغ 2% لمدة 44 شهراً متتالية، حيث أظهرت البيانات الصادرة في وقت سابق من اليوم نمو أسعار المستهلكين بنسبة 2.9% في نوفمبر.
ضغط التضخم المرتفع على الأجور الحقيقية التي تشهد انخفاضاً مستمراً منذ 10 أشهر متتالية، وفقاً لبيانات وزارة العمل.
توقع بنك اليابان أن التضخم الأساسي الذي يستثني أسعار المواد الغذائية الطازجة، من المرجح أن يتباطأ إلى أقل من 2٪ من أبريل إلى سبتمبر 2026، وذلك بسبب تباطؤ ارتفاع أسعار المواد الغذائية بالإضافة إلى آثار التدابير الحكومية التي تهدف إلى معالجة ارتفاع الأسعار.
رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايشي تتحدث في مؤتمر صحفي بعد اجتماع القادة الاقتصاديين لمنتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (أبيك 2025) في جيونجو، كوريا الجنوبية، يوم 1 نوفمبر 2025
الفائدة المرتفعة
من المرجح أن تؤدي أسعار الفائدة المرتفعة إلى تفاقم التراجع الاقتصادي في اليابان، إذ أظهرت أرقام الناتج المحلي الإجمالي المعدلة للربع الثالث أن الاقتصاد انكمش بأكثر من التقديرات الأولية، حيث انخفض بنسبة 0.6% على أساس ربع سنوي، و2.3% على أساس سنوي.
قال بنك اليابان في بيانه إنه على الرغم من ظهور ضعف في الاقتصاد، فمن المرجح أن تظل أرباح الشركات مرتفعة، ومن المتوقع أن تستمر الشركات في رفع الأجور في عام 2026.
وقال البنك في بيان اليوم: «من المرجح جداً أن يتم الحفاظ على الآلية التي ترتفع بها الأجور والأسعار بشكل معتدل، مشيراً إلى أن احتمال وصول التضخم الأساسي إلى هدفه البالغ 2% آخذ في الازدياد».
«أوراكل» تُثير الفزع مجدداً.. ما القصة التي أشعلت المخاوف؟
خطر ارتفاع التكاليف
تأتي زيادة سعر الفائدة أيضاً في وقت وصلت فيه عوائد سندات الحكومة اليابانية إلى أعلى مستوياتها منذ عقود، وارتفعت أكثر بعد القرار، مما يزيد من خطر ارتفاع تكاليف الاقتراض لليابان ويزيد من الضغط المالي.
يذكر أن ثاني أكبر اقتصاد في آسيا يسجل أعلى نسبة دين إلى الناتج المحلي الإجمالي في العالم، حيث تبلغ حوالي 230%، وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي.
علم اليابان بجانب عداد للسرعة.
ما القادم؟
من المرجح أن تدعم العوائد المتزايدة العملة اليابانية، إذ يتداول الين عند مستوى يتراوح بين 154 و157 مقابل الدولار منذ نوفمبر، بعد أن انخفض بأكثر من 2.5% منذ تولي رئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي، المؤيدة لسياسة نقدية أكثر تيسيراً، منصبها في أكتوبر.
بعد هذه الزيادة، من المرجح أن يرفع بنك اليابان سعر الفائدة الرئيسي في منتصف عام 2026، ليصل به إلى سعر نهائي قدره 1%، وفقاً لما صرّح به رئيس قسم الاقتصاد الياباني في مؤسسة «أكسفورد إيكونوميكس» شيغيتو ناغاي.
ويُقصد بسعر الفائدة النهائي أو المحايد السعر الذي يُوازن بين التضخم والنمو الاقتصادي، فلا يُؤدي إلى فرط النشاط الاقتصادي ولا إلى تباطؤه.
الولايات المتحدة تخنق فنزويلا.. ماذا عن نفط سخالين الروسي؟
تحذير مهم
حذر ناغاي من أن رفع سعر الفائدة مرة أخرى من قبل بنك اليابان قد يتسبب في احتكاك مع تاكايتشي، إذا انخفض التضخم بسلاسة إلى 2% في النصف الأول من عام 2026.
عارضت تاكايتشي بشدة رفع أسعار الفائدة من قبل بنك اليابان خلال حملتها الانتخابية للزعامة، لكنها خففت من موقفها منذ ذلك الحين.
قال ناغاي: «الأسباب التي دفعت تاكايتشي لقبول هذه الزيادة في سعر الفائدة هي ضعف الين، وأن معالجة أزمة تكلفة المعيشة أصبحت قضية سياسية ملحة».
هذا المحتوى مقدم من إرم بزنس


