أمين الزاوي يكتب: إزاء تصاعد ثقافة الكراهية والتعصب الديني والقومي واللغوي في العالم علينا أن نقرأ أو نعيد قراءة كتاب "معاهدة التسامح" لفولتير ونقرأه للجيل الجديد، على رغم مضي قرنين وأزيد على صدوره

ملخص كثيراً ما نسمع عدداً من اللغويين وحتى من السياسيين ومن النقاد يقولون وبحماسة مطلق ودون تحفظ "إن اللغة العربية أهم لغة في العالم"، وتراهم يكيلون لها المديح منقطع النظير جاعلين منها لغة فوق لغات العالم كلها، وإذا سألت أحدهم عن مدى معرفته بأسرار لغات العالم الأخرى فستدرك أنه لا يفهم شيئاً فيها وهو لا يحسن سوى العربية ومع ذلك يتجرأ على مقارنتها بغيرها من اللغات ويطلق أحكاماً قطعية

وأنا أقرأ كتاب "معاهدة التسامح" (Trait de la tol rance) لفولتير الصادر عام 1763، وعلى رغم أننا على بعد أزيد من قرنين ونصف القرن منذ صدوره، قلت في نفسي لكم نحن في حاجة ماسة إلى إعادة قراءته وتأمل أفكاره، بل وتدريسه داخل جامعاتنا وثانوياتنا، لما نشهده اليوم من انتشار ثقافات التعصب والكراهية والحروب والظلم في عالمنا المعاصر هذا، جملة من أمراض مزمنة تارة باسم الدين وتارة أخرى باسم الهوية وثالثة باسم القوة العسكرية العمياء. فعلى رغم مضي أكثر من قرنين ونصف القرن لا تزال أفكار هذا الكتاب تحمل ضوءاً لإنارة عالم متغول ومتوحش.

LIVE An error occurred. Please try again later

Tap to unmute Learn more وأنا أقرأ هذا الكتاب تساءلت لماذا لم نتمكن نحن في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من التخلص من مصفوفات كثيرة من الأفكار التي تجر شعوب هذه المنطقة إلى التخلف وتبقيها فيه، ولماذا لم نتمكن من وضع قراءة جريئة وصحيحة وهادئة لواقعنا كي نتخطى أعطابه وأمراضه؟

في رأيي، هناك مجموعة من العوامل التي علينا أن نكشف عنها وبصدق وشجاعة فكرية كي نُعبِّد لحركة التنوير طريقاً جديداً إلى هذا المجتمع، من دون أن يفقد المواطن فيه خصوصيته المحلية الدينية والحضارية والتاريخية واللغوية.

أولاً يبدو لي أننا ولمدة قرن، قد يزيد قليلاً، أي منذ نهاية القرن الـ19، ونحن نغرق يوماً بعد يوم، أكثر فأكثر، في سؤال "التراث والمعاصرة"، نلوكه ونمضغه ولا نبلعه، لم نتمكن من التحرر من هذا السؤال الذي لا يزال يعتقل تفكير النخب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وعلى اختلاف مدارسهم الفكرية والسياسية والأيديولوجية، يسارهم ويمينهم وإسلامييهم وليبرالييهم، بلغات الكتابة المختلفة العربية والفرنسة والإنجليزية، داخل أوطانهم كما في المنافي.

لقد حجب الماضي عنا حاضرنا المعقد، فاختفى الحاضر أو غيبناه وعدنا نعيش الماضي مرة ثانية وكأننا نستحم في ماء الحوض مرة ثانية، نستحم في ماء مستعمل وبسعادة غريبة. إن الالتجاء إلى الماضي والاحتماء به في صورته التقديسية المنزهة يريح النخب الكسولة، لذلك تسعى وبكل الوسائل الفروسية إلى توطين الماضي في الحاضر من خلال تسويغات دينية تارة وحضارية ثانية ونفسية ثالثة.

حتى ونحن نعيش عصر الذكاء الاصطناعي وزمن الروبوتات المؤنسنة، لم نستطع أن نتجاوز بعد سؤال "التراث والمعاصرة"، لا لشيء إلا لأن مقاربتنا له كانت خاطئة أصلاً، وما بُني على خطأ لا ينتج سوى المزالق، وهذا الطرح الذي لم نتحرر منه بعد هو الذي أنتج لنا حالاً فكرية وأيديولوجية ودينية غير معافاة، حالاً تتميز بطغيان التعصب والانغلاق وكراهية الآخر المختلف عنا.

كيف ذلك، ولماذا هذه القراءة للتراث العربي والإسلامي معلولة ومختلة؟

يبدو وكأن النخب العربية والإسلامية أرادت أن تقنعنا وعلى مدى أزيد من قرن بأننا أمة قادرة أن تعيش بالاكتفاء الذاتي، أي الاكتفاء بما لديها من فكر، بمعنى آخر يمكننا العيش بعيداً من الآخر وفي قطيعة معه، بل يجب علينا ذلك كي لا تتلوث ثقافتنا بأدران الآخر، وهذا الوهم الخطر ولَّد نوعاً من "النخب الفكرية" الكسولة، التي تحب المقابر وتعادي الحياة.

في باب "الفكر" لا يوجد هناك ما يسمى "الاكتفاء الذاتي"، فالأفكار مخاض إنساني شامل يشترك فيه الجميع، وهي عملية تاريخية معقدة ومتواصلة تسهم فيها النخب من كل.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من اندبندنت عربية

منذ 3 ساعات
منذ ساعتين
منذ ساعتين
منذ 33 دقيقة
منذ ساعة
منذ 4 ساعات
سي ان ان بالعربية منذ 4 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 9 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 3 ساعات
قناة العربية منذ 6 ساعات
قناة العربية منذ 7 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 5 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 5 ساعات
بي بي سي عربي منذ 17 ساعة