تونس تدخل مرحلة "الشيخوخة الفلاحية"! اليد العاملة المحلية في الفلاحة والبناء تتقلص، والأفارقة يعوّضون النقص في جني الزيتون. الخبير حسان قصار يحذّر: ضعف التجديد السكاني وازدراء الشباب للفلاحة يهددان الأمن الغذائي

ملخص قال أحد الفلاحين "فقدنا كثيراً من التقاليد والأجواء الجميلة التي ترافق موسم الجني، من غناء ورقص وغيرهما من مظاهر الفرح".

جني الزيتون في تونس ليس مجرد موسم فلاحي عابر، بل يمثل طقساً اجتماعياً يعكس علاقة التونسي الوطيدة بهذه الثمرة، ويختزل عاماً كاملاً من الجهد والعمل والصبر. إلا أن هذا الموعد السنوي أصبح خلال الأعوام الأخيرة يواجه صعوبات متزايدة، أبرزها النقص الحاد في اليد العاملة المحلية. فكثير من الشباب هجروا القرى نحو العاصمة أو هاجروا إلى أوروبا للبحث عن حياة أفضل، فيما يرفض آخرون العمل الموسمي لما يتطلبه من جهد مقابل أجر محدود، مما أدى إلى ضياع جزء من المحصول.

LIVE An error occurred. Please try again later

Tap to unmute Learn more أمام هذا الواقع، لجأ أصحاب الأراضي إلى تشغيل يد عاملة أجنبية بخاصة من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، في الجني والفرز وحتى في المعاصر. ويرى باحثون في علم الاجتماع أن هذه الظاهرة كشفت عن تحولات ديموغرافية جديدة من أبرزها تراجع العمالة المحلية في القطاعات الشاقة، مقابل تزايد الاعتماد على عمالة أجنبية قد تتوسع أكثر في المستقبل.

وعادة ينطلق الجني من أكتوبر (تشرين الأول) إلى نوفمبر (تشرين الثاني) ويستمر أحياناً إلى يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط)، وذلك بحسب الجهة ونوعية الزيتون وغرض الجني. ويعد هذا الموسم في العادات التونسية "عرساً عائلياً" يجمع كل أفراد العائلة كباراً وصغاراً.

الصورة لم تعد بذلك الجمال يروي محسن، صاحب حقل زيتون في مدينة جرجيس جنوب شرقي تونس، تجربته في جني الزيتون يقول إنها "تغيرت خلال الأعوام الأخيرة بعدما كانت مرتبطة بالعائلة من خلال مشاركة جميع الأخوة وأبنائهم في الجني الذي كان يعد لقاءً يجمع الأحباء. وتابع بشيء من الحسرة "اليوم تغير الوضع تماماً والصورة لم تعد بذلك الجمال، فكل شباب العائلة هاجروا إلى أوروبا أو انتقلوا إلى العاصمة من أجل الدراسة أو للالتفات لمستقبلهم ومصدر عيشهم. كبار السن لا رغبة لهم ولا طاقة للمشاركة في هذا الموسم".

يواصل الرجل الخمسيني متحدثاً عما وصفه بالمشوار المضني الذي يعيشه خلال كل موسم، وذلك في البحث عن عمال يجمعون الزيتون من شجره ويفرزونه، يقول "إلى أن وجدت الحل الأفضل وهو الاعتماد على عمال من أفريقيا جنوب الصحراء على غرار كوديفوار وأيضاً من السودان"، مضيفاً "أنقذوا الموسم، بخاصة أنهم يعملون بكد وجد لجمع بعض المال"، ورأى أنه "ربما وجدنا الحل لجمع المحصول لكن فقدنا كثيراً من التقاليد والأجواء الجميلة التي ترافق موسم الجني من غناء ورقص وغيرهما من مظاهر الفرح".

يوجد داخل تونس ثاني أكبر حقل زيتون في العالم بصفاقس جنوباً ويضم نحو مليوني شجرة (اندبندنت عربية)

كنزنا الحقيقي أما السيدة عائشة، من محافظة باجة شمال تونس، فتقول إنهم ما زالوا يعتمدون على أفراد العائلة الموسعة لجمع الزيتون مع بعض العمال الموسميين من قريتهم. وتضيف أن موسم الزيتون بالنسبة إليهم "موعد سنوي تعتمد عليه حياتنا"، وفسرت قائلة "الزيتون كنزنا الحقيقي الذي لا يمكن أن نفرط فيه على رغم كل الصعوبات".

وتحدثت عائشة عن طقوس الجمع والفرز وعن الأجواء الجميلة التي يقضونها في الحقول منذ ساعات الصباح الأولى وعن الأطباق التي يحضرونها للفطور والغداء، وهي أطباق تُعرف بها الجهة على غرار خبز "الملاوي" وخبز "الطابونة" وطبق "الكسكس"، وكلها أطباق تطبخ على الحطب أثناء الجني ولها مذاق خاص.

إلا أن عائشة لم تخف امتعاضها من تغير عقلية الشباب في القرية، فمعظمهم وفق تعبيرها لا يعيرون أهمية كبيرة للفلاحة ولا يقدرون قيمة الزيتون الذي وصفته بالذهب الأسود.

وعبرت عائشة عن خوفها من المستقبل في ظل الهجرة المستمرة للشباب وتغير علاقتهم الوطيدة بالأرض والزراعة عموماً، التي أصبحت لهم بمثابة عطلة يقضونها للتنزه في قراهم وبين عائلاتهم، ولم تعد تلك الركيزة الاقتصادية التي يعول عليها كل أفراد العائلة، وفق تعبيرها.

إلا أن موسم جني الزيتون ما زال يمثل داخل مناطق تونسية عدة فترة الانتعاشة المادية، فعدد من العائلات التي تملك حقول زيتون تربط كل مشاريعها وحتى أفراحها العائلية كالزواج والبناء وغيرهما بالربح الذي تجنيه من بيع.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من اندبندنت عربية

منذ 7 ساعات
منذ ساعة
منذ ساعتين
منذ 4 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 3 ساعات
قناة العربية منذ ساعتين
قناة العربية منذ 11 ساعة
قناة العربية منذ ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 14 ساعة
قناة العربية منذ 12 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 4 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 8 ساعات