بعد سنوات من الغموض.. أزمة ملفات قضية " جيفري إبستين" تستعد لمرحلتها الأخيرة

بعد سنوات من الغموض والجدل المتواصل، تستعد وزارة العدل الأمريكية لنشر الجزء الأكبر من أرشيفها غير المصنف الخاص بالممول والمدان الجنسي الراحل جيفري إبستين، يوم الجمعة، وفق الالتزامات القانونية. وتأتي الخطوة في ظل ضغط متزايد من الجماهير والدوائر السياسية للكشف عن كافة التفاصيل المتعلقة بالقضية، بعد أن بقيت أسرارها طي الكتمان لفترة طويلة.

وتُعد هذه الخطوة من أبرز الأحداث القانونية والسياسية للعام الحالي، إذ لم تشهد أي قضية اهتمامًا شعبيًا مكثفًا يضاهي تلك التي أثارتها ملفات إبستين، والتي أثرت بشكل غير متوقع على حركة "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى" وأثارت نقاشات واسعة حول الشفافية والعدالة.

وبحسب وزارة العدل، فإن الملفات القادمة قد تحتوي على مواد جمعها المدّعون العامّون على المستويين الفيدرالي وولاية فلوريدا، وتتضمن كمية كبيرة من الصور والفيديوهات التي توثق حالات الاعتداء على القاصرين، إلى جانب مستندات وأدلة أخرى ذات طبيعة غير قانونية مرتبطة بالقضية. ومع ذلك، تنص القوانين الجديدة التي أقرها الكونغرس على أن أي معلومات تكشف هوية الضحايا أو تعرض خصوصيتهم للخطر لن تُتاح للعامة، مما يعني أن جزءًا مهمًا من هذه المواد سيظل محميًا عن النشر، لضمان حماية الضحايا والحفاظ على سرية التحقيقات الجارية.

محاولات ترامب وتأثيرها على الشفافية

أثارت محاولات الرئيس دونالد ترامب لإغلاق ملف إبستين ردود فعل غير متوقعة، حيث أدت جهوده إلى موجة شعبوية دفعت الكونغرس لاحقًا إلى فرض معايير شفافية إلزامية. وبموجب القانون الجديد، ستقوم وزارة العدل بنشر جميع الوثائق والسجلات والمواد المتعلقة بإبستين التي لم يتم تصنيفها، بطريقة يمكن البحث فيها وتحميلها بسهولة.

ورغم ذلك، يسمح القانون باستثناءات لحماية هوية الضحايا والمعلومات المتعلقة بالتحقيقات الجارية، خصوصًا في ضوء توجيهات صدرت مؤخرًا لإجراء تحقيقات حول علاقات إبستين بشخصيات ديمقراطية بارزة. ويظل التساؤل قائمًا حول مدى استخدام وزارة العدل لهذه الاستثناءات، بعد أن أكدت في يوليو أن "عدم الإفصاح عن مزيد من الملفات" لن يكون مبررًا.

تداعيات القضية على الشخصيات السياسية الأمريكية

على مدار أكثر من ست سنوات منذ وفاة إبستين في السجن الفيدرالي، يظل الغموض محيطًا بكيفية إفلاته من العقاب لعقود طويلة. وفي يوليو، صدم ترامب أنصاره بنفي أي علاقة له بفضائح إبستين، واصفًا القضية بأنها محاولة من الديمقراطيين لصرف الانتباه. ومع ذلك، أثارت الكشفيات المستمرة عن علاقات إبستين الاجتماعية في بالم بيتش، فلوريدا، تكهنات حول مدى قربه من ترامب، وفق ما نقلته صحيفة "نيويورك تايمز".

ورغم عدم وجود أدلة على تورط ترامب في الانتهاكات، أظهرت استطلاعات الرأي استياءً شعبيًا واسعًا من طريقة تعامله مع القضية. وبرزت المدعية العامة بام بوندي في قلب الجدل بعد توزيعها ملفات على مؤيدي ترامب خلال جلسة تصوير بالبيت الأبيض، رغم أن وزارة العدل أكدت لاحقًا عدم وجود "قائمة عملاء" كما ذُكر. كما واجه رئيس مجلس النواب، مايك جونسون، موقفًا محرجًا عندما أوقف جلسات المجلس لتجنب التصويت على الإفراج عن الملفات، قبل تمرير القرار لاحقًا بموافقة ترامب المترددة، ما أثار شكوكًا حول سلطته وأشعل توترات شعبوية داخل الحزب الجمهوري.

من جانبها، اختارت النائبة مارجوري تايلور غرين الاستقالة بعد خلافها مع ترامب حول الإفراج عن الملفات، معتبرة أن القضية "مزقت حركة ماغا"، وأعربت عن فقدان الثقة بالرئيس الذي ألهمها دخول الحياة السياسية.

فضائح إبستين تتجاوز ترامب

تجاوزت تداعيات قضية إبستين نطاق ترامب لتشمل شخصيات أخرى، مثل وزير الخزانة السابق لاري سامرز، والأمير أندرو، والسفير البريطاني بيتر ماندلسون، الذين فقدوا مناصبهم بعد الكشف عن علاقاتهم بإبستين. وتشكل القضية محور اهتمام 2025 عبر ثلاثة تيارات رئيسية:

انعدام الثقة بين النخب.. حيث أدت التصريحات المتضاربة والتأخير في الإفصاح إلى زيادة الاعتقاد بأن مؤسسات حكومية وتعليمية ومصرفية أخفت شبكات إبستين لفترات طويلة.

ثقافة المؤامرة على الإنترنت.. إذ استفاد المؤثرون من الغموض حول علاقات إبستين بالاستخبارات وشبكات الابتزاز، محولين كل غياب للوضوح إلى مادة خصبة لنظريات فساد شاملة.

الجدل حول إسرائيل.. حيث أثارت علاقات إبستين المعقدة بإسرائيل نقاشات حادة حول نفوذ الدولة اليهودية في السياسة الأمريكية، ترافقها أحيانًا إشارات متطرفة ومعادية للسامية.

خلفية القضية

بدأت قضية إبستين في عام 2008 بعد شكوى والدي فتاة تبلغ 14 عامًا عن تحرشه بها في منزله في فلوريدا. وأسفرت التحقيقات عن ضبط صور لفتيات داخل الممتلكات، وإدانته بتهمة استدراج قاصر لممارسة الدعارة، دون فرض عقوبة طويلة السجن، مع تسجيله في سجل مرتكبي الجرائم الجنسية. وفي 2019، وُجهت إليه تهمة إدارة شبكة لاستغلال القاصرات جنسيًا، وتوفي في السجن قبل المحاكمة، واعتُبرت وفاته انتحارًا. كما تم التحقيق مع شريكته البريطانية السابقة غيسلين ماكسويل، التي أدينت عام 2021 بالتآمر معه للاتجار بالفتيات.

وأدى التحقيق إلى جمع كمية ضخمة من الوثائق، تشمل مقابلات مع الضحايا والشهود، والأدلة المصادرة من ممتلكاته، إلى جانب أكثر من 300 جيجابايت من البيانات المخزنة على وسائل متعددة، وفق مذكرة وزارة العدل لعام 2025.

وعلى مر السنوات، تم نشر بعض الوثائق تدريجيًا. وفي ديسمبر، أصدرت لجنة الرقابة بمجلس النواب حوالي 70 صورة من ممتلكات إبستين، وهو الإصدار الثالث من نوعه، إلى جانب آلاف الوثائق المتعلقة بتركة إبستين، معظمها رسائل إلكترونية وسجلات رحلاته ودفتر جهات اتصاله الذي تضمن أسماء شخصيات بارزة. وفي فبراير، أصدرت وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي المرحلة الأولى من الملفات التي رفعت السرية عنها، وهو ما أثار خيبة أمل بعض المؤثرين اليمينيين الذين حضروا لتسلم الملفات، نظرًا لأن معظمها كان منشورًا مسبقًا.

وبعد توقيع ترامب على القانون، بدأ تنفيذ مهلة 30 يومًا لإصدار الملفات، مع استثناء المعلومات التي قد تعرّض تحقيقات قائمة للخطر أو تكشف هوية الضحايا. ولا تزال المدعية العامة بام بوندي مخوّلة حجب أو تعديل أي بيانات قد تؤثر على التحقيق الفيدرالي، في حين يبدي الجمهوريون قلقهم من أن التحقيقات المتعلقة بعلاقات إبستين بالديمقراطيين قد تؤخر أو تعرقل الإفصاح عن الملفات. وأعرب النائب توماس ماسي عن مخاوفه من احتمال استغلال هذه التحقيقات لتجنب نشر المعلومات، مما يعكس استمرار حالة الجدل وعدم اليقين المحيط بالقضية.


هذا المحتوى مقدم من العلم

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من العلم

منذ ساعة
منذ 8 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 5 ساعات
موقع سائح منذ 6 ساعات
موقع سائح منذ 8 ساعات
بيلبورد عربية منذ 8 ساعات
العلم منذ 6 ساعات
بيلبورد عربية منذ ساعة
العلم منذ 47 دقيقة
موقع سائح منذ 7 ساعات
موقع سائح منذ 7 ساعات