الاتحاد الأفريقي يلاحق سلام السودان في ظل "الرباعية"

ملخص يتحرك الاتحاد الأفريقي ضمن تصور يتجاوز الاكتفاء بالدور الدبلوماسي الشكلي، ويتجه نحو استعادة حضور سياسي وأمني فاعل في واحدة من أكثر أزمات القارة تعقيداً، لكن هذا المسار يواجه قيوداً عملية واضحة، تتصل بضعف القدرات التنفيذية، وصعوبة تحويل البيانات والقرارات إلى أدوات ضغط ملموسة على طرفي الصراع. وتتشكل معادلة النجاح الواقعية للاتحاد الأفريقي عبر التكامل مع جهود "الرباعية"، التي بدأت انتظامها المبكر بجدية أكبر، وامتلكت شبكات نفوذ دولية وأدوات اقتصادية وسياسية أوسع.

شكَّل تصريح مفوض الاتحاد الأفريقي للشؤون السياسية والسلام والأمن بانكول أدوي في الـ18 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، نقطة انطلاق لمرحلة جديدة في مقاربة المنظمة القارية للحرب في السودان. وقد جاء إعلانه عن أولوية قيادة الاتحاد الأفريقي لعملية السلام، هذه المرة، بالتنسيق مع الأمم المتحدة، تعبيراً عن السعي إلى المشاركة في الوساطة، وإيجاد موقع في المبادرات المتعددة، لا سيما أن المحاولات السابقة قد أسهمت في إرباك المشهد، وأضعفت فرص التوصل إلى مسار تسوية متماسك.

LIVE An error occurred. Please try again later

Tap to unmute Learn more في هذا الإطار، يتحرك الاتحاد الأفريقي ضمن تصور يتجاوز الاكتفاء بالدور الدبلوماسي الشكلي، ويتجه نحو استعادة حضور سياسي وأمني فاعل في واحدة من أكثر أزمات القارة تعقيداً. ويعكس هذا التوجه محاولة لإعادة بناء وزن مؤسسي تراجع تأثيره خلال السنوات الماضية، وعزمه على إدخال أدوات جديدة في التعاطي مع النزاع السوداني، تشمل التنسيق الأمني، والمتابعة السياسية، وربط مسارات التفاوض بسياق إقليمي أوسع، لكن هذا المسار يواجه قيوداً عملية واضحة، تتصل بضعف القدرات التنفيذية، وصعوبة تحويل البيانات والقرارات إلى أدوات ضغط ملموسة على طرفي الصراع.

يتحرك الاتحاد الأفريقي ضمن تصور يتجاوز الاكتفاء بالدور الدبلوماسي الشكلي ويتجه نحو استعادة حضور سياسي وأمني فاعل في واحدة من أكثر أزمات القارة تعقيداً (غيتي)

وتزداد هذه التحديات حدة في بيئة إقليمية متشابكة، حيث يسعى الاتحاد الأفريقي إلى تقديم نفسه إطاراً مرجعياً لجهود التسوية، من دون امتلاك رؤية جامعة أو وسائل كافية لفرض انضباط فعلي على مسار التفاوض، وليس كشريك في المبادرات التي قطعت شوطاً في اتجاه حل الأزمة، ولكن يطرح نفسه كبديل برؤية أحادية تحت شعار "حلول أفريقية للمشكلات الأفريقية". ونتيجة لذلك، تتسم تحركات الاتحاد الأفريقي بدرجة من الحذر المحسوب، وتندرج في سياق إعادة تموضع داخل مشهد معقد، أكثر من كونها تعبيراً عن قدرة مستقرة على إدارة مسار سلام شامل.

ويكتسب تنسيق الاتحاد الأفريقي مع الأمم المتحدة، ممثلة في المبعوث الشخصي للأمين العام إلى السودان رمطان لعمامرة، أهمية خاصة في إطار سعيه لمنح جهده غطاءً دولياً يحد من عزلته الأخيرة. مع ذلك، تكشف مواقف مجلس السلم والأمن الأفريقي، خصوصاً بعد تطورات ميدانية خطرة مثل سقوط الفاشر وما رافقه من انتهاكات، عن فجوة قائمة بين الصلاحيات القانونية المتاحة، بما فيها آليات التدخل في حالات الجرائم الجسيمة، وبين الإرادة السياسية اللازمة لتفعيلها. وبين قرارات متكررة وتكليفات واسعة، يبقى التنفيذ بطيئاً، في وقت يواصل العنف فرض وقائعه.

منذ اندلاع الحرب في السودان بدا حضور الاتحاد الأفريقي محكوماً بإرث ثقيل من التردد المؤسسي (غيتي)

إرث التردد منذ اندلاع الحرب في السودان، بدا حضور الاتحاد الأفريقي محكوماً بإرث ثقيل من التردد المؤسسي، وحسابات التوازن بين مبدأ السيادة وواجب الحماية، أكثر مما كان مدفوعاً بإحساس الاستعجال الذي فرضه انهيار الدولة والعنف واسع النطاق. ظل وضع السودان القانوني محكوماً بقرار تعليق مشاركة سلطاته في أنشطة الاتحاد الأفريقي منذ انقلاب أكتوبر (تشرين الأول) عام 2021، وهو تعليق استمر مع اندلاع الحرب، من دون أن يعني خروج السودان من المنظمة القارية أو من الهيئة الحكومية للتنمية "إيقاد"، التي واصل التفاعل معها سياسياً ودبلوماسياً.

خلال الأشهر الأولى للحرب، اكتفى الاتحاد الأفريقي بمواقف حذرة، ركزت على الدعوة إلى وقف إطلاق النار، وضبط النفس، واستئناف العملية السياسية، من دون أن يترجم ذلك إلى أدوات ضغط حقيقية على طرفي النزاع. وعلى رغم إدانته المعلنة للعنف، ظل أداؤه بطيئاً مقارنة بحجم الكارثة الإنسانية، ومحدود التأثير في مسار العمليات العسكرية أو في حماية المدنيين. كما أن علاقته بطرفي النزاع اتسمت ببراغماتية حذرة، إذ حافظ على قنوات تواصل مع القوات المسلحة وقوات "الدعم السريع" في آن واحد، من دون أن ينجح في تحويل هذا التواصل إلى مسار تفاوضي فاعل أو التزام ملزم.

أول التحديات التي يواجهها الاتحاد الأفريقي في محاولة توليه زمام القيادة في المشهد السوداني يتمثل في فجوة المصداقية التي راكمها الاتحاد منذ اندلاع الحرب (غيتي)

هذا الأداء المتحفظ فتح الباب أمام انتقادات واسعة من القوى السياسية والمدنية السودانية، التي رأت في موقف الاتحاد الأفريقي تعبيراً عن تقاعس أكثر منه حياداً. فقد وجهت له اتهامات بـ"بطء" الاستجابة، وبالارتهان لإجراءات بيروقراطية لا تتناسب مع حرب تتوسع جغرافياً وتنتج فظائع جماعية. واعتبرت قوى مدنية أن تعليق عضوية السودان، من دون ابتكار أدوات تدخل سياسية وأمنية موازية، حول الاتحاد إلى مراقب عاجز، بينما كانت البلاد تنزلق إلى واحدة من أسوأ أزماتها منذ الاستقلال.

حتى عندما نشط مجلس السلم والأمن في عقد جلسات طارئة، وإصدار بيانات متلاحقة، ظل الانطباع السائد أن القرارات تراكم على الورق أكثر مما تنفذ على الأرض. فالتوصيات المتعلقة بحماية المدنيين، ومساءلة مرتكبي الانتهاكات، وملاحقة الجهات الخارجية الداعمة للأطراف المتحاربة، بقيت في معظمها حبراً على ورق، أو رهينة جداول زمنية لم تحترم. وعليه، فإن التحرك الأخير للاتحاد الأفريقي، والدعوة إلى قمة رئاسية مرتقبة في شأن السودان، يقرآن على خلفية هذا السجل المثقل بالخطوات البطيئة. فهو لا يمثل نقطة بداية، بقدر ما يشكل محاولة متأخرة لتدارك فجوة الصدقية التي اتسعت بين المؤسسة القارية وفاعليها المفترضين في السودان، وبين خطاب القيادة الأفريقية وواقع عجزها الطويل عن تحويل النفوذ الأخلاقي إلى فعل سياسي حاسم.

اقتناص الفرصة يبرز الموقف الأخير للاتحاد الأفريقي من الأزمة السودانية كحصيلة تراكم ضغوط داخلية وخارجية تلفت إلى ضرورة صياغة دور يتناسب مع مؤسسة قارية تأسست منذ نحو ستة عقود. فالتحول الأبرز يتمثل في انزياح واضح في الخطاب، من الاكتفاء بنداءات وقف إطلاق النار والتهدئة، إلى إعلان صريح عن نية قيادة العملية السياسية نفسها. هذا.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من اندبندنت عربية

منذ ساعة
منذ ساعة
منذ ساعة
منذ 35 دقيقة
منذ ساعة
منذ 21 دقيقة
قناة روسيا اليوم منذ 6 ساعات
قناة العربية منذ 4 ساعات
قناة العربية منذ 15 ساعة
قناة العربية منذ 4 ساعات
سي ان ان بالعربية منذ 10 ساعات
قناة العربية منذ 15 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 5 ساعات
سي ان ان بالعربية منذ 4 ساعات