مقرر لجنة الشباب بـ"الأعلى للثقافة": الثقافة حائط صد أمام الظواهر السلبية وتعزز العقل

قالت الدكتورة منى الحديدي، مقررة لجنة الشباب بالمجلس الأعلى للثقافة، إن الثقافة تساهم في رفع كفاءة "رأس المال البشري" والوعي بالحقوق والواجبات، واحترام القانون، والحفاظ على الممتلكات العام، وللثقافة دور وقائي؛ فهي تمثل حائط الصد الأول أمام الظواهر السلبية عبر تقديم خطاب تنويري يعلي من قيمة العقل والتسامح، فضلا عن أنها تعلم الشباب كيفية التعامل الواعي مع التكنولوجيا والتمييز بين المحتوى البناء والهدام، كما أنها تمثل جسرا للتواصل الإنساني وتساعد الشباب على فهم "الآخر" والانفتاح على الحضارات المختلفة دون فقدان الأصالة، مما يعزز قيم السلام المجتمعي.

وأوضحت منى الحديدي، مقررة اللجنة وأستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب ــ جامعة العاصمة/حلوان/ في حوارها مع وكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم/السبت/، أن الثقافة تسهم في تشكيل الوعي الجمعي؛ وغرس الشعور بالانتماء من خلال ربط النشء بتاريخهم وتراثهم، مما يخلق "هوية صلبة" تقاوم موجات التغريب، والحماية من الفكر المتطرف؛ فالثقافة الحقيقية تعلّم الشباب كيفية تحليل الأفكار بدلاً من تلقينها، مما يحميهم من الانسياق وراء الشائعات.

وبسؤالها الثقافة روح الأمة ومرآة تاريخها وتراثها.. كيف ترين هذه القاعدة ؟، قالت الدكتورة منى الحديدي، إن بناء المجتمعات يبدأ من "بناء الإنسان"، والثقافة هي الأداة الوحيدة التي تضمن أن يكون هذا البناء متوازناً بين العقل والوجدان، ومستداماً يربط الماضي بالمستقبل ورفع وعي النشء والشباب ثقافياً لتحويلهم من "مستهلكين للمعلومات" إلى "صناع للحضارة" ولكي تنجح الثقافة في أداء هذا الدور، يجب ألا تظل حبيسة الكتب، بل يجب أن تتحول إلى "أسلوب حياة" يمارسه الشاب في مدرسته وجامعته وناديه، فالثقافة هي "القوة الناعمة" الأكثر تأثيراً في صياغة حاضر الأمم ومستقبلها؛ فهي نسق من القيم والمعايير والمهارات التي تشكل وجدان الفرد وتحدد سلوكه الاجتماعي وهي ركيزة أساسية في بناء الشخصية الوطنية.

وقالت الدكتورة منى الحديدي، إن لجنة الشباب واحدة من اللجان النوعية بالمجلس الأعلى للثقافة، ولقد اعتبرتها منذ توليت مهام مقررة اللجنة؛ أنها ليست مجرد هيكل إداري، بل منبراً ثقافيا للشباب لطرح قضاياهم ورؤاهم، وهي أيضاً مختبر الحاضنة لشباب المبدعين، وقد سعينا بجدية لتكون اللجنة منارة للتنوير الثقافي والاجتماعي وحائط صد ضد تزييف الوعي أو التجهيل وانطلقت فلسفة العمل داخل اللجنة من مبدأ أن "الشباب ليسوا فقط مستقبل الأمة، بل هم حاضرها الفاعل"، ولذلك فإن الجهود المبذولة أثناء عمل الجنة اتسمت بالمرونة والاستجابة السريعة للمتغيرات المحلية والعالمية وقد استندت خطة عمل اللجنة على وضع استراتيجية علمية متكاملة تهدف إلى تحويل العمل الثقافي من مجرد "أنشطة احتفالية" إلى "مشروع بناء إنسان".

وأوضحت، مقررة اللجنة أن الاستراتيجية لها عدة محاور أولها: المحور الفكري والتوعوي (بناء الوعي) ويركز هذا المحور على تحصين عقول الشباب ضد الأفكار المتطرفة والوافدة التي تستهدف الهوية الوطنية، وذلك من خلال: تنظيم لقاءات فكرية تجمع بين كبار المفكرين والشباب لفتح باب الحوار الديمقراطي العقلاني حول قضايا التنوير، والمواطنة، وحقوق الإنسان، وتنظيم ندوات حول "اقتصاديات المعرفة" وكيفية استثمار المحتوى الثقافي رقمياً بما يخدم التنمية المستدامة، فضلا عن تنظيم حلقات نقاشية تناولت قضايا معاصرة بأسلوب علمي، مثل "أخلاقيات الذكاء الاصطناعي"، و"الإشاعات في عصر الرقمنة"، و"المواطنة الرقمية".

وأشارت إلى أن المحور الثاني من الاستراتيجية يتعلق بتحقيق العدالة الثقافية (الانتشار الجغرافي) من خلال التعاون مع الجامعات الإقليمية، وعقد بروتوكولات تعاون لتنفيذ أنشطة اللجنة في محافظات الصعيد والدلتا والحدود، لضمان وصول الرسالة التنويرية لكل شاب مصري وتسيير قوافل ثقافية تضم نخبة من المثقفين والمبدعين للتحاور مع الشباب في مراكز الشباب وقصور الثقافة في القرى والمدن البعيدة.

وأوضحت أن المحور الثالث يتعلق بتحفيز الاشتباك المجتمعي حيث حرصت اللجنة أيضاً على إطلاق مسابقات تتناول قضايا اجتماعية ملحة، مما يحفز الشباب على الاشتباك مع قضايا مجتمعهم بمنهجية علمية رصين، كما نظمت اللجنة عددا من ورش العمل في مجالات الكتابة الإبداعية، والسيناريو، والفنون التشكيلية، بمشاركة خبراء وأكاديميين لثقل المواهب بالدراسة النظرية.

ولفتت الحديدي إلى أن المحور الرابع من الاستراتيجية يتعلق بالأهداف الجوهرية للاستراتيجية من خلال تحقيق التمكين للشباب ووضعهم في قلب عملية صنع القرار الثقافي وخلق جيل جديد من المثقفين القادرين على قيادة المؤسسات الثقافية مستقبلاً وتعزيز الانتماء ورفع مستوى الوعي المجتمعي لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية، فضلا عن تفعيل تواجد اللجنة على وسائط التواصل الاجتماعي ليس فقط للنشر، بل لاستقبال مبادرات الشباب الثقافية وتقييمها.

وعن التحديات التي تواجه الشباب المبدعين حاليًا، وكيف التغلب عليها لدعمهم بشكل أفضل؟، قالت مقررة لجنة الشباب بالمجلس الأعلى للثقافة، يواجه الشباب المبدعون في العصر الراهن جملة من التحديات المركبة التي تفرضها التحولات التكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية المتسارعة ويمكن تحليل هذه التحديات وسبل تجاوزها على النحو التالي:" تحدي "الفوضى الرقمية" والملكية الفكرية: في ظل الانفجار المعلوماتي، يعاني المبدع من صعوبة إيصال صوته وسط ضجيج المحتوى العشوائي، بالإضافة إلى تزايد مخاطر السطو على الأفكار والإنتاج الإبداعي في الفضاء الرقمي المفتوح، الفجوة بين التعليم وسوق العمل الإبداعي:لا تزال المناهج الأكاديمية في كثير من الأحيان تركز على الجوانب النظرية، بينما يتطلب الواقع العملي مهارات تقنية وإدارية (مثل التسويق الذاتي وإدارة المشروعات الثقافية) لا يمتلكها الكثير من المبدعين الشباب، العوائق الاقتصادية والتمويلية: يفتقر الشباب غالباً إلى رأس المال اللازم لتحويل أفكارهم الإبداعية إلى مشروعات مستدامة، مع غياب ثقافة "الاستثمار في الإبداع" لدى القطاع الخاص والمؤسسات التمويلية، والتحديات النفسية والاجتماعية: يواجه المبدع ضغوطاً للامتثال للقوالب التقليدية، بالإضافة إلى حالة "الاحتراق النفسي" نتيجة السعي لتحقيق النجاح السريع في بيئة شديدة التنافسية".

وأوضحت أنه لصياغة بيئة داعمة للإبداع، يجب العمل وفق استراتيجية متكاملة تشمل الأبعاد التالية: " مأسسة دعم الإبداع (الحواضن الثقافية): من خلال إنشاء "حاضنات أعمال إبداعية" (Creative Incubators) داخل المؤسسات الثقافية والجامعات، توفر للمبدع الشاب الدعم الفني والقانوني (لحماية ملكيته الفكرية) والمساحات اللوجستية للعمل، والعمل على تحديث منظومة التشريعات وتطوير قوانين الملكية الفكرية لتواكب العصر الرقمي، وتسهيل إجراءات تسجيل براءات الاختراع والمؤلفات الأدبية والفنية للشباب بأسعار رمزية، وتجسير الفجوة المهارية من خلال تنظيم ورش عمل لا تقتصر على "الفن" لذاته، بل تمتد لتشمل "ريادة الأعمال الثقافية"، وتعليم الشباب كيفية تسويق إنتاجهم وبناء علامة تجارية شخصية قوية، فضلا عن ضرورة تفعيل دور "صناديق دعم المبدعين" وتشجيع الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) لتمويل المشروعات الشبابية، والاعتماد على نماذج التمويل الجماعي (Crowdfunding) تحت إشراف مؤسسي، وتدريب الشباب على دمج أدوات الذكاء الاصطناعي في عملياتهم الإبداعية بدلاً من الخوف منها، وتحويلها إلى أداة لرفع جودة الإنتاج وتوسيع نطاق الانتشار.

وقالت الدكتورة منى الحديدي، إن دعم الشباب المبدعين لا ينبغي أن يكون "منحة" أو "عملاً خيرياً"، بل هو استثمار استراتيجي في أصول الدولة غير المادية فالمجتمع الذي ينجح في حل مشكلات مبدعيه هو مجتمع يضمن مكانه في اقتصاد المعرفة العالمي..كما يجب الانتقال من سياسة "الرعاية" (التي تجعل المبدع متلقياً سلبياً) إلى سياسة "التمكين" (التي تجعل المبدع شريكاً في التنمية)، عبر خلق نظام بيئي (Ecosystem) متكامل يربط الموهبة بالتعليم، والتعليم بسوق العمل، وسوق العمل بالتنمية المستدامة.


هذا المحتوى مقدم من بوابة دار الهلال

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من بوابة دار الهلال

منذ ساعتين
منذ ساعتين
منذ ساعتين
منذ ساعتين
منذ ساعتين
منذ ساعتين
صحيفة اليوم السابع منذ 13 ساعة
صحيفة المصري اليوم منذ 11 ساعة
صحيفة اليوم السابع منذ 3 ساعات
صحيفة المصري اليوم منذ 11 ساعة
موقع صدى البلد منذ 6 ساعات
صحيفة المصري اليوم منذ 6 ساعات
بوابة أخبار اليوم منذ 10 ساعات
صحيفة المصري اليوم منذ 9 ساعات