وصف رئيس لجنة الشؤون السياسية بمجلس الدولة الاستشاري، محمد معزب، الجدل الذي تشهده ليبيا حاليا بأنه متوقع وطبيعي في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها المواطنون.
وقال معزب في تصريحات نقلتها «الشرق الأوسط»، إن الشارع يرى خللاً واضحاً في سياسات الإنفاق لدى الحكومتين، ويكتشف أن الاحتياجات الأساسية ومعالجة أزمات المواطنين ليست ضمن أولويات أيٍّ منهما.
وأضاف أن الأسر التي تنتظر علاج أحد أبنائها المصابين بأحد الأمراض المزمنة، لا يمكن لومهم على انتقاد، أو عدم التفاعل مع افتتاح ملعب، أو متحف، أو حديقة، أو حتى طريق جديد، وبالمثل لا يمكن لوم رب أسرة يصطف لساعات طويلة أمام المصارف للحصول على راتبه.
ويرى معزب أن الحل يكمن في تحقيق توازن استراتيجي بين تلبية احتياجات المواطنين، وتنفيذ المشاريع التنموية والحضارية، التي تبقى ذات قيمة للدولة، حتى وإن لم تظهر آثارها على المدى القريب، مشدداً على أن توحيد السلطة التنفيذية، أو حتى الاتفاق على أولويات إنفاق واضحة، من شأنه أن يخفف من حدة الجدل، ويحوّل المشاريع إلى أداة للتنمية، بدلاً من أن تكون، كما هو الوضع الآن، أداة للصراع السياسي، عبر محاولة كل حكومة تعزيز حضورها من خلال مشاريع كبرى، تُدشَّن باحتفالات تحظى باهتمام دولي ومحلي.
ونقلت الشرق الأوسط أنه عبر منصة حكومتنا التابعة لحكومة الدبيبة، أعرب بعض سكان طرابلس عن تقديرهم وسعادتهم بتنظيم حفل افتتاح المتحف الوطني، والعروض الفنية المصاحبة له، غير أن كفة الانتقادات بدت هي الأقوى والأرجح.
وفي تعليقه على خبر الافتتاح، كتب حساب باسم خالد الزيتوني: حاضر البلاد يصرخ من الوجع، المعضلة ليست في التاريخ، بل في واقع مواطن مستنزف ودين عام يثقل الدولة .
وتساءل صاحب حساب آخر عن مدى استفادة الشعب والمرضى تحديدا، في حين طالب آخرون بإعطاء أولوية لذوي الاحتياجات الخاصة، بدل إنفاق الأموال على الاحتفالات.
وقالت الصحيفة إن أزمة نقص السيولة هيمنت على المشهد الليبي، في ظل تكرار حالات اصطفاف المواطنين أمام المصارف لساعات طويلة، إلى جانب نقاشات موسعة مع خبراء ومسؤولين حول سبل المعالجة.
كما برزت الأزمة في سياق آخر، تمثل في إثارة الجدل حول المشاريع التنموية، ومن بينها افتتاح المتحف الوطني في طرابلس، إذ قوبل الإنفاق الكبير على تجديد المَعلم الحضاري والعروض الاحتفالية المصاحبة، بانتقادات واسعة، واعتُبر إسرافاً غير مقبول في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة.
ويرى مراقبون أن الجدل حول المشاريع، وإقامة المنشآت العامة، بات ظاهرة متكررة في ليبيا، وهي تعكس انقساماً واضحاً في الرأي العام بين من يُثمّنها بوصفها تجسيداً للبعد الحضاري للدولة، وبين من يعتبر أن الأولوية يجب أن تُمنح لتلبية احتياجات المواطنين، والنهوض بالقطاعات الخدمية، لا سيما الصحة والتعليم.
ولا ينفصل هذا الجدل، وفق تقديرات المراقبين، عن الصراع السياسي القائم بين حكومتَي شرق البلاد وغربها؛ إذ تُوظَّف المشاريع أحياناً لتعزيز صورة كل طرف، ما يجعل تقييمها خاضعاً للاصطفاف السياسي، فترتفع وتيرة الانتقادات عند تنفيذ المشاريع في مناطق نفوذ الخصم، مقابل الاحتفاء بها في مناطق المعسكر نفسه.
وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى المؤقتة برئاسة عبد الحمية الدبيبة، والتي تتخذ من طرابلس غرب البلاد مقراً لها، والثانية بقيادة أسامة حماد، وهي مكلفة من البرلمان، ومدعومة من خليفة حفتر، وتدير المنطقة الشرقية وبعض مدن الجنوب.
هذا المحتوى مقدم من ج بلس
