حصاد 2025 - بعد عام شاق سياسيا.. ماذا ينتظر العراق في 2026؟

يستقبل العراق العام الجديد 2026، على وقع تحولات إقليمية ودولية عاصفة، أبرزها البدء بتنفيذ خارطة الشرق الأوسط الجديد، وما رافقها من تغيرات في تشكيل التوازنات السياسية والأمنية في المنطقة بعد سقوط النظام السوري وتراجع النفوذ الإيراني، مقابل انفتاح الشعوب العربية على دولة إسرائيل وتنامي النفوذ الأميركي في العراق وسوريا.فما هي الأحداث السياسية والأمنية التي شهدها العراق في العام 2025؟ ما هو تأثيرها على الواقع السياسي العراقي؟ وكيف سيكون شكل المرحلة السياسية المقبلة خلال العام المقبل؟ العراق وسوريا

بعد سقوط النظام السوري في 8 ديسمبر 2024، وسيطرة "هيئة تحرير الشام" على السلطة في دمشق، وجد العراق نفسه أمام تحدٍّ سياسي واضح، خصوصا أن جزءا من الحكومة العراقية يرتبط بشكل وثيق بإيران، هذا التطور دفع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى زيارة إيران في 8 يناير 2025 ولقاء الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، حاملا رساسة سياسية أميركية إلى طهران، مضمونها أن واشنطن ستعمل على تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة.

وفي خطوة سياسية تعكس تغيّر شكل التحالفات السياسية، وبعد فترة من الفتور السياسي استمرت سنوات عدة، استقبلت أربيل عاصمة إقليم كردستان في 18 يناير 2025، القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، الذي التقى بالزعيم الكردي مسعود بارزاني، وبحث معه الطرق الأنسب لتعامل القوى الكردية مع الوضع السياسي الجديد في سوريا، كما حمّل بارزاني مظلوم عبدي رسالة لحزب العمال الكردستاني، تدعو قادته إلى إلقاء السلاح والانخراط في العملية السلمية.

وقبل أن ينتهي الشهر الأول من العام، شهد العالم في 20 يناير 2025 فوز الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الانتخابات الأميركية وعودته للسلطة، وتوقيعه عدة قرارات، من بينها تعليق الحكومة الأميركية مساعداتها للمنظمات غير الحكومية العاملة في مخيم الهول، ما دفع العراق إلى تسريع عملية استعادة العائلات العراقية المرتبطة بـ"داعش"، وفي 12 فبراير 2025، أعلنت إدارة مخيم الهول عن إخراج 155 عائلة عراقية، في إطار التعاون المشترك بين قوات سوريا الديمقراطية والسلطات العراقية لتسهيل عودة العائلات العراقية وإنهاء ملف مخيم الهول.

وعلى وقع الأحداث الدامية التي شهدها الساحل السوري في 8 مارس 2025، وجهّت السلطات السورية الانتقالية في 10 مارس 2025 تحذيرا من تورط الجانب العراقي في الشؤون الداخلية السورية، عبر وجود غرفة عمليات مشتركة تتكون من (الفصائل العراقية المسلحة، ماهر الأسد وضباطه، "حزب الله" اللبناني، فيلق القدس الإيراني)، ما أدى إلى انقسام سني شيعي في العراق حول سوريا الجديدة، ونفي الجانب الشيعي وجود أي غرفة عمليات من هذا النوع على الأراضي العراقية، وتحذيره من ضرورة حماية الأقليات في سوريا. العراق والولايات المتحدة

وبعد استلام دونالد ترامب السلطة، بدأت الحكومة الأميركية بالضغط على العراق، لنزع سلاح الفصائل العراقية المسلحة وحصر السلاح بيد الدولة، وفي 9 إبريل 2025، وجه مسؤولون أميركيون تحذيرات متكررة للحكومة العراقية حول مسألة تسليم السلاح، ما دفع 10 قادة عسكريين للإعلان عن استعدادهم لتسليم السلاح تجنباً لغضب الإدارة الأميركية، جاء ذلك بعد مفاوضات مطوّلة مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.

وفي ظل الانقسام السني الشيعي العراقي حول شخصية الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، وجّهت الحكومة العراقية نهاية إبريل 2025، دعوة رسمية للشرع لحضور القمة العربية في بغداد، وسط اعتراض قادة الإطار التنسيقي، ثم توالت التهديدات عبر السوشل ميديا في حال وصل الشرع إلى الأراضي العراقية، ما دفع الأخير لتجنّب الحضور وإرسال وزير الخارجية في السلطات السورية الانتقالية أسعد الشيباني بديلا عنه لحضور القمة العربية التي انطلقت أعمالها في 17 مايو 2025، وسط غياب عدد كبير من الزعماء العرب.

وكان شهر يونيو من أكثر الأشهر خطورة على العراق، بعد أن اندلعت الحرب الإسرائيلية الإيرانية، حيث استهدفت تل أبيب منشآت نووية إيرانية وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة نحو العمق الإسرائيلي، ما دفع الأمين العام لـ"كتائب سيد الشهداء" أبو آلاء الولائي للتهديد بإرسال عشرات المقاتلين لمهاجمة المصالح الأميركية في العراق، في حال شنت إسرائيل ضربة عسكرية على إيران، مما أعاد العراق إلى قلب الصراع الدولي، فسارع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني للقاء قادة الفصائل وإقناعهم بضرورة عدم التدخل في الحرب الدائرة، في المقابل دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر العراق إلى النأي بنفسه عن هذه الحرب، قائلاً: "يجب أن يبقى العراق بعيداً عن هذه الحرب ولابد من الإصغاء لصوت الحكمة".

وتنفيذا لخطة واشنطن بتقليص النفوذ الإيراني في العراق، وجهت وزارة الخزانة الأميركية في 1 يوليو 2025، تحذيرا لشركة "كي كارد" العراقية الخاصة بنظام الدفع عن طريق بطاقة الائتمان، من مخاطر صرف رواتب الحشد الشعبي (قوة عسكرية عراقية لديها علاقات وثيقة بإيران)، وفرض عقوبات مالية مباشرة عليها، مادفع الشركة إلى الانسحاب وإبلاغ مصرف الرافدين بذلك.

وفي منتصف العام 2025 تحديدا شهر أغسطس، بدأت تتضح الخطة التي رسمتها واشنطن للعراق، ورغبتها أن يكون إقليم كردستان نقطة محورية لوجود قواتها في المنطقة، حيث انطلقت في الشهر ذاته المرحلة الأولى من انحساب قوات التحالف الدولي من العراق، بما يشمل الانسحاب من قاعدة عين الأسد الجوية في محافظة الأنبار إلى قاعدة حرير الجوية في أربيل، ما وصفه المتحدث السابق باسم التحالف الدولي مايلز كاجينز بأنه تعزيز للنفوذ الإستراتيجي لحكومة إقليم كردستان كمركز لوجستي وعملياتي في سوريا والعراق.

وفي منتصف شهر سبتمبر 2025، أطلق رئيس مجلس الوزراء الإسرائيلي بينيامين نتانياهو، رسالة واضحة للفصائل العراقية المسلحة، مضمونها أن أي محاولة لاستهداف إسرائيل ستواجه برد قاسي، ثم عرض خلال كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة خارطة للشرق الأوسط الجديد، بعد أن تم تلوين المناطق التي تعتبرها إسرائيل جزءاً من محور إيران، باللون الأحمر وكانت الأراضي العراقية من ضمنها. فيما لم ترد الفصائل المسلحة والتزمت باتفاق الهدنة عام 2024.العراق وتركيا

وشهدت نهاية أكتوبر 2025، حدثان مهمان في الشأن العراقي، الأول إعلان حزب العمال الكردستاني انسحاب مقاتيله من الأراضي التركية إلى شمال العراق، جاءت هذه الخطوة بعد إعلان الحزب حل نفسه وإنهاء حالة الصراع المسلح مع تركيا في 12 مايو 2025. ثم بعدها بيومين أعلنت تركيا موافقتها على إطلاق جزء من مياه نهري دجلة والفرات إلى الأراضي العراقية لمدة 50 يوماً، إضافة إلى اتفاق عراقي تركي طويل الأمد حول ملف المياه.

وكان شهر نوفمبر هو الأكثر زخماً في الشارع العراقي، بعد أن أعلنت المفوضية العليا للانتخابات نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية التي انطلقت في 11 نوفمبر 2025، تصدّر نتائجها ائتلاف الإعمار والتنمية بقيادة رئيس الحكومة محمد شياع السوداني بأكثر من مليون صوت انتخابي، والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني بأكثر من مليون صوت انتخابي أيضاً.

ويستعد العراق لاستقبال العام الجديد 2026، وسط مجموعة من الاحتمالات المفتوحة حول شكل الحكومة العراقية الجديدة، وعلاقتها بإيران وواشنطن من جهة وبدول الجوار من جهة أخرى، فمازالت الصراعات داخل الكتل السياسية مستمرة حول مسألة تسمية الرؤساء الـ3: رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ورئيس الحكومة، في ظل تدخلات أميركية واضحة عبر مبعوث الرئيس دونالد ترامب إلى العراق مارك سافايا، الذي نقل للقادة العرقيين رفض واشنطن وصول الفصائل العراقية المسلحة لأي مفصل من مفاصل الدولة في الحكومة العراقية الجديدة.العلاقات مع إسرائيل

ويقول المحلل السياسي مكرم القيسي لمنصة "المشهد"، إن العراق سينتقل مع بداية العام الجديد إلى مرحلة ما بعد الانتخابات، خصوصاً أن المفاوضات بين الكتل السياسية نضجت وأصبحت الأسماء المرشحة جاهزة تقريباً سواء في المكون السني أو الكردي، حيث توصلت الكتلة السنية إلى مرشحين رئيسيين محمد الحلبوسي ومثنى السامرائي، أما المكون الشيعي فما زالت قوى الإطار التنسيقي تحاول اختيار شخصية شيعية توافقية، مما سيؤخّر عمل الحكومة الجديدة أشهر عدة بعد بداية العام الجديد.

ويرى القيسي، أن العراق سيشهد في العام 2026 بداية إقامة علاقات مع إسرائيل، عبر تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة وإعلان عدم الخصومة مع إسرائيل، بداية الخطوة ستكون على شكل اتفاقية سلمية بين بغداد وتل أبيب، خصوصا أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني زار مصر وحضر مؤتمر السلام بين غزة وإسرائيل الذي انعقد في مدينة شرم الشيخ 13 أكتوبر 2025، ما يدل على أن العراق ماض باتجاه إقامة علاقات لكن بشكل تدريجي، هذا ما ترسمه واشنطن للعراق خصوصا بعد تقليص نفوذ الفصائل العراقية المسلحة في الحكومة المقبلة. وفي السياق ذاته، يرى المحلل السياسي محمد زنكنة أن العلاقة بين بغداد وأربيل ما زالت شائكة، تحتاج إلى المزيد من الوقت خلال العام المقبل لتحقق التوافق المطلوب، سنشهد مناورات ومساومات ستنتهي من خلال الضغط الأميركي، الذي سينُهي حالة التوتر أو الخلاف سواء بين أربيل وبغداد أو بين الحزب الديمقراطي الكردستاني و الاتحاد الوطني الكردستاني.

السياسي الكردي ريبر أحمد، ووزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، هما الشخصيتان المرشحتان لرئاسة الجمهورية العراقية، ما زالت الاجتماعات مستمرة لتحديد شخصية رئيس الجمهورية للتوافق عليها وإعلانها خلال العام 2026، بحسب زنكنة.

ويرى زنكنة أن هناك عددا كبيرا من المسؤولين العراقيين داخل الحكومة العراقية لا يمانعون أبداً في إقامة علاقات مع إسرائيل، لكنهم لا يستطيعون أن يعلنوا ذلك بشكل مباشر بسبب التهديدات الإيرانية، لكن العام الجديد سيشهد هذه الخطوة مع إسرائيل، خصوصا إذا أنتجت الانتخابات شخصيات جديدة بعيدة عن الجانب الإيراني، أما في حال بقيت الشخصيات المسؤولة داخل الحكومة على حالها فسيكون إقامة علاقات مع تل أبيب أمرا صعباً، إلا أن جميع المؤشرات تدل على انفتاح البيئة السياسية العراقية على السلام مع إسرائيل.(المشهد - العراق)۔


هذا المحتوى مقدم من قناة المشهد

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من قناة المشهد

منذ 6 ساعات
منذ 7 ساعات
منذ 8 ساعات
منذ 8 ساعات
منذ 7 ساعات
منذ 7 ساعات
سي ان ان بالعربية منذ 9 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 14 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 7 ساعات
سي ان ان بالعربية منذ 17 ساعة
قناة العربية منذ 17 ساعة
قناة يورونيوز منذ 17 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 19 ساعة
قناة العربية منذ 8 ساعات