في مواجهة التحولات الكبرى التي يشهدها العالم، وتحديداً في مجال التقنيات وما تفرضه من علاقات جديدة بين الأديب وأدواته وقضاياه ومحيطه، تتعدد مقاربات الكتابة في التعبير عن الذات الشخصية والاجتماعية من جانب، وعن الهوية، والحرية من جانب آخر، فكيف يمكن للكاتب أن يواجه تحديات هذا العصر وأزماته ويسهم في إبداع فضاء إنساني جديد؟، وبالتحديد في مجال الإعلام والثقافة، حيث يشهد هذا المجال تحولات كبرى على مستوى العالم، ما يعني أن دور الإعلامي والمثقف محكوم بالتغير في المنابر المختلفة، سواء عبر الصحيفة والشاشة أو عبر المنصات الإلكترونية، وخاصة أن العلاقة بين المثقف والجمهور تمر بتغيرات كبيرة في الآن نفسه. وفي هذا السياق يُطرح سؤال آخر عن الدور الذي يمكن للإعلام أن يقوم به في صناعة الرموز الثقافية وتوسيع دائرة الفكر والتفاعل لدى الجمهور.
بداية يقول الدكتور عمر عبد العزيز، مدير الدراسات والنشر في دائرة الثقافة بالشارقة، إن القاسم المشترك بين السؤالين السابقين يكمن في التحولات العاصفة التي يشهدها العالم المعاصر، وأثر هذه التحولات في الخطاب المعرفي بشقيه الثقافي العام، والإبداعي الخاص، وبطبيعة الحال تتصل هذه الحقيقة بالدور الاستحقاقي المرتبط بالمثقفين الذين عليهم دفع هذا الثمن الباهظ، والمصانعة في زمن التدافعات الرقمية ومدهشات الذكاء الاصطناعي، وثقل الواجبات. ويضيف موضحاً: «أتصور أن الاتتلجنسيا المعاصرة مطالبة بإدراك الزمن الإبداعي الجديد، والمغاير للزمن الذي ألفناه منذ عقود خلت، ذلك أننا بإزاء تقلص المعطيات الزمكانية التي طالما كانت الرافعة الكبرى للخطاب الثقافي الخاص، كما أننا في مواجهة سيول التطبيقات الرقمية التي غيّرت أدوات إنتاجنا المعرفي، وعصفت بثوابتنا المهنية التي ألفناها دهراً».
ويختتم الدكتور عبد العزيز قائلاً: «علينا أن ننتمي للمستقبل كي نعيد إنتاج ما خفى من كنوز الماضي الثقافي، فالفتوة الكتابية الشفاهية ستتنامى، والعناصر البصرية الكاسحة لمألوفات أيامنا الماضية ستنتشر كالنار في الهشيم، والعلاقة بين الوعي والوجود ستميل لمغالبة الوجود بالوعي، وعندها ستخرج العفاريت من غياهب اللاوعي».
من جهتها، تقول الروائية فاطمة المزروعي: «يواجه الأدب العربي اليوم تحولاتٍ كبرى فرضها تسارع التغيرات العالمية في مجالات الفكر والتقنية والاتصال، الأمر الذي يضعه أمام تحدياتٍ جديدة تتعلق بقدرته على مواكبة العصر، دون التفريط بجوهره الإنساني والروحي»، مبينةً أن الأدب لم يعُد مجرد انعكاسٍ للواقع أو أداة للتعبير الجمالي، بل أصبح فعلاً معرفياً يسعى إلى فهم ما يجري من تحولات عميقة في المجتمع، وإعادة صياغة العلاقة بين الإنسان والعالم.
ومن خلال الانفتاح على التجارب الإنسانية المتنوعة واستثمار طاقات اللغة والإبداع، ترى المزروعي أن الأدب العربي يستطيع أن يسهم في بناء فضاء إنساني جديد يقوم على قيم الحرية والعدالة والاختلاف الخلاق، وأن يعبّر عن هموم الإنسان العربي المعاصر بلغةٍ قادرةٍ على الحوار والتأثير والمساءلة. أما في ميدان الإعلام والثقافة، فقد غيّرت الثورة الرقمية موازين التواصل والمعرفة، وأعادت تشكيل العلاقة بين المثقف والجمهور، وتؤكد المزروعي أن المثقف اليوم لم يعُد صوتاً نخبوياً معزولاً، بل فاعلاً في فضاء تفاعلي مفتوح يتطلب وعياً جديداً بأدوات التأثير والمسؤولية الفكرية. ومن هنا، تتعاظم أهمية الدور الإعلامي في صناعة الرموز الثقافية وتعزيز الفكر النقدي، عبر تقديم محتوى يوازن بين العمق والجاذبية،.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الاتحاد الإماراتية





