تحديات العقم وتأخر الإنجاب وتأثيراتها الاجتماعية والنفسية

بنغازي 17 ديسمبر 2025 (الأنباء الليبية) تواجه العديد من الأسر الليبية تحديات كبيرة تتعلق بالعقم وتأخر الإنجاب، وما يصاحب ذلك من ضغوط اجتماعية ونفسية شديدة.

هذه التجارب تكشف الصعوبات الطبية والاجتماعية، وتسلط الضوء على أهمية الدعم الأسري والزوجي، والإرشاد النفسي والعلاج الطبي الحديث، لمساعدة الزوجين على تجاوز المعاناة وتحقيق التوازن النفسي والاجتماعي في حياتهم اليومية.

تبرز تجربة عائلة شريف بن عيسى تحديات كبيرة تواجه الأسر في ليبيا، خصوصا ذوي أطفال التوحد وحالات تأخر الإنجاب والعقم، وما يرافق ذلك من ضغوط نفسية واجتماعية.

تتشابك هنا الجوانب الطبية والعاطفية والاجتماعية، لتكشف عن صعوبة التعامل مع المرض والوصم المجتمعي، والحاجة إلى دعم كامل من الأسرة والمجتمع، كذلك عن الدور الحيوي للزوجين في تقديم الدعم المعنوي والنفسي، وأهمية العلاج الطبي الحديث والإرشاد الأسري في تخفيف آثار هذه المشكلات وتحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والاجتماعية.

تسلط قصة الشقيقتين فوزية وبسمة، اللتان أقيم زفاف فوزية في صيف 2006 وبسمة في صيف 2007، الضوء على معاناة كبيرة ترافق العقم والتحديات الصحية المتعلقة بالرحم. خضعت الشقيقة الصغرى بسمه لعملية إزالة الرحم، معتبرة القرار بمثابة تحرر نفسي وجسدي، إذ ساعدها على التخلص من عبء العقم والمضاعفات النفسية المصاحبة له.

أما الشقيقة الكبرى فوزية، فلا تزال تواجه تهديدا مستمرا بخطر إزالة الرحم، ما يزيد من الضغوط النفسية والاجتماعية عليها بشكل كبير، ويجعلها عرضة لمشاعر القلق والخوف، بالإضافة إلى تأثير وصم المجتمع وانتقادات المحيطين، ما يعكس الصعوبة المستمرة لمواجهة هذه المشكلة الصحية والاجتماعية.

بسمه أكدت أن المجتمع غالبا لا يصدق أن العيب طبي، وأن الفضول والأسئلة المستفزة والنظرات المستهجنة تخلق شعورا باللوم والضغط النفسي، لكنها اختارت مواجهة الناس والمضي بحياتها بثقة، بينما أوضح زوجها محمد أنه اختار البقاء معها رغم عقمه، مؤكدا أن الحب والدعم أهم من أي حكم اجتماعي.

فوزية بدورها أكدت استمرارها في مواجهة الضغوط بصمت وعزلة، منتظرة فرصة للحياة الطبيعية مع زوجها عدلي، الذي شدد على أن الأهم هو الحب والاحترام والدعم وليس الإنجاب، مؤكدا دعمه المستمر لها في مواجهة المجتمع وأحكامه.

والدتهما سالمة أوضحت تأثير وصم المجتمع على الأسرة، مشيرة إلى تجنبها لصلاة التراويح في رمضان لتفادي أسئلة الحي واتهاماتهم بالعين والسحر، مؤكدة أن الصبر والدعم هما السبيل لمواجهة الضغوط، وأن وجود أزواج طيبين يعوض بناتها عن ألم عدم الإنجاب، في حين أن بعض الأسر الأخرى مع أبناءها لا تقدر قيمتهم.

على الصعيد الطبي، أكدت استشاري أمراض النساء والولادة ومديرة مستشفى بنغازي للخصوبة سعاد المتريح أن معدلات تأخر الإنجاب في ليبيا ارتفعت، خصوصا بين الفئات العمرية الصغيرة في المناطق الشرقية والجنوبية، نتيجة ارتفاع حالات التليف في الرحم لدى النساء.

وأوضحت أن الأسباب تشمل العمر المتأخر للزواج، ونمط الحياة غير الصحي، وسوء التغذية، وقلة ممارسة الرياضة، والضغوط الاجتماعية التي تؤثر على الصحة العامة.

وأشارت إلى أن نسب نجاح علاج تأخر الإنجاب في مستشفى بنغازي للخصوبة قريبة من المعايير العالمية، حيث تتراوح نسب النجاح في عمليات الحقن المجهري بين 35 و40 في المائة، وتكون أعلى للنساء تحت 35 سنة، بينما تقل بعد هذا السن بشكل ملحوظ وتضعف بعد سن الأربعين.

أما استشاري أمراض العقم الأردني خلدون الشريف فأكد أن نسب العقم في العالم العربي تشابه مثيلاتها عالميًا، مع ارتفاع نسبة العقم لدى الرجال بنسبة تصل إلى نحو 60 في المائة، مشددا على فعالية العلاجات الطبية الحديثة، وضرورة تجنب الاعتماد على المكملات الغذائية والفيتامينات ومضادات الأكسدة، مع التأكيد على أهمية النظام الغذائي المتوازن والعلاج الطبي الصحيح لتجنب إضاعة الوقت.

كما استعرض أبرز تقنيات علاج العقم، بدءا من الهرمونات ومعالجة الانسداد، وصولا إلى البحث عن الحيوانات المنوية داخل الخصية عبر المسح المجهري، بما يتيح فرص الإنجاب حتى في حالات ضعف الخصية، مع التوجه إلى استخدام الحيوانات المنوية البدائية عند عدم توفر المنوية الكاملة، مؤكداً دور التقنيات الحديثة في تحسين فرص الإنجاب.

-الأبعاد النفسية والاجتماعية

تناولت مستشارة الاضطرابات النفسية والأسرية ومديرة إدارة الصحة النفسية بوزارة الصحة عزيزة الطبولي، الأبعاد النفسية والاجتماعية للعقم، مؤكدة أن المشكلة ليست فقط في العقم نفسه، بل في الوصم المجتمعي المرافق للمرأة المصابة. وأضافت أن كثيرا من النساء يشعرن بأن نقص الإنجاب يعكس قصورا في شخصيتهن أو فشلا في دورهن، مما يزيد الألم النفسي بشكل كبير.

وأوضحت أن بناء أعمدة داخلية من الصبر والرضا والثقة بمشيئة الله تساعد المرأة على مواجهة الضغط الاجتماعي وتحويل المعاناة إلى قوة واستقرار نفسي، مع التأكيد على أهمية الدعم الأسري والزوجي.

كما أكدت الطبولي ضرورة غرس هذه المفاهيم منذ الطفولة، ليكون لدى المرأة وعي كامل بقيمتها الذاتية وأدوارها المتعددة في الحياة، وعدم ربطها بالقدرة على الإنجاب فقط، مشددة على أن الرضا بالقضاء والقدر مفتاح للإيمان والاستقرار النفسي، وأن المعاناة الفردية لا تقلل من قيمة المرأة أو مكانتها، بل تشكل اختبارا لقوة صبرها وصلابتها الداخلية.(الأنباء الليبية) س خ.

تم إنتاج هذه المادة الصحفية بدعم من صحفيون من أجل حقوق الإنسان JHR


هذا المحتوى مقدم من صحيفة الأنباء الليبية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة الأنباء الليبية

منذ 3 ساعات
منذ 10 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ ساعتين
منذ 5 ساعات
عين ليبيا منذ 10 ساعات
تلفزيون المسار منذ ساعتين
بوابة الوسط منذ 19 ساعة
الساعة 24 - ليبيا منذ 9 ساعات
الساعة 24 - ليبيا منذ 8 ساعات
عين ليبيا منذ 20 ساعة
عين ليبيا منذ 10 ساعات
الساعة 24 - ليبيا منذ 8 ساعات