وسط مخاوف ديمغرافية.. "حزب الله" يفتتح مشروعا سكنيا مثيرا للجدل

أثار افتتاح "حزب الله" لمجمع سكني في منطقة الهرمل وُصف بأنه مخصص لمعالجة أوضاع إنسانية طارئة، نقاشا واسعا حول أبعاده الفعلية وتداعياته المحتملة، في منطقة تُعد من الأكثر حرمانا في لبنان وتعاني تاريخيا من الفقر وارتفاع معدلات البطالة وضعف البنى التحتية، إلى جانب حضور محدود للدولة ومؤسساتها.

وبينما رُوج للمشروع كاستجابة إنسانية لحالات نزوح قسري، برزت تساؤلات جدية حول كلفته الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، في ظل غياب أي إطار وطني جامع لإدارة ملف النزوح.

تهديد لسيادة لبنان

ومن هنا، اعتبر الكاتب والباحث السياسي جان فغالي أن الإشكالية لا تتعلق بالبعد الإنساني المعلن للمشروع فحسب، بل تتجاوز ذلك إلى مخاطر بنيوية تمس مفهوم الدولة وسيادة القانون.وأوضح فغالي في حديثه لبرنامج "في الواجهة" الذي يُبث على قناة ومنصة "المشهد" مع الإعلامية جمانة النونو، أن المجمع السكني الذي يضم نحو 300 وحدة سكنية، يؤوي عائلات من الطائفتين العلوية والشيعية كانت تقيم في مناطق حدودية لبنانية – سورية.

وأشار إلى أن عددا من هذه العائلات تأثر بشكل مباشر بالأحداث التي رافقت الحرب في سوريا.

غير أن فغالي حذر من أن حجم المشروع وتركيبته السكانية قد يحولانه إلى ما وصفه بـ"قنبلة موقوتة"، خصوصا في بيئة اجتماعية حساسة ومتوترة.

وركز على البعد القانوني للمسألة، لافتا إلى أن الأرض المقام عليها المشروع تعود لبلدية الهرمل أي أنها في نهاية المطاف ملك عام تابع للدولة اللبنانية.

ورغم صدور تراخيص بلدية، أكد فغالي أن إقامة مجمع بهذا الحجم لا يمكن أن تتم من دون قرار صريح من مجلس الوزراء، معتبرا أن الاكتفاء بغطاء بلدي يشكل تجاوزا واضحا للأصول الدستورية والقانونية.

وبرأيه، فإن أي وضع يد "مؤقت" على أملاك عامة غالبا ما يتحول إلى أمر واقع دائم، ما يفتح الباب أمام سوابق خطيرة.

وعبر فغالي عن مخاوف أمنية واجتماعية، مشيرا إلى أن وجود تجمع سكاني كبير من طائفتين محددتين على تماس مباشر مع مكونات أخرى في المنطقة قد يزيد من احتمالات الاحتكاك، في ظل غياب الدولة عن الإشراف والتنظيم.

وتساءل عن الجهة التي ستتولى الأمن والصحة وتسجيل الولادات ومراقبة الأوضاع البيئية داخل المجمع، محذرا من إعادة إنتاج نماذج سكنية خارجة عن سلطة الدولة، على غرار تجارب سابقة تركت آثارا عميقة على الاستقرار اللبناني.

مشروع لإيواء لبنانيين

من جانبه، قدم الكاتب السياسي خليل نصر الله رواية مغايرة، ساعيا إلى تصويب ما وصفه بمغالطات شاعت حول هوية القاطنين في المجمع.

وأكد نصر الله في حديثه لـ"المشهد"، أن المشروع لا يضم نازحين سوريين، بل عائلات لبنانية تحمل الجنسية اللبنانية وكانت تقيم في قرى حدودية متداخلة بين لبنان وسوريا مثل حوش السيد علي وزيتا وهي مناطق لم يُحسم وضعها الحدودي بشكل نهائي.

وأوضح أن هذه العائلات نزحت إلى الداخل اللبناني نتيجة التطورات الأمنية الأخيرة وأن إقامة المجمّع جاءت لتأمين مأوى لها بدعم إيراني.

ويرى نصر الله أن الحديث عن تغيير ديموغرافي أو توطين مقنّع لا يستند إلى معطيات دقيقة، مشددا على أن التداخل الجغرافي والاجتماعي بين جانبي الحدود يجعل من الصعب الفصل بين "نازح سوري" و"مواطن لبناني" في بعض الحالات.

وأشار إلى أن ملف النزوح، سواء الحالي أو السابق، لا يمكن تحميل مسؤوليته لطرف واحد معتبرا أن تقصير الدولة اللبنانية إلى جانب غياب دور فعال للحكومة السورية في تأمين عودة آمنة للمتضررين، أسهما في تفاقم الأزمة.

ومع ذلك، لم ينفِ نصر الله وجود أزمة أوسع تتعلق بإدارة ملف النزوح في لبنان، معتبرا أن غياب سياسة رسمية واضحة يفتح المجال أمام مبادرات فردية أو حزبية تملأ الفراغ القائم.

وشدد على أن معالجة هذه الإشكاليات يجب أن تتم ضمن إطار الدولة وبالتنسيق مع مؤسساتها، منعا لتحويل الحلول المؤقتة إلى وقائع دائمة.(المشهد)۔


هذا المحتوى مقدم من قناة المشهد

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من قناة المشهد

منذ 4 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 11 ساعة
منذ 6 ساعات
منذ 6 ساعات
صحيفة الشرق الأوسط منذ 10 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 17 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 19 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 12 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 7 ساعات
قناة العربية منذ 9 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 20 ساعة
قناة العربية منذ 12 ساعة