الإسلام... والسلام... وبطل شاطئ بوندي

تم ارتكاب جريمة مفزعة على شاطئ بوندي Bondi Beach في أستراليا: رجل في الخمسينيات هو وابنه يقومان بإطلاق النار عشوائيا على جماعة تحتفل احتفالا دينيا.

وحيث إن الضحايا كانوا يهودا يحتفلون بعيد حانوكا Hanukkah، قفزت إسرائيل فورا على الحادث الذي وجدت فيه فرصة لصرف الأنظار عن جرائمها: منذ نكبة 1948 حتى يومنا هذا، خاصة المذبحة الشنيعة التي ترتكب في غزة حاليا على مرأى من العالم كله.

فعادت إسرائيل إلى الأسطوانة القديمة: معاداة السامية، والإرهاب الإسلامي، خاصة بعد أن أعلنت الشرطة الأسترالية أن داعش تقف وراء الجريمة... ومن بعدها مباشرة عادت الدعوة إلى معاداة المسلمين في أستراليا وشوهدت رؤوس خنازير بالقرب من مقابر المسلمين!

لكن، إذا كان صحيحا أن داعش تقف وراء الجريمة التي جرت على شاطئ بوندي، ألا يكون السؤال البديهي: لمصلحة من ترتكب هذه الجرائم؟ ومن يقف وراءها؟

وخاصة أن أستراليا من الدول الغربية التي وقفت في صف الفلسطينيين ودعت إلى إنشاء دولة فلسطينية.... وأنها ليست المرة الأولى - ولن تكون الأخيرة - التي تهب فيها داعش لنجدة إسرائيل وتشويه صورة الإسلام والمسلمين.

والأهم أنه من بعد ما جرى على شاطئ بوندي كثر الادعاء في الإعلام ووسائل التواصل الغربية أن مجيء المسلمين إلى الغرب هو السبب في الإرهاب، وبتعبير آخر: أن المسلمين لا يمكنهم أن يتعايشوا مع الغرب... ولم تكن هذه المرة الأولى - ولن تكون الأخيرة - التي يتهم فيها المسلمون بأنهم لا يمكن لهم أن يعيشوا في سلام مع غيرهم.

ومن هنا كان لا بد من الرد على هذه الادعاءات، والإجابة بوضوح عن السؤال: هل يمكن للمسلم المتدين أن يعيش في ود وتفاهم ومحبة واحترام متبادل مع غير المسلم في هذا العصر، أم أن التنافر والصراع حتميان ما بينهما؟

للإجابة أبدأ بالقول إن ضحايا الإرهاب من المسلمين هم أضعاف ضحاياه من غير المسلمين: وعلى سبيل المثال شهدنا ما ارتكبته داعش من قتل المسلمين الأبرياء وبيع النساء وإلقاء البعض من فوق أسطح المباني، عدا تدمير التراث الحضاري والتاريخي لشعوب هي من أعرق شعوب العالم.... ولا شك أن من يقتلون المسلمين ويروعونهم ويشوهون دينهم ويدمرون تراثهم وتاريخهم هم أعداء للإسلام والمسلمين قبل أن يكونوا أعداء لغير المسلمين.

كما أن من يستوعب ثقافة الإسلام يدرك أن المسلم يندمج في المجتمعات الحديثة: سواء من الناحية الاجتماعية، حيث يتمتع المسلم بالصدق والأمانة وإتقان العمل وأدب التعامل، ويأمر الإسلام باحترام العرف وبحسن التعامل مع الجار، حتى إن رسول الله ﷺ كان يحسن معاملة جاره بينما كان ذلك الجار يؤذيه، إلخ.... وقد جاء في «وثيقة المدينة» أنه ليس ما بين المسلمين وغير المسلمين من أهل المدينة سوى «البر المحض». ووثيقة المدينة هذه هي الوثيقة التي أشرف على كتابتها رسول الله ﷺ وحكم بموجبها أول دولة في الإسلام.

كما يندمج المسلم مع الغير ثقافيا وسياسيا، ويكفي أن الانتخابات البرلمانية البريطانية لعام 2024 نتج عنها انتخاب خمسة وعشرين عضوا مسلما في البرلمان البريطاني، وأن صادق خان - عمدة العاصمة البريطانية لندن منذ عام 2016 - قد فاز في ثلاثة انتخابات متتالية، وأن زهران ممداني فاز في انتخابات عمدة مدينة نيو يورك، أكبر وأهم المدن الأمريكية.

وحتى من الناحية الدينية لا ينبغي أن يكون هناك تنافر، والله تعالى يقول: (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون) 46 - العنكبوت.

فالمسلمون يؤمنون بالإنجيل وبعيسى عليه السلام وبعودته، وبأن الله أعلى من مخلوقاته، ويؤمنون بالمحبة وبالإحسان إلى الغير، وغيرها من عقائد يؤمن بها النصارى، كما يؤمنون بالوحدانية المطلقة وبالتوراة وبموسى عليه السلام وبالوصايا، مثل: بر الوالدين، لا تقتل، لا تزن، لا تسرق، وغيرها من عقائد يؤمن بها اليهود.

وفي الوقت نفسه يؤمن المسلمون بأهمية العلم وعدم اتباع ما ليس له أساس من العلم (ولا تقف ما ليس لك به علم) - 36 الإسراء. كما يؤمنون بالمواطنة، ويؤمنون بالتعايش مع الغير في مجتمع متعدد الثقافات والهويات، كما يثبت تاريخ الحضارة الإسلامية أن المسلمين يؤمنون بهذه المبادئ وبكثير غيرها من مبادئ الحضارة الحديثة.

فليس هناك في الإسلام سبب ديني أو ثقافي للتنافر ما بين المسلم وغير المسلم، بل قد جعل الله المسلمين «أمة وسطا»، كما قال تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة مكة

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة مكة

منذ 3 ساعات
منذ 11 ساعة
منذ 6 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ 6 ساعات
صحيفة عكاظ منذ ساعة
صحيفة سبق منذ 18 ساعة
قناة الإخبارية السعودية منذ 10 ساعات
صحيفة عكاظ منذ 16 ساعة
صحيفة سبق منذ 8 ساعات
صحيفة سبق منذ 19 ساعة
صحيفة سبق منذ 11 ساعة
صحيفة الشرق الأوسط منذ 15 ساعة