توصل صندوق النقد الدولي ومصر أخيراً إلى اتفاق حول المراجعتين الخامسة والسادسة بعد تأخر دام لأشهر، في وقت أشاد فيه الصندوق بالإصلاحات المصرية وبأداء الاقتصاد المصري الذي وصفه بأن مؤشراته تُظهر نمواً قوياً. وستنتظر مصر موافقة المجلس التنفيذي للصندوق بشأن المراجعتين، لتتمكن من صرف شريحة جديدة من قرضها البالغ 8 مليارات دولار، لكن هذه الشريحة غير محددة القيمة حتى الآن وفي الأغلب ستحددها موافقة المجلس. ويقول جيسون توفي، نائب كبير الاقتصاديين للأسواق الناشئة في كابيتال إيكونوميكس لـCNN الاقتصادية إن اتفاق الصندوق مع مصر يُعد خطوة إيجابية واضحة سيستقبلها المستثمرون بارتياح. بينما تصف نعمة الله شكري، رئيس قسم البحوث بشركة اتش سي لتداول الأوراق المالية، بيان الصندوق بأنه في مجملة إيجابي مع الإشارة إلى التحسن في مؤشرات مصر الاقتصادية رغم الضغوط الخارجية.
وتضمن البيان الصحفي الذي نشره الصندوق إشادات واضحة حول أداء الاقتصاد المصري، إذ قال إن الاقتصاد أظهر مؤشرات على نمو قوي، كما أسهمت السياسة النقدية المتشددة المناسبة في خفض التضخم، بينما دعم الأداء القوي للإيرادات الضريبية الانضباط المالي.
ومن المقرر أن تسدد مصر نحو 194.019 مليون دولار لصندوق النقد خلال شهر يناير كانون الثاني 2026، وفقاً لبيانات صندوق النقد. الاقتصاد المصري على المسار الصحيح وأشاد صندوق النقد بتحسن ميزان المدفوعات المصري بشكل ملحوظ، على الرغم من التطورات الخارجية السلبية. وأشار إلى انخفض عجز الحساب الجاري، إذ حافظت كل من تحويلات العاملين في الخارج وعائدات السياحة على قوتها، وسجلت الصادرات غير النفطية نمواً قوياً. وظل الأداء المالي قوياً مع بلوغ الفائض الأولي إلى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2024/ 2025. ويقول نائب كبير الاقتصاديين للأسواق الناشئة في كابيتال إيكونوميكس إن بيان صندوق النقد يشير إلى أن السلطات المصرية ملتزمة بنهجها الأكثر تقليدية في صنع السياسات، رغم أنها تبدو مستعدة فقط للقيام بالحد الأدنى من الإصلاحات الهيكلية للحفاظ على التعاون مع الصندوق. ويضيف أنه من المؤكد أن تكون تدفقات الاستثمارات من اقتصادات الخليج إلى جانب انخفاض قيمة الجنيه والتحول نحو سعر صرف أكثر مرونة قد عزز المركز الخارجي لمصر، لذا فإن الأموال من صندوق النقد لم تعد بنفس الأهمية التي كانت عليها قبل بضع سنوات. توصيات صندوق النقد إلى مصر وأوصى صندوق النقد مصر بأن تستمر سياستها المالية في خفض الدين، مع ضمان أولوية الإنفاق الاجتماعي لحماية الفئات الأكثر ضعفاً، كما يجب تسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية لا سيما تلك المتعلقة بدور الدولة، وبرنامج الخصخصة وتحقيق تكافؤ الفرص، بحسب البيان. ويقول الصندوق إنه مع بدء استقرار الاقتصاد الكلي بات من الضروري لمصر الانتقال نحو نموذج اقتصادي أكثر استدامة من خلال تسريع وتيرة الإصلاحات التي من شأنها أن توفر للقطاع الخاص المساحة والفرصة للنمو والازدهار. وأوضحت رئيس قسم البحوث بشركة اتش سي لتداول الأوراق المالية لـCNN الاقتصادية أن الصندوق أكد النقاط التي يجب على الاقتصاد المصري إحداث تحسن ملحوظ فيها، وهي: زيادة الإيرادات الضريبية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، وتخفيض الدين العام، وتسريع وتيرة بيع الأصول العامة، وإتاحة المجال للقطاع الخاص.
وبحسب توفي فإنه بدون تعزيز جهود الإصلاح، ولا سيما تقليص دور الدولة في الاقتصاد، فمن غير المرجح أن تتمكن مصر من تحقيق معدلات نمو تتراوح بين 6 و7% التي يمكن أن تكون ممكنة بالنظر إلى الخصائص الديموغرافية ومستوى التنمية الحالي. وقال الصندوق إنه ناقش مع مصر أهداف الرؤية الوطنية للتنمية الاقتصادية، التي تُعطي الأولوية لبرنامج إصلاحي يهدف إلى تحويل نموذج النمو في مصر نحو اقتصاد أكثر تنافسية يقوده القطاع الخاص. كما اتخذت السلطات خطوات لتحسين بيئة الأعمال، لا سيما في ما يتعلق بتيسير التجارة وتبسيط الإجراءات الضريبية. وحثّ الصندوق مصر على تسريع الجهود الرامية إلى تقليص دور الدولة، بما في ذلك إحراز تقدم ملموس في برنامج الخصخصة. يذكر أن مصر حصلت حتى الآن على 3.2 مليار دولار من إجمالي قرض بقيمة 8 مليارات دولار، كما اتفقت على قرض بقيمة 1.2 مليار دولار في إطار تسهيل المرونة والاستدامة ومن المقرر أن تحصل على الشريحة الأولى من هذا القرض قريباً.
هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية
