بينما كانت بعض الأبواق الإعلامية في الجزائر تجتهد، على مدار أشهر، في رسم صورة قاتمة ومضللة عن الأوضاع في المغرب، جاءت صافرة البداية لبطولة كأس أمم إفريقيا 2025 لتضع تلك الادعاءات في مواجهة مباشرة مع الحقيقة الميدانية .
ومع تدفق مئات المشجعين الجزائريين عبر العواصم الأوروبية والرحلات غير المباشرة، تحولت هواتف هؤلاء الضيوف إلى منصات إعلامية بديلة تنقل واقعاً لم يستطع إعلام البروباغندا إخفاءه.
صدمة الواقع وجمالية الاستقبال
منذ اللحظات الأولى لوصولهم إلى مطارات الرباط والدار البيضاء، وثق مشجعون جزائريون عبر تيك توك و يوتيوب انبهارهم بمستوى البنية التحتية.
ولم تكن الملاعب العالمية هي وحدها محط الإعجاب، بل شملت الشهادات جودة الطرق، تطور شبكات النقل مثل البراق (القطار فائق السرعة)، والتحضر الذي طبع التعامل الأمني والإداري.
يقول عمر ، مشجع جزائري قدم من باريس: كنا نسمع في بعض القنوات كلاماً عن الأزمات، لكن ما وجدناه هنا هو (خليج إفريقي) بامتياز. الاستقبال الشعبي المغربي جعلنا نشعر أننا في بيتنا وبين أهلنا، لا وجود للكراهية التي يروج لها البعض .
انهيار جدار التضليل
الحملات الإعلامية التي حاولت تصوير المغرب كبلد يعاني من نقص في الخدمات أو ضعف في التنظيم، تهاوت أمام مقاطع الفيديو العفوية التي يصورها الجزائريون في أسواق فاس القديمة، وشوارع الرباط العصرية، وكورنيش الدار البيضاء.
هذه المشاهد التي ينقلها المواطن الصحفي الجزائري أصبحت أقوى بكثير من الخطاب الرسمي الموجه، حيث كشفت عن الفجوة الكبيرة بين ما يُقال في استوديوهات التحريض وما يعيشه المواطن على أرض الواقع.
الرياضة تصل ما قطعته السياسة
على الرغم من العراقيل اللوجستية وإغلاق المجال الجوي التي زادت من تكاليف السفر على المشجعين القادمين من الجزائر، إلا أن الهوس بكرة القدم والرغبة في اكتشاف الحقيقة دفعا الكثيرين للمغامرة.
وقد رصدت الصحافة المحلية والعديد من المؤثرين مشاهد تعانق فيها الأعلام المغربية والجزائرية في مدرجات الملاعب، في رسالة واضحة مفادها أن الشعوب ترفض أن تنجر خلف أجندات التفرقة.
خلاصة المشهد
لقد نجح المغرب في تقديم نسخة استثنائية من الكان ، لكن النجاح الأكبر لم يكن في جودة العشب أو دقة التنظيم فحسب، بل في تلك المصالحة الشعبية التي قادها الجمهور الجزائري نفسه، حين قرر أن يكون هو الناقل للحقيقة، ويفضح زيف حملات الشيطنة، مؤكداً أن ما يجمع الشعبين من روابط تاريخية وإنسانية أقوى من أي آلة إعلامية.
هذا المحتوى مقدم من Le12.ma
