قال الكاتب والمحلل الجيوسياسي الأمريكي جورج فريدمان، إن استراتيجية الأمن القومي الأمريكية الجديدة، الصادرة في ديسمبر (كانون الأول) 2025، تعكس تحولاً واضحاً في أولويات واشنطن الاستراتيجية، يقوم على تقليص الانخراط المكلف في نصف الكرة الشرقي، مقابل تركيز متزايد على نصف الكرة الغربي، خاصة أمريكا اللاتينية.
وأضاف فريدمان أن هذا التحول لا ينبع من رغبة أمريكية في الانعزال، بل من إدراك استراتيجي بأن استقرار الجوار القريب شرط أساسي لتخفيف الأعباء العالمية طويلة الأمد.
وأوضح فريدمان، مؤسس ورئيس مجلس إدارة موقع "جيوبولتيكال فيوتشرز" البحثي الأمريكي، في تحليل مطوّل، أن واشنطن باتت ترى في أمريكا اللاتينية ركيزة محتملة لإعادة بناء التوازن الاقتصادي والجيوسياسي الأمريكي، في ظل تصاعد المخاطر المرتبطة بالاعتماد المفرط على آسيا، ولا سيما الصين.
إعادة تعريف الأمن القومي الأمريكي
أوضح الكاتب أن الاستراتيجية الجديدة تنطلق من مسلّمتين مترابطتين: الأولى، أن الولايات المتحدة لا تستطيع الانسحاب الكامل من نصف الكرة الشرقي، لكنها مطالَبة بإنهاء أو تخفيف علاقات عدائية استنزفتها في حروب فاشلة ومكلفة؛ والثانية، أن تحقيق ذلك يتطلب بيئة اقتصادية وجيوسياسية أكثر استقراراً في نصف الكرة الغربي.
وأضاف أن الوثيقة الأمريكية، وإن لم تُصرّح بذلك مباشرة، تدعو إلى انخراط أكثر فاعلية في أمريكا اللاتينية، ليس فقط لضمان الهيمنة الأمنية الأمريكية، بل أيضاً لتعزيز القدرات الاقتصادية لدول المنطقة، بما يسمح لواشنطن بإعادة توزيع أعبائها العالمية.
الدرس الاقتصادي بعد الحرب العالمية الثانية
تابع فريدمان أن السياسة الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية قامت على إعادة إعمار أوروبا وآسيا، وهو ما نجح أمنياً واقتصادياً، لكنه أفرز نتيجة غير مقصودة: الاقتصادات المتقدمة، مع ارتفاع الأجور وكلفة الإنتاج، أصبحت بحاجة دائمة إلى واردات منخفضة الكلفة من دول أقل تطوراً.
وأوضح الكاتب أن هذه المعادلة بدأت مع أوروبا واليابان، ثم انتقلت إلى الصين، التي تحوّلت بفضل الاستثمارات الأمريكية واعتماد الأسواق الغربية على منتجاتها إلى قوة اقتصادية كبرى، وأضاف أن هذا التطور لم يكن سياسة مقصودة بقدر ما كان نتاجاً لمسؤوليات مالية وتجارية قصيرة الأمد.
لكن الكاتب شدد على أن الإفراط في الاعتماد على مصدر واحد للواردات الرخيصة يمنح هذا المصدر نفوذاً سياسياً خطيراً، وهو ما حدث مع الصين، حيث بات الإدمان الأمريكي على السلع الصينية يمثل تهديداً اقتصادياً واستراتيجياً متنامياً.
أمريكا اللاتينية بديل استراتيجي
قال فريدمان إن المنطق الجيوسياسي الجديد يدفع واشنطن إلى البحث عن بدائل أقرب وأكثر قابلية للضبط، وهنا تبرز أمريكا اللاتينية بوصفها خياراً منطقياً. فتعزيز النمو الاقتصادي في دولها من شأنه تقليص هشاشة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأقصى، والمساهمة على المدى البعيد في تخفيف ضغوط الهجرة.
وأضاف أن تحقيق هذا الهدف يتطلب استقراراً سياسياً نسبياً في دول تعاني حالياً من هشاشة مؤسساتية، وهو ما.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من موقع 24 الإخباري
