ثغرات محاسبية تنذر بمخاطر في القوائم المالية.. ماذا عن الأثر والنتائج؟

ليس من المؤشرات الجيدة عموماً أن تصبح قضية محاسبية موضوعاً ساخناً في وول ستريت

لذا، ينبغي أن تدفع النقاشات الأخيرة حول جداول استهلاك الأصول لشركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة المستثمرين إلى توخي الحذر مع اقتراب عام 2026. في العادة، تكون المسائل التي يناقشها مُعدّو البيانات المالية للشركات معقدة للغاية، بل ومملة، بحيث لا تثير اهتمام مستثمري الأسهم.

مع ذلك، في مطلع هذا القرن، تصدّرت المحاسبة عناوين الأخبار بعد أن تبيّن استخدام شركات مثل إنرون، وورلدكوم، وأديلفيا كوميونيكيشنز، وغيرها، لممارسات خادعة.

سرعان ما انتقلت هذه الشركات من نجاح باهر ظاهرياً إلى الإفلاس، مع تداعيات واسعة النطاق على السوق، لفترة من الزمن، تساءل المستثمرون عما إذا كان بإمكانهم الاعتماد على أي شركة في ما يتعلق ببياناتها حول ربحيتها ووضعها المالي.

أدت هذه الممارسات المحاسبية الخاطئة الفادحة، بل والاحتيال الجنائي، إلى تغييرات جذرية، أبرزها قانون ساربينز-أوكسلي، لقد جعل ذلك التزييف الصريح ظاهرةً من الماضي إلى حد كبير بين الشركات الأميركية المساهمة العامة.

مع ذلك، لا يمكن للمستثمرين التهاون في هذا الأمر، ولا تزال التقارير المالية المضللة، وإن كانت قانونية، تُمثل خطراً كبيراً على الأسواق، فإذا تبيّن أن الأرباح المُعلنة لشركة ما منفصلة عن الواقع الاقتصادي الحقيقي، فقد ينهار سعر سهمها، وإذا كانت الشركة كبيرة بما يكفي، فقد تُؤدي إلى انهيار سوق الأسهم الأميركية ككل.

في هذا السياق، يُثير الجدل الدائر حالياً حول جداول استهلاك الأصول في شركات التكنولوجيا الكبرى قلقاً بالغاً.

لنأخذ شركة إنفيديا كمثال، وهي شركة تصنيع رقائق أشباه الموصلات التي تتجاوز قيمتها 4 تريليونات دولار، يرى مايكل بوري، المستثمر الذي رُويت رهاناته الناجحة ضد سوق الإسكان الأميركي عام 2008 في فيلم "ذا بيغ شورت"، أن عملاق الذكاء الاصطناعي يُبالغ في تقدير ربحيته من خلال استغراق سنوات طويلة جداً لشطب تكلفة إنتاج أشباه الموصلات، كلما طالت فترة الاستهلاك، انخفض المبلغ السنوي المُقتطع من الأرباح.

يرى بوري أن قيمة الرقائق ستتراجع بسبب التطورات التكنولوجية بوتيرة أسرع مما هو مُفترض في جداول استهلاك الشركة. في المقابل، يُشير مؤيدو إنفيديا إلى أن طول هذه الفترة يعكس ببساطة العمر الافتراضي لرقائق الشركة من حيث التآكل.

إنفيديا ليست شركة التكنولوجيا الوحيدة التي تخضع أرباحها حالياً للتدقيق بسبب ممارسات الاستهلاك، فقد وجّه بوري أصابع الاتهام إلى عملاق الحوسبة السحابية أوراكل، على سبيل المثال. كما قامت شركات أخرى من "السبع الرائعة"، بما في ذلك ألفابت، وأمازون، وميتا، ومايكروسوفت، بتمديد "العمر الإنتاجي المُفترض" لبعض أصولها الرئيسية منذ عام 2020 مع ارتفاع إنفاقها الرأسمالي بشكل كبير.

... بالإضافة إلى ذلك، تشير بعض الأدلة إلى أن شركة آي بي إم بدأت في تبني استراتيجية جديدة. فقد انخفض إجمالي مصروفات الاستهلاك لشركة آي بي إم من 4.2 مليار دولار في عام 2020 إلى 2.2 مليار دولار في عام 2024، بينما ارتفعت الإيرادات من 52.3 مليار دولار إلى 62.8 مليار دولار.

بالطبع، قد تكون عمليات بيع الأصول قد أسهمت في هذا التغيير، إلى جانب تعديلات أخرى على سياسات الاستهلاك، ولكن تمديد العمر الإنتاجي المفترض للأصول قد يكون له دورٌ أيضاً.

من المهم تذكر أن جداول استهلاك الشركات لا تُؤثر بشكل كبير على خلق قيمة للمساهمين.

هذه الأساليب المحاسبية مهمة لأغراض ضريبية، ولكن البيانات المالية التي تُقدمها الشركات إلى مصلحة الضرائب الأميركية تختلف عن تلك التي تُقدمها للمستثمرين.

في التقارير السنوية للشركات، يُعتبر مصروف الاستهلاك مجرد قيد محاسبي، إن تخفيض قيمة الأصول الثابتة من خلال تغيير الافتراضات لا يزيد التدفق النقدي، وبالتالي لا يزيد القيمة الاقتصادية للشركة. لذا، ليس من المستغرب أن أسعار الأسهم لا ترتفع عادةً استجابةً لهذا النوع من الإجراءات الشكلية.

كان الأمر أكثر منطقية في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، عندما كانت مكافآت الرؤساء التنفيذيين مرتبطةً غالباً بأرباح السهم المُعلنة، أما اليوم، فمعظم الشركات المساهمة العامة تُكافئ رؤساءها التنفيذيين بناءً على سعر السهم وليس على ربحية السهم.

ربما تكون هذه الأساليب المحاسبية وسيلةً لخفض مضاعفات الأرباح التي تبدو "مفرطة"، وهو أمر اضطرّ مسؤولو شركات التكنولوجيا إلى تبريره مرارًا وتكراراً في السنوات الأخيرة.

تُتداول أسهم شركات تكنولوجيا المعلومات حاليًا بمتوسط نسبة سعر إلى ربحية يبلغ 36، استنادًا إلى تقديرات المحللين، اعتبارًا من 18 ديسمبر، وفقًا لبلومبيرغ، مقارنةً بـ 25 فقط لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 ككل.

زيادة المقام تجعل نسبة السعر إلى الأرباح تبدو أقل ارتفاعًا، وقد تُسهّل بذلك عمل الرؤساء التنفيذيين والمديرين الماليين ومسؤولي علاقات المستثمرين في شركات التكنولوجيا العملاقة ذات القيمة السوقية العالية.

(رويترز)


هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من منصة CNN الاقتصادية

منذ 9 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ 10 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ 11 ساعة
قناة CNBC عربية منذ 9 ساعات
صحيفة الاقتصادية منذ 12 ساعة
قناة CNBC عربية منذ 20 ساعة
قناة CNBC عربية منذ 4 ساعات
قناة العربية - الأسواق منذ 11 ساعة
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 19 ساعة
قناة CNBC عربية منذ 4 ساعات
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 12 ساعة