حسام بدراوي يكتب: الديناصورات والسلاحف والإنسان

السلاحف أقدم من الديناصورات

وأقدم أسلاف السلاحف المعروفة ظهرت قبل نحو ٢٢٠- ٢٤٠ مليون سنة (أواخر العصر الترياسى)، أى فى نفس الحقبة التى بدأت فيها الديناصورات بالظهور تقريبًا، وبعض الباحثين يرجّح أن جذور السلاحف التطورية أقدم قليلًا.

نجت السلاحف بينما انقرضت الديناصورات. نجاة السلاحف لم تكن مصادفة، بل نتيجة حزمة من الخصائص التطورية الذكية.

نمط حياة السلاحف مرن، فهى برمائية أو مائية أو برية تعيش فى البحار، الأنهار، المستنقعات، وحتى الصحارى.

هذا التنوع جعلها أقل اعتمادًا على نظام بيئى واحد ينهار عند الكارثة.

السلحفاة أيضا بطىء وهو ما نسميه «Slow Metabolism»، وتستطيع العيش لفترات طويلة بقليل من الطعام والأكسجين. بعض السلاحف تتحمل شهورًا فى ظروف قاسية، وهذا كان حاسمًا بعد اصطدام الكويكب وانهيار السلاسل الغذائية.

نظام السلاحف الغذائى غير متخصص، فالسلاحف ليست مفترسات عليا تأكل نباتات، حشرات، قشريات، بقايا عضوية، فلم ترتبط بانقراض نوع واحد من الفرائس كما حدث مع الديناصورات. درع السلحفاة (الصَّدَفة) ليس مجرد حماية، بل نظام بيولوجى متكامل وفّر لها أمانًا نسبيًا فى بيئة امتلأت بالمفترسات والتغيرات العنيفة.

كذلك بيضها قادر على تحمل تغيرات بيئية كبيرة، الدفن فى الرمل أو التربة منح الأجنة حماية إضافية.

إذن لماذا انقرضت الديناصورات ولم تنقرض السلاحف؟ هذا هو درس التاريخ.

معظم الديناصورات كانت: ضخمة الحجم، عالية الاستهلاك للطاقة، متخصصة غذائيًا، تعيش على اليابسة فقط. عندما انهار النظام البيئى فجأة (نار، ظلام، برودة، انقراض نباتات)، لم تملك المرونة الكافية للتكيف.

قصة السلاحف تقول شيئًا مهمًا عن منطق البقاء فى الكون: البقاء لا يكون للأقوى ولا للأذكى، بل للأكثر قدرة على التكيف مع التغيّر.

وهذه ليست فقط قاعدة بيولوجية، بل هى قانون كونى ونفسى وحضارى.

الحضارات التى تتصلّب تنهار، والأفكار التى ترفض التغير تنقرض، والوعى الذى لا يتعلم التكيف يفقد مكانه فى الزمن.

السلاحف لم «تنتصر» على الزمن، بل تصالحت معه.

من الديناصورات إلى الإنسان هناك درس فى البقاء. لم تكن الديناصورات ضعيفة، ولا غبية، ولا فاشلة فى عصرها.

كانت قوية، مهيمنة، متكيفة تمامًا مع عالمها. ومع ذلك، اختفت.

وفى المشهد ذاته، بقيت كائنات أقل حجمًا، أبطأ حركة، وأقل إثارة للإعجاب.. مثل السلاحف.

السلاحف لم تنتصر على الزمن بالقوة، ولا بالذكاء الحاد، بل بشىء أبسط وأعمق: القدرة على التكيف.

عاشت فى الماء وعلى اليابسة، أبطأت إيقاع حياتها حين قسا العالم، وغيّرت نمط عيشها بدل أن تصرّ على صورة واحدة من الوجود. لم تُراكم التفوق، بل راكمت المرونة.

هنا يطرح التاريخ الطبيعى سؤالًا صامتًا لكنه حاسم:

هل البقاء للأقوى، أم للأكثر قدرة على التغير حين يتغير كل شىء؟

هذا السؤال لا يخص الكائنات المنقرضة وحدها، بل يمتد إلينا نحن البشر.

فالإنسان، رغم ذكائه المذهل، ليس خارج قوانين التطور، ولا معزولًا عن منطق البقاء. الفرق الوحيد أنه لا يتطور جسديًا فقط، بل ذهنيًا وثقافيًا وتقنيًا.

وكما انقرضت كائنات عظيمة لأنها تشبثت بنجاحها القديم، تنهار حضارات،.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة المصري اليوم

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة المصري اليوم

منذ 5 ساعات
منذ 10 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 4 ساعات
صحيفة المصري اليوم منذ 6 ساعات
صحيفة اليوم السابع منذ 6 ساعات
صحيفة اليوم السابع منذ 3 ساعات
صحيفة الدستور المصرية منذ 4 ساعات
بوابة الأهرام منذ 21 ساعة
قناة اكسترا نيوز منذ 15 ساعة
بوابة أخبار اليوم منذ 6 ساعات
صحيفة اليوم السابع منذ 12 ساعة