في مطلع العام الجاري، لم يكن إعلان وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس عن إنشاء "مديرية خاصة لتسهيل المغادرة الطوعية لسكان غزة" مجرد تصريح عابر في سياق الحرب، بل شكّل نقطة تحول في نقل فكرة التهجير من خطاب سياسي متطرف إلى سياسة مؤسسية معلنة. فبعد أيام فقط، أكدت وزارة الأمن الإسرائيلية أن المديرية الجديدة ستعمل على توفير "حزمة شاملة" للراغبين في المغادرة، تشمل ترتيبات بحرية وجوية وبرية، وبمساعدة دول ثالثة.
اعلان
وبالتوازي مع ذلك، بدأت على الأرض تتبلور أدوار لجهات ومنظمات غير حكومية، يقدّم بعضها نفسه كفاعل إنساني، لكنه يعمل وفق نمط يتقاطع، وفق ما أوردته وسائل إعلام إسرائيلية، مع التصور الرسمي الإسرائيلي لما يُسمّى "الهجرة الطوعية". في هذا السياق، برز اسم مؤسسة "المجد أوروبا"، التي تحولت خلال أشهر قليلة إلى محور جدل حقوقي وسياسي واسع، بعد تنظيمها رحلات جوية نقلت مئات الفلسطينيين من قطاع غزة إلى دول بعيدة، عبر مسارات غير مألوفة، وبالتنسيق مع جهات إسرائيلية رسمية.
هذا التقرير يحاول تفكيك صورة هذا "التهجير الناعم"، من خلال تتبع المسار السياسي والقانوني، ودور "المجد أوروبا"، وشهادات إنسانية، وصولًا إلى الأسئلة المفتوحة حول الدوافع الحقيقية والنتائج بعيدة المدى.
سياسة مُعلنة: من الخطاب إلى المؤسسة إعلان يسرائيل كاتس لم يأتِ في فراغ. فمنذ الأشهر الأولى للحرب على غزة، تصاعدت تصريحات وزراء وأعضاء كنيست إسرائيليين دعت صراحة إلى "إفراغ القطاع من سكانه"، باعتبار ذلك "حلًا أمنيًا". ومع طرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب في فبراير/شباط الماضي فكرة "الهجرة الطوعية" وتحويل غزة إلى مشروع اقتصادي، بدا أن المناخ السياسي بات مهيأً لبلورة سياسة رسمية في هذا الاتجاه.
إنشاء "مديرية الهجرة الطوعية" داخل وزارة الدفاع الإسرائيلية، برئاسة مسؤول رفيع، وضع هذه الفكرة في إطار بيروقراطي منظم. ووفق بيانات رسمية إسرائيلية، كُلّفت المديرية بالتنسيق مع منسق أعمال الحكومة في المناطق (COGAT)، وبناء قنوات اتصال مع منظمات ودول يُعتقد أنها مستعدة لاستقبال غزيين.
اعلان
في هذا السياق، لم تعد "المغادرة" شأناً فردياً معزولاً، بل جزءًا من سياسة تُدار من أعلى المستويات، في وقت تُدمَّر فيه مقومات الحياة داخل القطاع بشكل واسع.
"المجد أوروبا": منظمة إنسانية أم وسيط تهجير؟ تعرّف "المجد أوروبا" نفسها على موقعها الإلكتروني بأنها "منظمة إنسانية تأسست عام 2010 في ألمانيا"، تعمل على إغاثة المجتمعات المسلمة في مناطق النزاع. غير أن تحقيقات صحافية، أبرزها تحقيق نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، كشفت تناقضات جوهرية في هذا التعريف.
بحسب التحقيق، لا وجود لسجل رسمي للمنظمة في ألمانيا أو القدس، رغم ادعائها أن مقرها في حي الشيخ جراح. كما أُنشئ موقعها الإلكتروني في فبراير/شباط 2025، ويحتوي على صور أرشيفية وروابط غير فعّالة. إضافة إلى ذلك، برز ارتباط بينها وبين شركة إستونية تُدعى "Talent Globus"، يملكها شخص يحمل الجنسيتين الإسرائيلية والإستونية، هو تومر جانار ليند.
الأخطر، وفق ما أوردته "هآرتس"، أن "المجد أوروبا" كانت الجهة الوحيدة التي حصلت على موافقة رسمية من مديرية الهجرة الإسرائيلية لتنظيم رحلات خروج من غزة، بعد إحالتها مباشرة إلى منسق أعمال الحكومة في المناطق (COGAT).
رحلات غامضة ومسارات غير مألوفة من مايو/أيار حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2025، سيّرت "المجد أوروبا" ثلاث رحلات جوية على الأقل، وفق مصادر إعلامية وشهادات مسافرين.
اعلان
في الرحلة الأولى، نُقل 57 غزياً من مطار رامون إلى بودابست، قبل مواصلة السفر إلى إندونيسيا. أما الرحلة الثانية، فقد ضمت نحو 150 فلسطينياً سافروا من رامون إلى نيروبي، ثم إلى جوهانسبرغ. وفي الرحلة الثالثة، التي سلكت المسار ذاته، بلغ عدد المسافرين 153 شخصًا، واحتُجز ركابها لساعات طويلة داخل مطار جوهانسبرغ.
ووفق شهادات مسافرين تحدثوا للتقرير، طُلب منهم دفع مبالغ تراوحت بين 1500 و2700 دولار للفرد، والتجمع قبل ساعات من السفر،.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من قناة يورونيوز


