سجلت العقود الفورية للذهب أكثر من 71% زيادة في الأسعار على مدار عام 2025 (حتى يوم 24 ديسمبر كانون الأول)، محطماً الرقم القياسي 50 مرة على مدار العام ليقترب من تسجيل أفضل أداء سنوي له منذ عام 1979، وهذه القفزات القياسية التاريخية تعكس تحوّل المعدن الأصفر إلى الملاذ الأول عالمياً في ظل اضطرابات اقتصادية وجيوسياسية متشابكة. وتُظهر بيانات المتوسط الشهري لسعر الذهب الفوري أن الارتفاع لم يكن قفزة عابرة، بل موجة تصاعدية منتظمة امتدت على مدار 12 شهراً.
تمتلك البنوك المركزية العالمية احتياطيات من الذهب تبلغ 37.7 ألف طن طن حتى نهاية عام 2025 (مطلع ديسمبر كانون الأول)، بحسب بيانات فيجوال كابيتاليست (Visual Capitalist) لأبحاث السوق. وتأتي الولايات المتحدة على رأس الدول التي تمتلك أكبر احتياطي من الذهب في 2,025 بإجمالي 8,133 طناً، تليها ألمانيا 3350 طناً، ثم إيطاليا 2,451 طناً، ورابعاً فرنسا 2,437 طناً، وخامساً روسيا 2,329 طناً. وتستعرض CNN الاقتصادية محطات صعود الذهب خلال عام 2025، وفق حساب المتوسط الشهري لسعر المعدن النفيس على مدار العام، وتم تحديد المتوسط الشهري من خلال قسمة أسعار الإغلاق اليومية على عدد أيام التداول في الشهر، مع استثناء أيام العطلات. بداية قوية وتحول مبكر في الاتجاه افتتح الذهب عام 2025 عند متوسط شهري يقارب 2,710 دولارات للأونصة في يناير كانون الثاني، وهو مستوى مرتفع تاريخيًا مقارنة بالسنوات السابقة، لكنه مثّل آنذاك نقطة انطلاق لا أكثر، ومع حلول فبراير شباط، ارتفع المتوسط الشهري إلى نحو 2,895 دولاراً، مدفوعاً بتزايد الرهانات على تخفيف السياسة النقدية العالمية وتصاعد المخاطر الجيوسياسية.
مارس بداية كسر الحاجز النفسي في مارس آذار، سجّل الذهب أول منعطف حاسم في العام، إذ قفز متوسطه الشهري إلى قرابة 2,983 دولاراً، مع اختراق الأسعار الفورية حاجز 3 آلاف دولار للأونصة لأول مرة في التاريخ، هذا الاختراق رسّخ قناعة الأسواق بأن الذهب دخل مرحلة تسعير جديدة.
الربع الثاني 2025.. تسارع صعود الذهب شهدت أسعار الذهب خلال الربع الثاني من عام 2025 وتيرة متسارعة من الصعود حيث واصل النفيس بناء زخمه، وفي أبريل نيسان سجل متوسطاً شهرياً بنحو 3,207 دولارات، أما في مايو أيار فحقق نحو 3,278 دولاراً، وفي يونيو حزيران كان قرابة 3,352 دولاراً. هذا الصعود المتدرج عكس انتقال الطلب من المضاربة قصيرة الأجل إلى التحوط طويل الأمد، خاصة من البنوك المركزية والمستثمرين المؤسسيين. صيف الاستقرار المرتفع وخلال شهري يوليو تموز وأغسطس آب، حافظ الذهب على مستوياته المرتفعة بمتوسطات شهرية تجاوزت 3,330 - 3,360 دولاراً، في فترة اتسمت بالاستقرار النسبي دون تصحيحات حادة، وهو ما اعتبره محللون «استراحة محارب» قبل موجة الصعود الكبرى. سبتمبر وعودة التسارع مع دخول سبتمبر أيلول، عاد الزخم بقوة، وقفز المتوسط الشهري إلى نحو 3,665 دولاراً، في ظل تزايد المخاوف بشأن النمو العالمي وتراجع الثقة في الأصول عالية المخاطر. الربع الأخير.. تاريخ يُكتب شهد الربع الأخير من العام القفزات الأكثر دراماتيكية ففي أكتوبر تشرين الأول سجل المعدن الأصفر متوسط شهري تخطى 4,050 دولاراً، مع اختراق تاريخي لحاجز 4,000 دولار، وخلال نوفمبر تشرين الثاني سجّل صعوداً في المتوسط لنحو 4,223 دولاراً. وخلال شهر ديسمبر كانون الأول 2025 بلغ سعر الذهب ذروة غير مسبوقة بمتوسط شهري يناهز 4,355 دولاراً، بينما لامست الأسعار الفورية إلى مستويات فوق 4,500 دولار للأونصة خلال التداولات. الذهب إلى أين في 2026؟ ويرى خبراء أسواق المال أن الذهب تلقى دعماً كبيراً خلال عام 2025 من تحركات ترامب لإعادة تشكيل حركة التجارة العالمية عبر الرسوم الجمركية المضادة، بالإضافة إلى ضغطه المستمر على الفيدرالي الأميركي لخفض أسعار الفائدة، وأيضاً الصدام مع فنزويلا، كل ذلك دفع المعدن النفيس لتسجيل قفزات قياسية تاريخية فخلال النصف الثاني من العام فقط ارتفع الذهب بأكثر من 35%، أما خلال آخر 3 أشهر فقفز بنسبة 20.25%. وتتوقع مؤسسة «غولدمان ساكس» المالية العالمية أن يواصل الذهب رحلة الصعود خلال عام 2026، وأن يسجل سعر الأونصة 4900 دولار مع وجود مخاطر ارتفاع محتملة. وتشير توقعات (J.P. Morgan Chase) إلى استمرار الطلب القوي من البنوك المركزية في دعم أسعار الذهب خلال 2026، مرجحة وصول سعر الأونصة إلى 4500 دولار بحلول منتصف العام، محذراً من احتمالية حدوث فقاعة في أسواق الذهب والأسهم ما يستدعي مراقبة دقيقة لمستويات التقييم. وتلتقي توقعات مجموعة (MKS PAMP) مع توقعات جي بي مورغان وهي بلوغ سعر أونصة الذهب مستوى 4500 دولار خلال عام 2026، فهي ترى أن المعدن نفيس سيصبح أصلاً أساسياً في المحافظ الاستثمارية سنوات عدة مقبلة، وليس مجرد أداة تحوط دورية مرتبطة بالأزمات.
هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية
