ملخص على مدى العقدين الأخيرين شهد قطاع التعليم في الأردن بخاصة في العاصمة عمان توسعاً باتجاه المدارس الدولية، مما أثار جدلاً واسعاً بين المتخصصين وأولياء الأمور، لأثره التعليمي والاجتماعي والثقافي في المجتمع الأردني.
لأعوام مضت كانت شهادة الثانوية العامة الأردنية "التوجيهي" الرمز التربوي الأهم والأكثر رصانة في البلاد، والعقد الاجتماعي التربوي الذي تساوى أمامه الجميع، كذلك فإن المدارس الحكومية ظلت حتى عهد قريب أقوى من مثيلاتها في القطاع الخاص قبل أن يشهد الواقع التعليمي تحولات اجتماعية، إذ لم تعد المؤسسة التعليمية مجرد فضاء للتحصيل المعرفي، بل تحولت إلى أداة للفرز الطبقي وإعادة إنتاج المكانة الاجتماعية.
LIVE An error occurred. Please try again later
Tap to unmute Learn more وبين من يرى في المدارس الدولية بوابة للحداثة والاندماج العالمي، ومن يعدها صورة من صور القوة الناعمة وإعادة إنتاج النخبة، ترتفع في الأحياء الغربية من العاصمة عمان أسوار المدارس الدولية بواجهات زجاجية حديثة وأسماء أجنبية لامعة، لإعادة تشكيل جيل كامل يتحدث الإنجليزية أكثر مما يتحدث العربية، ويستعد للالتحاق بجامعات عالمية أكثر مما يستعد للاندماج في مجتمعه المحلي، وفق مراقبين.
سفارات ثقافية وعلى مدى العقدين الأخيرين شهد قطاع التعليم في الأردن بخاصة في العاصمة عمان توسعاً باتجاه المدارس الدولية، مما أثار جدلاً واسعاً بين المتخصصين وأولياء الأمور، لأثره التعليمي والاجتماعي والثقافي في المجتمع الأردني.
ويرصد مراقبون انتشاراً كبيراً للمدارس الدولية التي تعتمد المناهج البريطانية والأميركية (IG، SAT) والبكالوريا الدولية IB على نحو يتجاوز الخيارات الأكاديمية إلى فرز طبقي للمجتمع الأردني، بين "نخبة" تتماهى مع المنظومات العالمية، وقاعدة شعبية عريضة لا تزال متمسكة بنظام تعليمي وطني يواجه التحديات.
ووفق تقديرات غير رسمية يوجد ما لا يقل عن 29 مدرسة دولية في عمان وحدها تعتمد مناهج تعليمية بلغات أجنبية وبرامج معترف بها دولياً، وتقدم غالبية هذه المدارس منهجاً أميركياً أو بريطانياً أو برنامج IB، تؤهل الطلاب للالتحاق بالجامعات الدولية.
وتشير تقارير حكومية إلى أن نحو 43.1 في المئة من المدارس في الأردن تنتمي إلى القطاع الخاص في مؤشر إلى نمو القطاع غير الحكومي في التعليم.
وعلى رغم عدم توفر أرقام دقيقة عن التمدد السنوي، فإن زيادة المدارس الدولية من مدارس قليلة إلى عشرات المؤسسات في عمان تمثل نمواً واضحاً خلال عقدين.
ويرجع مراقبون ومتخصصون أسباب هذا التوسع إلى دوافع اقتصادية واجتماعية، كالبحث عن جودة تعليمية وفرص التأهيل للجامعات العالمية والاندماج في سوق العمل العالمية، إضافة إلى توفر مهارات لغوية قوية في الإنجليزية.
لكن الرسوم المرتفعة لهذه المدارس التي غالباً تراوح ما بين 5 آلاف و20 ألف دولار سنوياً تخلق طبقية اقتصادية واضحة، وتشير إلى أن التعليم الجيد في الأردن بات مرتبطا أكثر بالقدرة المالية.
تغريب ناعم يعتقد بعض المتابعين أن التعليم باللغات الأجنبية في المدارس الدولية يجعل الطلاب يتقنون لغات عالمية، وهو أمر مفيد على الصعيد المهني لكنه في المقابل محفوف بمخاوف التغريب الناعم، بحيث يصبح لديهم مهارات عربية ضعيفة أو ارتباط لغوي أضعف بالمجتمع المحلي، مما قد يؤثر في انتمائهم الثقافي.
هذه التحولات يمكن اعتبارها جزءاً من ظاهرة عالمية تسمى "عولمة التعليم"، إذ يؤثر التعليم الدولي في تشكيل هوية الطلاب بما يتوافق مع المعايير العالمية أكثر من المحلية، مما يؤدي في بعض الحالات إلى صراع في الانتماءات الثقافية واللغوية داخل المجتمع، وفرز اجتماعي وتعزيز الفوارق.
وعلى اتجاه آخر يرى تربويون أن تنامي المدارس الدولية يعكس تراجعاً نسبياً في الثقة بالنظام التعليمي الحكومي.
لكن في المقابل يقول مدير مدرسة دولية معتمدة في عمان "نحن لا نرى أنفسنا بديلاً عن الهوية الوطنية، بل جسراً نحو العالم، الطالب الذي يتقن الإنجليزية ويمتلك مهارات التفكير النقدي لا يصبح أقل انتماء، بل أكثر قدرة على تمثيل بلده في الخارج، والمشكلة ليست في المناهج الدولية، بل في ضعف الاستثمار التاريخي في التعليم الحكومي"، ويضيف "وزارة التربية تشرف على برامجنا بصورة دورية، ونلتزم تدريس اللغة العربية والتربية الإسلامية وفق تعليمات المعادلة، لكن يجب الاعتراف بأن سوق العمل العالمية تفرض مهارات مختلفة لا يمكن تجاهلها".
ويؤكد مالك إحدى المدارس الدولية أن ثمة مبالغة في توصيف المدارس الدولية كسفارات ثقافية، مضيفاً "نحن ندرس مناهج معتمدة عالمياً لأن الأهالي يطلبون ذلك، ولأن الجامعات العالمية تشترط هذه البرامج، ولا يمكن تحميل المدرسة مسؤولية اختلالات سوق العمل أو ضعف التعليم العام".
بينما يتحدث أحد أولياء الأمور عن تجربته بالقول "أنا خريج مدرسة حكومية، وأعتز بذلك، لكن تجربتي في سوق العمل كانت قاسية، ولا أريد لابنتي أن تمر بالطريق نفسه، وأعتقد أن التعليم الدولي لا يعني التخلي عن الهوية، بل إعطاء أدوات أقوى لمواجهة صعوبات الحياة، واللغة العربية يمكن تعزيزها في البيت، لكن لا يمكن تعويض ضعف الإنجليزية لاحقاً بسهولة".
قوة ناعمة يحلو لأحد المعلمين العاملين في المدارس الدولية أن يصف طلاب هذه المناهج بالقول "يتحدثون الإنجليزية بطلاقة، ويحتفلون بـ الهالوين ، لكنهم قد يجدون صعوبة في كتابة طلب وظيفة باللغة العربية الفصحى".
وتشير الإحصاءات التقديرية لوزارة التربية والتعليم والمجلس الاقتصادي.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية
