قدّم الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي، الثلاثاء، خطة سلام من 20 نقطة صاغها مسؤولون أوكرانيون وأميركيون، غير أن مؤشرات عدة توحي بأن الكرملين، المدعوم بتقدم ميداني لقواته، غير مستعد لقبول هذا الطرح حسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز.
وتمثل الخطة الجديدة تحولا واضحا عن مسودة سابقة طُرحت في أكتوبر، كانت ستؤدي عمليا إلى تنازلات أوكرانية كبيرة، تشمل التخلي عن أراضٍ واستبعاد الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.وتسعى النسخة الجديدة إلى إدراج الضمانات الأمنية التي تطالب بها كييف لمنع أي عدوان روسي مستقبلي، إلى جانب تصور لإعادة إعمار البلاد بعد الحرب.زيلينسكي عرض الخطة باعتبارها "حلا وسطا معقولا" مقارنة بمقترح سابق صاغه مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كيريل دميترييف، والمبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترامب، ستيف ويتكوف، والذي كُشف عنه في نوفمبر الماضي.
نقاط الخلاف الجوهرية
على مدى العامين الماضيين، ظل بوتين متمسكًا بشرطين أساسيين: انسحاب القوات الأوكرانية مما تبقى من إقليمي دونيتسك ولوغانسك، واستبعاد عضوية أوكرانيا في الناتو.
وأعاد التأكيد على هذا الموقف خلال مؤتمره الصحفي السنوي الأخير، مع إشارته إلى "استعداد روسي لبعض الترتيبات"، يُعتقد أنها قد تشمل التخلي عن أجزاء محدودة من الأراضي التي تحتلها موسكو في خاركيف وزابوريجيا، دون التنازل عن هدف السيطرة الكاملة على دونيتسك.
في المقابل، تنص الخطة الأوكرانية على انسحاب روسي من أقاليم دنيبروبتروفسك وميكولايف وسومي وخاركيف، مع إنشاء منطقة منزوعة السلاح في أجزاء من دونيتسك، شريطة انسحاب متبادل ومتوازن. كما لا تقدم الخطة، وفق محللين روس، تنازلات حقيقية بشأن القضايا الإقليمية أو محطة زابوريجيا النووية، التي تحتلها روسيا بينما تسعى أوكرانيا لإدارتها بشراكة أميركية.
لماذا تستطيع موسكو الرفض؟
رغم الكلفة الاقتصادية والعسكرية الكبيرة للحرب، ترى القيادة الروسية أنها لا تزال قادرة على تحقيق مكاسب إضافية عبر استمرار القتال.
فالاقتصاد الروسي يواجه ضغوطا متزايدة مع ارتفاع أسعار الفائدة وتباطؤ النمو، لكنه لا يقترب بعد من أزمة شاملة قد تُجبر الكرملين على تغيير مساره.
وتسيطر روسيا حالًا على نحو ثلاثة أرباع إقليم دونيتسك، ويقدّر خبراء أنه، بالوتيرة الحالية، قد تستغرق السيطرة الكاملة نحو 18 شهرًا إضافيًا.
كما أعلنت موسكو أن مئات الآلاف من المجندين الجدد انضموا إلى الجيش خلال 2025، ما يسمح لها بمواصلة الحرب رغم الخسائر.
وترى موسكو في التفاوض وسيلة للحفاظ على قناة تواصل مع واشنطن، وتفادي تحميلها وحدها مسؤولية استمرار الحرب، إضافة إلى محاولة تأخير فرض عقوبات أميركية جديدة، خصوصًا بعد الإجراءات الأخيرة التي استهدفت عملاقي النفط "روسنفت" و"لوك أويل".
كما يسهم النقاش الطويل حول شروط السلام في تعميق التباينات بين أوكرانيا وبعض حلفائها الغربيين.
وفي محصلة تقرير نيويورك تايمز، يرجح مراقبون أن الكرملين يستخدم المفاوضات كتكتيك سياسي أكثر من كونه مسارا حقيقيا لإنهاء الحرب، في ظل قناعة بوتين بأن الوقت لا يزال يعمل لصالحه.(ترجمات)۔
هذا المحتوى مقدم من قناة المشهد
