تعد نسبة نجاح محاولات الاغتيال المتغير الأكثر خطورة في معادلة التغيير السياسي العالمي، حيث يتوقف مصير دول بأكملها على مدى فاعلية الأداة المستخدمة في التنفيذ.
وتكشف البيانات الإحصائية التاريخية المستمدة من تحليل 298 محاولة استهدفت زعماء العالم منذ عام 1875، أن الفشل هو السمة الغالبة على هذه العمليات بنسبة تصل إلى 75%.
ويؤكد الباحثان بنجامين جونز وبنجامين أولكن في دراستهما الشهيرة أن الرابط بين السلاح المستخدم والنتيجة النهائية ليس مجرد صدفة، بل هو نتاج كفاءة تقنية تجعل من "المسدس" سلاحًا يتفوق بوضوح على "القنبلة" في حسم المواجهات السياسية الكبرى.
الفوارق الإحصائية في نسبة نجاح محاولات الاغتيال
تظهر الدراسة فروقًا شاسعة عند مقارنة الوسائل التقليدية للاغتيالات، حيث تتربع الأسلحة النارية على عرش الكفاءة التاريخية بمعدل نجاح يبلغ حوالي 30%.
ويرجع ذلك إلى قدرة المنفذ على التحكم المباشر في لحظة الإطلاق والمسافة من الهدف، مما يقلل من هامش الخطأ البشري.
وفي المقابل، تتدنى نسبة نجاح محاولات الاغتيال باستخدام المتفجرات والعبوات الناسفة إلى مستوى صادم لا يتعدى 7% فقط، مما يجعلها الوسيلة الأقل فاعلية رغم ضجيجها الإعلامي وقوتها التدميرية الهائلة.
العوامل التقنية المؤثرة في نسبة نجاح محاولات الاغتيال
تعزى أسباب تفوق السلاح الناري إلى قدرة المغتال على اقتناص اللحظة الزمنية والمكانية بدقة، بينما تعاني المتفجرات من "العشوائية القدرية" التي غالبًا ما تُنقذ الأهداف بصدفة بحتة.
وتوثق السجلات التاريخية أن القنابل غالبًا ما تنفجر في توقيت مبكر جدًا أو متأخر، أو يتم تقليص أثرها بسبب عوائق فيزيائية غير متوقعة، مثل وضع حقيبة المتفجرات خلف ركيزة طاولة ثقيلة.
جعلت هذه العشوائية الكامنة في أدوات التفجير التقليدية من الصعب الاعتماد عليها كأداة جراحية للتغيير السياسي، على عكس الرصاصة التي تتبع مسارًا مباشرًا ومحكمًا.
التحول الرقمي وتطور نسبة نجاح محاولات الاغتيال
انتقل العالم في القرن الحادي والعشرين من عشوائية القنابل التقليدية إلى دقة الطائرات المسيرة، وهو ما أحدث طفرة غير مسبوقة في نسبة نجاح محاولات الاغتيال.
وتجمع المسيرات الحديثة بين قوة الانفجار ودقة التوجيه عبر الليزر والذكاء الاصطناعي، مما رفع احتمالية النجاح من 7% للعبوات البدائية إلى مستويات تقارب الـ 100% في العمليات الموجهة بدقة.
يفسر هذا التحول التقني لماذا أصبحت "الدرونز" هي السلاح المفضل في الاغتيالات الحديثة؛ فهي تمنح المنفذين ميزة "القتل النظيف" وتجاوز الحواجز الأمنية التقليدية التي كانت تُفشل العمليات اليدوية في الماضي.
وتوضح البيانات أن السلاح الأقل نجاحًا هو الأكثر دموية للمدنيين؛ فالمتفجرات تسبب خسائر تفوق هجمات الأسلحة النارية بثمانية أضعاف.
وتكشف الإحصاءات أن متوسط عدد القتلى والجرحى في هجمات القنابل يصل إلى مستويات مرتفعة جدًا مقارنة بالهجمات الفردية، مما يضيف بعدًا أخلاقياً وسياسيًا معقدًا إلى جانب الفشل التقني.
دفع هذا التباين في نسبة نجاح محاولات الاغتيال الدول والمنظمات إلى التخلي تدريجيًا عن الوسائل العشوائية لصالح أدوات أكثر دقة، تضمن الوصول للرأس المستهدف دون إثارة ردود فعل شعبية واسعة ناتجة عن المجازر الجانبية.
وتظل نسبة نجاح محاولات الاغتيال رهينة التوازن بين المهارة البشرية والتقدم التقني، حيث أثبتت الأرقام أن "الذكاء في اختيار الوسيلة" أهم من "القوة التدميرية".
ويعد الانتقال من عصر المسدس إلى عصر المسيرة هو في جوهره محاولة بشرية للسيطرة على "عنصر الصدفة" الذي طالما حمى الزعماء من الموت.
ومع استمرار تطور الخوارزميات القاتلة، يبدو أن هامش النجاة يتقلص يومًا بعد يوم، مما يجعل من فعل الاغتيال أداة استراتيجية أكثر حتمية وفتكًا مما كانت عليه في أي وقت مضى.
هذا المحتوى مقدم من العلم
