بغداد / عراق اوبزيرفر
تواجه طيور الفلامنكو المهاجرة في العراق خطراً متصاعدا يهدد وجودها في بيئتها الطبيعية، مع تزايد عمليات الصيد الجائر والاتجار غير القانوني بها في أسواق محافظتي ميسان وذي قار (الناصرية)، حيث تحولت هذه الطيور من رمز للجمال والتوازن البيئي إلى سلعة تعرض في أقفاص البيع دون أي رادع قانوني فعلي.
وخلال الأشهر الأخيرة، رصدت زيادة واضحة في أعداد طيور الفلامنكو المعروضة في الأسواق الشعبية، في انتهاك صريح للقوانين البيئية، الأمر الذي ينذر بخطر الانقراض المحلي لهذا النوع الذي يعتمد على الأهوار العراقية كمحطة أساسية للتغذية والتكاثر خلال مواسم الهجرة.
صيد يهدد بيئة الأهوار
يحذر مختصون في شؤون البيئة والتنوع الأحيائي من أن استمرار صيد الفلامنكو لا يهدد هذا الطائر فحسب، بل يضرب النظام البيئي للأهوار العراقية بأكمله، بوصفها واحدة من أهم المناطق الرطبة في الشرق الأوسط، وموطنا لعشرات الأنواع من الطيور المهاجرة.
ويؤكد خبراء أن غياب الرقابة الفعلية على الأسواق، إلى جانب ضعف حملات التفتيش في مناطق الصيد، شجع بعض الصيادين والمتاجرين على استغلال هذه الطيور النادرة لتحقيق مكاسب سريعة، غير آبهين بالنتائج البيئية الخطيرة.
تحذير قانوني من عقوبات دولية
في هذا السياق، أكد الخبير القانوني علي التميمي أن استمرار صيد طائر الفلامنكو داخل الأهوار العراقية يشكل تهديدًا مباشرًا لمكانة الأهوار المدرجة ضمن لائحة التراث العالمي.
وقال التميمي لـ عراق اوبزيرفر ، إن طائر الفلامنكو يُعدع ضيفا بيئيا مهما على العراق، وقتله أو الاتجار به يمثل مخالفة أخلاقية وقانونية خطيرة ، محذرا من أن تكرار هذه الانتهاكات قد يدفع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) إلى فرض عقوبات، أو حتى إعادة النظر في إدراج الأهوار العراقية ضمن لائحة التراث العالمي .
وأشار إلى أن إدراج الأهوار في هذه اللائحة جاء نتيجة تميزها البيئي والتاريخي، وما تمثله من قيمة عالمية تستوجب الحماية، لافتا إلى أن الاعتداء على التنوع الأحيائي، ومنه طائر الفلامنكو، يُعد إخلالا بالتزامات العراق الدولية.
خسائر تتجاوز البيئة
وبيّن التميمي أن فقدان صفة التراث العالمي لن يكون خسارة رمزية فقط، بل سينعكس سلبا على عدة قطاعات حيوية، موضحا أن الأهوار تستفيد حاليا من دعم دولي يشمل تمويلات ومنحا وقروضا، إضافة إلى تنشيط السياحة البيئية، وتحسين البنى التحتية والخدمات الصحية والتعليمية في المناطق المحيطة .
وأضاف أن هذه المكاسب تمثل ركيزة مهمة للتنمية المحلية وتحسين مستوى معيشة السكان، وأن التفريط بها بسبب الصيد الجائر يعد تجاوزا غير مبرر على مصالح العراق البيئية والاقتصادية .
القانون حاضر والتطبيق غائب
من الناحية القانونية، أشار التميمي إلى أن التشريعات العراقية تتضمن نصوصا صارمة لمعاقبة المتجاوزين على البيئة، منوهاً الى ان أن القانون رقم (10) لسنة 1981 المعدل لقانون تنظيم صيد الأحياء المائية رقم (48) لسنة 1976، ينص في المادة (28) على عقوبات تصل إلى السجن من ثلاث إلى سبع سنوات بحق من يستخدم وسائل محظورة في الصيد.
غير أن مختصين يرون أن المشكلة لا تكمن في غياب القوانين، بل في ضعف تطبيقها، وقلة حملات الملاحقة والمساءلة بحق الصيادين والمتاجرين، ما يسمح باستمرار هذه الانتهاكات دون رادع.
وفي ظل هذا الواقع، تتصاعد الدعوات الموجهة إلى الجهات الحكومية والأمنية لتكثيف حملات مكافحة الصيد غير القانوني، وتشديد الرقابة على الأسواق، إلى جانب إطلاق حملات توعية مجتمعية تشرح خطورة الاتجار بطيور الفلامنكو وأهمية الحفاظ عليها في بيئتها الطبيعية.
هذا المحتوى مقدم من عراق أوبزيرڤر
