مقالات الشروق| نيفين مسعد: ذكريات من فوق الدولاب. حتى ثمانينيات القرن الماضى كان "فوق الدولاب" فى بيوتنا يؤدى دورًا جليلًا للأسرة المصرية. كل الأشياء التى نريد الاحتفاظ بها أو التى لا نريد الاحتفاظ بها لكن لا يهون علينا التخلّص منها نطوّحها فوق الدولاب بمنتهى الأريحية. يتحوّل فوق الدولاب إلى خزانة كبيرة تتسع لبعض المقتنيات الثمينة وكذلك لخزعبلات لا معنى لها ولا مكان لها أيضًا.. المقال كاملا

حتى ثمانينيات القرن الماضى كان "فوق الدولاب" فى بيوتنا يؤدى دورًا جليلًا للأسرة المصرية. كل الأشياء التى نريد الاحتفاظ بها أو التى لا نريد الاحتفاظ بها لكن لا يهون علينا التخلّص منها نطوّحها فوق الدولاب بمنتهى الأريحية. يتحوّل فوق الدولاب إلى خزانة كبيرة تتسع لبعض المقتنيات الثمينة وكذلك لخزعبلات لا معنى لها ولا مكان لها أيضًا. وهكذا تتجاور نسخ صفراء من صحيفة الأهرام التى تضم نعى الوالدين والأقارب والأصحاب العُزاز، مع أشعّات الظَهر والقولون وما يستجّد من أعضاء، مع صبغات الشعر ومستلزمات التحايل على آثار الزمن، مع لُعب خطرة نتاويها بعيدًا عن متناول الأحفاد حمايةً لهم كما فعل محمود البزّاوى عندما أخفى ريش البط داخل قُلّة قِناوى فى فيلم "همّام فى أمستردام"، مع برواز مكسور ومنبّه قديم ومضرب اسكواش منذ أن كان فى البيت مَن تسمح له صحته بممارسة الرياضة العنيفة. وبما أن مثل هذا الخليط من أشياء فيه ما هو منبعج وما هو مستوى فإن ترتيب فوق الدولاب كان يحتاج إلى مهارة ووقت، كما كان يحتاج أيضًا إلى بعضٍ من صبر أيوب.



فوق الدولاب إذن يمثل رديفًا للسندرة التى كانت موجودة فى البيوت القديمة لتبتلع كل ما نريد أن نخفيه عن عيوننا لحين إشعار آخر، مع فارق بسيط هو أن الطعام كان أكثر ما يتم الاحتفاظ به فى السندرة، فلقد كانت طراوة هذه الأيام تسمح بتخزين الطعام فى أماكن مغلقة دون أن يفسد... لم نكن نعى بعد أن التغيَرات المناخية ستفعل بنا الأفاعيل. وكم عشت سنين وأنا أشاهد عملية نقل خزين السمن البلدى إلى ذلك التجويف العميق فى أعلى جدار المطبخ الذى كان يُسمّى سندرة. يحّل موسم الشتاء، وتأتينا قوالب الزبد البلدى من قريتنا الحبيبة فى شمال الدلتا، فيشمّر والدى عن ساعديه ويتفرّغ لمدة يوم كامل لعملية تسييح الزبدة وتحويلها إلى سمن بلدى معتبر. لم أحب هذا اليوم أبدًا لأن الأعصاب فيه كانت دائمًا مشدودة لسبب غير معلن لكن الأرجح أن له علاقة بالحرص على ثروة الزبد الثمينة. كما لم أكن أحبه لأن رائحة السمن النفَاذة كانت تعبّق المكان وتَعلَق بالجدران لساعات طويلة. لكنى كنت معجبة بتقسيم الأدوار التلقائى بين والدّى، فكانت عملية تسييح الزبد مهمة حصرية لأبى، ولم أر أمى قط تمارسها معه أو بدلًا منه، حتى إذا ما ذهب أبى إلى خالقه تحوَلنا لاستخدام السمن البلدى الجاهز ثم اتجهنا إلى الزيت. وهكذا فمع أننا لم نكن بعيدين جدًا عن زمن أمينة وسى السيد، إلا أن هذا النمط من تسلّط الزوج على زوجته لم يعرفه بيتنا ولا بيوت الأقارب والجيران فى محيطنا على الأقل.



وفى مرحلة معينة من العمر كان فوق الدولاب يؤدى دورًا آخر لم يكن من الممكن للسندرة أن تنافسه فيه. كان يُستخدم كمسرح للمغامرات والشقاوة ولعب العيال. ومازلت.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من جريدة الشروق

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من جريدة الشروق

منذ ساعتين
منذ ساعة
منذ 10 ساعات
منذ 11 ساعة
منذ 12 دقيقة
منذ 9 ساعات
صحيفة المصري اليوم منذ 19 ساعة
صحيفة الوطن المصرية منذ 14 ساعة
صحيفة المصري اليوم منذ 6 ساعات
صحيفة الوطن المصرية منذ 5 ساعات
صحيفة المصري اليوم منذ 17 ساعة
صحيفة المصري اليوم منذ ساعتين
صحيفة اليوم السابع منذ 5 ساعات
صحيفة الوطن المصرية منذ 16 ساعة