ربيع علم الدين يفوز بجائزة الكتاب الوطني للرواية في أميركا

ملخص منذ أن بدأ الأدب الحديث يشكك في مفهوم الحقيقة، لم يعد ادعاء الصدق علامة على الموثوقية، بل غدا في كثير من الأحيان مجرد إشارة إلى لعبة سردية، فالقصة لا تحتاج إلى أن تكون في الأصل حقيقية، فضلاً عن تأكيدها ذلك، إلا إذا كان هذا الإلحاح اعترافاً ضمنياً بأن ما سيروى عبر الصفحات، ضرب من الكذب. من هذا المنظور يمكن الدخول إلى رواية "القصة الحقيقية فعلاً لرجا الساذج وأمه" للروائي اللبناني - الأميركي ربيع علم الدين، التي حصدت "جائزة الكتاب الوطني للرواية" (National Book Award for Fiction) لعام 2025.

تبدأ رواية ربيع علم الدين في بيروت عام 2023، حيث يعيش رجا، البالغ من العمر 63 سنة، ويدرس الفلسفة لطلاب المرحلة الثانوية، أولئك الذين يصفهم مازحاً بـ"أولاده الأشرار"، بينما يكنون له، في الواقع، مودة صادقة. انتقلت والدته زلفة، ذات الـ85 سنة للعيش معه أخيراً بعدما سرق شقيقه مدخراتها. غير أن لسانها السليط وتدخلها الدائم في شؤونه يدفعانه إلى التشبث بما تبقى له من خصوصية، خصوصية تراها هي تمرداً عليها، فتلاحقه في حياته اليومية: تصادق طلابه، تحضر التظاهرات، بل وتنسج علاقات مع رجال عصابات.

LIVE An error occurred. Please try again later

Tap to unmute Learn more من هنا تنطلق الرواية الصادرة عن دار غروف برس (Grove Press) في نحو 336 صفحة، لتروي حكاية بلد بأكمله من خلال شخصية رجا الساذج وأمه. تبدأ برسالة إلكترونية تدعو رجا إلى قضاء ثلاثة أشهر في ولاية فرجينيا ضمن زمالة للكتابة، تشمل السفر والإقامة ومنحة قدرها 9 آلاف دولار، مع تغطية كاملة للنفقات. تبدو الفرصة مثالية: مهرباً موقتاً من بيروت المثقلة بالخراب، ومن أم لا تعرف الصمت. لولا أن رجا يفاجئ القارئ بحقيقة مربكة: أنه ليس كاتباً. "لم أكن أعمل على شيء ولم أعمل على شيء لأكثر من 25 عاماً، ولم تكن لدي أي نية للعمل على شيء في المستقبل أيضاً. لقد كتبت كتاباً واحداً قبل 25 عاماً، لكنني لست كاتباً، ليس حقاً. كتبت كتاباً، وانتهى الأمر، كان ذلك حادثاً".

ارتباك مؤشر البوصلة

بعد فصل قصير، لا يتقدم الزمن إلى الأمام، بل يرتد إلى الوراء، ستة عقود تتداخل وتتشابك: الحرب الأهلية اللبنانية، حادثة اختطاف تركت أثراً عميقاً في نفس رجا، أعوام التعايش مع الانهيار اليومي، جائحة كوفيد، ثم انفجار مرفأ بيروت الذي أودى بحياة أكثر من 200 شخص وآلاف الجرحى. يقول رجا: "إذا قلت لك إن الأمور حدثت بسرعة بحيث لم يكن لدى أمي أو لدي أي فكرة عما نفعل، ولم يكن لأي منا أي ذكرى عما فعلناه خلال تلك اللحظة متناهية الصغر التي انقلب فيها عالمنا والمدينة رأساً على عقب، فأنا أقول الحقيقة".

هكذا تترك الرسالة جانباً لندخل في نسيج من الاستطرادات والحكايات المتداخلة، تنبثق من بعضها وتفضي إلى بعضها، كأن عجلة الزمن فقدت اتزانها وراحت تدور في كل الاتجاهات. "إذا قلت لك إن الزمن توقف، وإننا عرفنا ما سيحدث قبل جزء من الألف من الثانية وتصرفنا بمهارة ودقة قدامى المحاربين، فسأكون أيضاً أقول الحقيقة".

يصف الناقد ديفيد إل. أولين هذا البناء بأنه شبيه بدمى متداخلة أو بأكورديون سردي، إذ يضع علم الدين فصلين قصيرين في الزمن الراهن (عام 2023) كإطار خارجي، ثم يفتح المساحة بينهما ليرسل السارد ذهاباً وإياباً عبر ستة عقود من حياته: "ظننت أنني نسيت البريد الإلكتروني الذي بدأت به هذه الحكاية، أليس كذلك؟" يسأل رجا نحو ثلث الرواية. "أفترض أنك على الأرجح فعلت، فالحكاية لها ذيول كثيرة ورؤوس كثيرة، خصوصاً إذا كانت حقيقية. مثل الحياة، هي نهر له فروع وجداول وروافد، سأصل إلى كل شيء، أعدك".

بهذا المعنى، لا تتعلق الرواية بمادة الحكاية وحدها، بقدر ما تتعلق بالحكاء نفسه وبفعل الحكي بوصفه عملية واعية. يكتب أولين: "تخيل شهرزاد في القرن الـ21، متجسدة في هيئة معلم فلسفة بيروتي مثلي يبلغ الـ63 من عمره يدعى رجا، ينسج القصص ليبقي نفسه ووالدته ذات الـ85 على قيد الحياة في عالم مضطرب وخطر".

شر البلية ما يضحك

تنتمي الرواية إلى نمط سردي يعرف باسم التراجيديكوميديا (Tragicomedy)، وهو شكل يقوم على تداخل واعٍ بين التراجيديا والكوميديا، بحيث لا تستخدم الفكاهة لتخفيف وطأة المأساة، ولا تستدعى المأساة لفض مجلس الضحك، بل يعمل الاثنان معاً على كشف هشاشة التجربة الإنسانية وتعقيدها. منذ أن وصف الكاتب الروماني بلاوتوس مسرحيته أمفيتريون في القرن الثاني قبل الميلاد بأنها عمل "لا هو تراجيديا ولا كوميديا"، مروراً بذروة هذا النمط لدى ويليام شكسبير في مسرحياته المتأخرة مثل العاصفة، ظل هذا الشكل السردي مرتبطاً بلحظات تاريخية يعجز فيها الحزن الخالص أو الضحك الخالص عن احتواء الواقع. وتميل شخصيات هذا النمط إلى الواقعية: لا أبطال ملحميون.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من اندبندنت عربية

منذ 10 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 8 ساعات
منذ 9 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 7 ساعات
سي ان ان بالعربية منذ 7 ساعات
التلفزيون العربي منذ 21 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 3 ساعات
سي ان ان بالعربية منذ 3 ساعات
بي بي سي عربي منذ 4 ساعات
سكاي نيوز عربية منذ 5 ساعات
قناة العربية منذ 3 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 10 ساعات