تتجاوز سلطنة عُمان في حضورها الإنساني والسياحي حدود الوصف، فهي وجهة استثنائية بكل تفاصيلها...عراقة التاريخ، وسماحة القلوب وجمال أهلها، عناصر تتفرد بها عُمان عن سائر البلدان السياحية.
قد يجد الزائر في مدن العالم معالم تُبهره، لكنه في عُمان يكتشف ما هو أعمق من ذلك.. بشاشة الوجه العُماني وكرمه الأصيل، الذي يتسع قلبه وعقله لكل ضيف... هنا، يشكل التسامح والوفاء ملامح راسخة في الروح البشرية، وتنساب راحة البال مع جمال الطبيعة، لتسحر القلوب والعقول، وتسكن اللحظات الجميلة في سلطنة المحبة والعطاء.
يتنامى القطاع السياحي في عُمان بشكل متسارع، مع وجود رغبة في تعزيز الحركة الاقتصادية ونقلها إلى العالمية، تجارياً وسياحياً وخدماتياً، لتشكّل السلطنة وجهة استثمارية جاذبة للعالم وخصوصاً دول مجلس التعاون الخليجي، إضافة إلى ما تملكه من مدن سياحية مثل مسقط وصور وصحار ونزوى وصلالة التي تشكّل محطات سياحية نابضة بالحياة، تستقطب الزوار بما تحمله من تاريخ وثقافة وجمال طبيعي.
على ارتفاع 3000 متر... الجبل الأخضر
بدعوة من وزارة التراث والسياحة لزيارة عدد من الوجهات السياحية، شد الرحال الوفد الإعلامي الكويتي إلى عُمان في رحلة تاريخية، وعلى بعد نحو 170 كيلومتراً من العاصمة مسقط كانت الوجهة حيث الجبل الأخضر في محافظة الداخلية، والذي يبلغ ارتفاعه نحو 3000 متر ويشتهر بزراعات الرمان والخوخ والمشمش والجوز والورود والتي لا تنمو في أي مكان آخر بالخليج العربي.
وفي أعلى مرتفعات العاصمة يطل الجبل الأخضر بمناخه المتفرد، حيث اعتدال درجات الحرارة صيفاً والبرودة الشديدة والسحب الكثيفة شتاء، تمر السحب الجميلة بين «أشجار الحلويات»، وأشهرها رمان الجبل الأخضر الذائع الشهرة في الخليج، وهناك أشجار النواة الحجرية المحلية كالخوخ، والمشمش، وأشجار الجوز الشهيرة والعنب التين، ويشتهر سكانه بتربية الماشية والزراعة ويزخر بالقرى القديمة مثل العقر والعين والأفلاج المائية، ومطلات الوادي البانورامية، بالإضافة إلى القلاع والحصون القريبة مثل قلعة بيت الرديدة وحصن جبرين وغيرها.
والجميل أن الجبل الأخضر يعج بالقرى والأماكن التاريخية والثقافية، مثل قرية العقر ذات البيوت الحجرية والمناظر الخلابة، وقرية العين الشهيرة بالزراعة والأفلاج المائية القديمة وقرية وادي بن حبيب وقلعة بيت الرديدة التاريخية ومزارع ورد الجبل المخصص لصناعة ماء الورد، وهناك أيضاً مسارات ترشدك إلى القرى الثلاث، وهو مسار مشي سهل يوفر مناظر رائعة للمدرجات الزراعية.
«متحف عمان»... قصص التاريخ والجغرافيا
توجه الفريق الإعلامي من الجبل الأخضر إلى «متحف عمان» عبر الزمان الذي شيد أخيراً، وافتتحه رسمياً السلطان هيثم بن طارق في مارس 2023، وهو يحوي قصص التاريخ والجغرافيا، حيث زيارة متحف عمان عبر الزمان بولاية منح في محافظة الداخلية يرصد تاريخ أرض عمان قبل مئات السنين، ويسعى إلى التعريف بالحقب التاريخية المختلفة التي شهدتها سلطنة عُمان مثل جيولوجيا الأرض والسكان الأوائل، وصولاً إلى عصر النهضة المباركة.
وفي هذا السياق، قال هارون بن عيسى من فريق المتحف، إن «المتحف يسلط الضوء على حضارة عُمان عبر الزمان، وتاريخ السلطنة في العصر البرونزي، بوصفه مرحلة مفصلية في تشكّل الهوية الحضارية العُمانية، حيث تميزت عُمان عبر الزمان بعلاقاتها التجارية الواسعة مع حضارات كبرى، مثل بلاد الرافدين ودلمون ووادي السند، وهو ما يعكس الدور المحوري الذي لعبته عُمان في حركة التجارة والتواصل الحضاري في العالم القديم».
عُمان في وثائق ونقوش بلاد الرافدين
وأوضح بن عيسى أن «المتحف يستعرض مجموعة من الأدلة التاريخية، من بينها وثائق ونقوش من بلاد الرافدين ورد فيها ذكر عُمان، إضافة إلى الإشارات إلى الملوك والمعتقدات الدينية في تلك الفترة، مما يؤكد عمق الحضور السياسي والديني لعُمان في التاريخ القديم»، مشيراً إلى أن «المتحف يسلط الضوء أيضاً على القوارب العُمانية القديمة، من خلال عرض مراحل بنائها المختلفة، والبضائع التي كانت تُنقل عبرها، في دلالة واضحة على تطور مهارات الملاحة وبناء السفن لدى العُمانيين، ودورهم الريادي في التجارة البحرية خلال العصر البرونزي».
وفي جناح القنوات المائية، بيّن أن «الأفلاج تُعدّ جزء لا يتجزأ من تاريخ عُمان وحضارتها، إذ شكلت عبر العصور ركيزة أساسية في حياة الإنسان العُماني»، كما تضم السلطنة أكثر من 3000 ألف فلج ما زالت تؤدي دورها الحيوي، حيث توفّر ما يقارب 40 في المئة من المياه المستخدمة في ري المزارع، مؤكداً أن الأهمية الكبيرة للأفلاج دفعت إلى تخصيص جناح كامل في المتحف للحديث عنها، يتناول عمارة الأفلاج وهندستها، إضافة إلى التراث غير المادي المرتبط بها، مثل القصص والأساطير والحكايات الشعبية، وكذلك الأشعار التي ارتبطت بالأفلاج عبر الأجيال، وهذه القيمة التاريخية والثقافية العالمية للأفلاج العُمانية تُوِّجت بإدراج خمسة أفلاج ضمن قائمة «اليونسكو» للتراث العالمي.
«صحراء بدية»... رمال على مدّ النظر
المحطة الثالثة للزيارة كانت الأكثر إثارة في الرحلة، حيث زار الوفد الإعلامي «صحراء بدية» رمال ممتدة على طول النظر، وهي وجهة سياحية صحراوية شهيرة تقع في ولاية بدية بمحافظة شمال الشرقية، وتتميز بكثبانها الرملية الذهبية الساحرة، والواحات الخضراء وتوفر تجارب مثل رحلات الدفع الرباعي، والتزلج على الرمال، وركوب الجمال، والتخييم مع أجواء تراثية، وهي نقطة انطلاق ممثلة لاستكشاف جمال الصحراء العمانية.
وتتنوع طبيعة ولاية بدية بين الرمال والجبال والسهول والواحات الخضراء التي يبلغ عددها 15 واحة تنتشر فيها النباتات البرية، وتضم عيوناً مائية كثيرة ويعتمد سكانها على.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الراي
