لم تكن النَّميمةُ يومًا جديدةً على المجتمعات البشريَّة، فهي سلوكٌ قديمٌ بقدم المجالس والأسواق، تتغذَّى على الفضول والرَّغبة في تداول الأخبار الخفيَّة. الجديدُ اليوم ليس النميمة ذاتها، بل المنصَّة التي تحملها، والسرعة التي تنتشر بها، والحجم الذي وصلت إليه. لقد نقلت منصَّات التواصل الاجتماعيِّ النميمةَ من هامش الحديث الخاصِّ، إلى صدارة المشهد العامِّ، ومن همس المجالس، إلى ضجيج الفضاء الرقميِّ.
في السَّابق، كانت النميمةُ محدودةَ الجغرافيا والتأثير؛ تبدأ وتنتهي داخل دائرة ضيِّقة، وغالبًا ما تخفتُ قبل أنْ تتحوَّل إلى أذى واسعٍ. أمَّا اليوم، فقد أصبحت -»قصَّة»، أو «تغريدة»، أو «مقطعًا قصيرًا»- قادرةً على الوصول إلى آلاف، وربَّما ملايين، خلال دقائق. ومع هذا الانتشار، تتحوَّل النميمةُ من سلوك اجتماعيٍّ عابر، إلى قوَّة ضغط جماعيٍّ، تصنع الرأي، وتشوِّه السمعة، وتُعيد تعريف الأشخاص في الوعي العام، بناءً على رواية ناقصة أو مجتزأة.
تقوم خوارزميَّات منصَّات التواصل بدور خفيٍّ، لكنَّه بالغ التأثير. فهي لا تروِّج للمعلومة الأصدق، بل للأكثر إثارة. وكلَّما كان المحتوى مشحونًا بالتَّلميح والاتِّهام والفضول، زادت فرص انتشاره. وهكذا، تصبح النميمةُ سلعةً رابحةً، تُكافأ بالإعجابات والمشاركات، ويُعاد إنتاجها بصيغ أكثر حدَّة، حتَّى تفقد أيَّ ارتباط بالحقيقة، وتتحوَّل إلى رواية جماعيَّة يصعب تفكيكها.
الأخطر من ذلك، أنَّ منصَّات التواصل ألغت المسافة بين المتلقِّي والمشارك. لم يعد الفرد مستمعًا فقط، بل صار جزءًا من السلسلة: يعلِّق، ويحلِّل، ويضيف، وأحيانًا يتَّهم. ومع كل مشاركة، تتضخَّم القصَّة، ويتراجع الحسُّ الأخلاقيُّ خلفَ شعور زائفٍ بالبراءة؛.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة المدينة
