لا شك أن إدارة وتشغيل المشاريع الستراتيجية الكبرى تتطلب قدرات وخبرات متميزة ونادرة في بعض الأحيان، ويصعب توفيرها، خصوصا في ظل غياب تخطيط فعال يهدف بشكل أساسي لتطوير الهياكل المؤسسية وتأهيل الكوادر والموارد البشرية الإدارية والفنية في مراحل التحضير لتلك المشاريع.
في ظل ذلك، تصبح إدارة وتشغيل المشاريع الستراتيجية مشكلة كبيرة يتراوح مستوى تشغيلها بين إدارة محلية متدنية القدرة والفعالية، وبين الاستعانة بخبرات أجنبية مؤهلة وفعالة.
والحقيقة أن البديل الثاني ليس سلبياً بالمطلق، وليس إيجابيا في كل الأحوال، فالأمر يعتمد على اسلوب وقواعد واشتراطات التعاقد، ونقل الخبرة، والرقابة، وحسن وسلامة إدارة وتشغيل المشروع.
إن موضوع إدارة شركات أجنبية للمشاريع الكبرى، من حيث النظرية أو الممارسة، ليس موضوعاً جديداً فقد تم بحثه باستفاضة، وكذلك في الواقع العملي وهو ممارسة عملت بها دول عدة في محيطنا الإقليمي، إما بإدارة أجنبية صرف أو بإدارة هجين، من الأجنبي والمحلي.
ومن إيجابيات الاستعانة بالإدارة الأجنبية أنها تمتلك خبرة متراكمة في إدارة مشاريع عملاقة، ولديها نظم عمل متقدمة في الإدارة والتشغيل، وحلول فنية وإدارية، وقرارات وإسلوب عمل احترافي لا تؤثر فيه الملابسات غير الفنية.
لا شك أن تلك جميعا محفزات مهمة للاستعانة بالشركات الأجنبية في إدارة وتشغيل المشروعات الكبرى، ولذلك فهي لا تقتصر على الدول النامية، بل وحتى الدول الصناعية تستخدم هذه الممارسة، غير أنها، ونتيجة لتطور قدراتها، تحقق منها أعلى مستوى من النتائج الإيجابية. إذ ان هذه الممارسة إذا لم تتوافر قدرات فنية وتعاقدية وإدارية عالية المستوى، فإن مثالبها وسلبياتها قد تكون أكثر من منافعها. فتكاليف الإدارة والتشغيل من شركات أجنبية ذات خبرة عادة ما تكون باهظة، وتفوق بكثير الإدارة المحلية، وعادة ما تكون أجور ورواتب المستشارين الأجانب مرتفعة، ودون عائد متناسب.
وفي بعض الأحيان لا تتناسب أساليبها وحلولها مع خصوصيات البيئة الإدارية المحلية، ولا تنسجم عملياتها الإدارية والفنية مع الفهم والثقافة الإدارية السائدة، لعل الأهم في كل ذلك، مخاطر انتهاء فترة التعاقد دون تأهيل إدارة محلية قادرة على المتابعة ودون نقل المعرفة والخبرات المطلوبة، فتعود الإشكالية إلى المربع الأول. وعلى الطرف المستفيد أن يخفض تلك إلى حدها الأدنى، ويضع الخطط لإحلال الإدارة الوطنية محل الأجنبية. فالأخيرة تكون مفيدة كمرحلة انتقالية، لكنها مضرة إذا تحولت إلى بديل للإدارة الوطنية.
توجد العديد من الحالات التي تساعد على الفهم والتعامل الإيجابي مع هذه الممارسة، ومنها مشاريع كبرى عدة في بعض الدول الخليجية التي استعانت بإدارتها وتشغيلها بأجنبية كمرحلة تحضيرية أو انتقالية، وليس كبديل دائم، واستند النجاح إلى أمور عدة، منها؛ وجود فرق عمل وطنية، إدارية وفنية، لصيقة بالمدير الأجنبي، ويكون تدريبها.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة السياسة
