كان يوماً استثنائياً إلى حدٍّ ما.. إذ خرجت أتمشى في الرباط وكان هناك الكثير..
سماء داكنة، تارة يظللها الغمام، وأحيانًا تتخللها سحب بيضاء، وتارة أخرى تميل إلى لون قاتم. تتهاطل الأمطار حينًا، ثم تخرج الشمس من مخبئها لترسل أشعة رائعة.
لاحظت أن شوارع المدينة مبتلة، ورائحة ثياب الناس المبتلة تختلط برائحة البنايات المبتلة.
رحت أتأمل وأفكر وأسترجع، فتذكرت الأحباء والأعزاء.
أشعر أحيانًا بجمالية الطقس، وتداهمني أحياناً أخرى المنغصات.
وعلى الرغم من المتاعب اليومية، فإن الحماية الأكثر فاعلية في حياتي هي التفاؤل . أقول دائمًا: إن أجمل يوم في الحياة هو اليوم.
المؤكد أنني أدمنت القراءة كما أدمنت الكتابة. أحرص في كتاباتي وأحاديثي على لغة فاخرة بعيدة عن التقعّر.
سيبقى شعاري في هذه الحياة الراكضة: ما يجعلك سعيدًا في الحياة أن تكون مفيدًا للآخرين، وأنبل طاقة يمنحها الله للناس هي طاقة الحب. أكبر خطأ في الحياة أن نتنازل عن مبادئنا .
أصارحكم وأقول: في بعض الأحيان أقرأ بقليل من المزاج، وفي أحيان أخرى أكتب وأنا في حالة ضجر.
إذا وفاني الأجل، فعزائي أنني عملت ما يكفي. وإذا قدر لي أن أعيش سنوات أخرى، فإن لدي ما يكفي من العمل. أعرف جيدًا أننا نسافر وحدنا في نهاية الأمر.
أنا لا أطلب المجد، فمثلي لا يطلب المجد. الإنسان الجميل يظل جميلاً مهما فعلت به الأيام، هكذا أعتقد.
اختتمت جولتي في شوارع الرباط المبتلة عند شارع محمد الخامس .
وجدت هناك طاقماً من قناة هولندية، وقيل لي إنها القناة العامة الرئيسية (NPO 1).
كان الطاقم يضم الصحافية سميرة جادير التي تعمل في مقر القناة في هولندا، والصحافية منيرة غزال التي تساعدها في عملها، والمصور يوسف.
طلبوا مني إجراء حوار مفتوح، رحبت. اقترحوا أن يكون تصوير الحوار على أحد المقاعد الخشبية وسط نخيل شارع محمد الخامس.
أجرى معي الطاقم حواراً مفتوحاً، تحدثت فيه عن منافسات كأس إفريقيا.
سُئلت عن المنتخب الذي أشجع، قلت لهم: أشجع فريقين، المنتخب السوداني والمنتخب المغربي، وما أتمناه أن لا يلتقيا في أي مباراة.
ثم سُئلت: من تفضل أن تلتقي، الرئيس الصيني شي جين بينغ، أم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أم الرئيس الأميركي دونالد ترامب؟
قلت: لقاء الروسي والصيني فكرة مثيرة، أما بشأن ترامب، فيتعذر على تماماً اللقاء مع رئيس أميركي قرر منع السودانيين من دخول الولايات المتحدة.
قلت لهم: أنا مواطن قبل أن أكون صحافياً.
في شوارع الرباط المبتلة، بين الغمام والشمس، أدركت أن الإنسان يظل إنساناً قبل أن يكون أي شيء آخر، والجمال الحقيقي هو أن نحيا بصدقٍ مع ذواتنا مهما تغيّرت الأزمنة.
هذا المحتوى مقدم من Le12.ma
