مُقَدِّمَةٌ
اسْتِدَاعَةُ الْوُجُودِ
لَا يَزَالُ الْإِنْسَانُ، مُنْذُ أَلِفِ السِّينِينِ، يُخَطِّطُ بِوَعْيٍ أَوْ بِلاَوَعْيٍ، مَسَارَ حَيَاتِهِ نَحْوَ الْأَفْضَل. يُجَاهِدُ لِكَسْبِ الْيُسْرِ، وَيَسْعَى لِتَجَاوُزِ الْعُسْرِ، وَيَحْلُمُ بِغَدٍ مُشْرِقٍ تَذُولُ فِيهِ الصِّعَابُ، وَتَتَحَقَّقُ فِيهِ الْآمَالُ. وَإِذَا كَانَ الْقَرْنُ الْعِشْرُونَ قَدْ أَطْلَقَ رَحَى الثَّوْرَةِ الصِّنَاعِيَّةِ، مُحَوِّلًا الْإِنْسَانَ مِنْ كَائِنٍ يَدَوِيٍّ إِلَى وَحْدَةٍ إِنْتَاجِيَّةٍ فِي آلَةٍ ضَخْمَةٍ، فَإِنَّ الْقَرْنَ الْحَادِيَ وَالْعِشْرِينَ يَسِيرُ بِرِحْلَةِ الْإِنْسَانِ إِلَى مَحَطَّةٍ وُجُودِيَّةٍ لَا تُشْبِهُهَا مَحَطَّةٌ: إنَّهَا ثَوْرَةُ الْمَعْلُومَاتِ، الَّتِي لَمْ تَكْتَفِ بِتَغْيِيرِ آليَاتِ الْعَمَلِ، أَوْ تَحْسِينِ سُبُلِ الْعَيْشِ، بَلْ تَعْمَدُ إِلَى إِعَادَةِ صِيَاغَةِ نَفْسِ الْإِنْسَانِ، وَعَلَاقَتِهِ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، وَمَفْهُومِهِ عَنْ ذَاتِهِ وَعَنِ الْعَالَمِ مِنْ حَوْلِهِ. فَالرَّقْمَنَةُ لَيْسَتْ أَدَوَاتٍ بَارِدَةً تَزْحَفُ إِلَى بُيُوتِنَا وَمَقَارِّ عَمَلِنَا، بَلْ هِيَ نَسِيجٌ وُجُودِيٌّ جَدِيدٌ، تَنْسَابُ فِي ثَنَايَاهُ فَلْسَفَةٌ كَامِلَةٌ لِتَحْسِينِ الْحَيَاةِ، تَبْدَأُ بِإِصْلَاحِ الْجَسَدِ، وَتَمْتَدُّ إِلَى تَزْكِيَةِ الْعَقْلِ، وَتَنْتَهِي بِاسْتِكْنَاهِ أَسْرَارِ الرُّوحِ وَالْعَلَاقَاتِ. إنَّهَا الْحُلْمُ الْقَدِيمُ بِحَيَاةٍ أَرْقَى، يُرْسَمُ الآنَ بِحُرُوفٍ مِنْ ضَوْءٍ.
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
فِي سِيَادَةِ الْجَسَدِ وَتَحَرُّرِهِ الرَّقْمِيِّ – الْبُنْيَةُ الْأُولَى لِلْحَيَاةِ الْأَرْقَى
لَقَدْ أَصْبَحَ الْجَسَدُ، بِمَا هُوَ أَوَّلُ حَقْلٍ لِلتَّجْلِيعَاتِ الْوُجُودِيَّةِ، وَسَطَ الْهَمِّ الرَّقْمِيِّ الْأَوَّلَ. فَلَمْ تَعُدِ الصِّحَّةُ حِكَايَةَ انْتِظَارٍ طَوِيلٍ فِي رَدْهَاتِ عِيَادَاتِ الْأَطِبَّاءِ الْمُكْتَظَّةِ، وَلَا هِيَ سَرَادِيبَ مُعْتَمَةً يَخُوضُ فِيهَا الْمَرِيضُ حَتَّى يَصِلَ إِلَى نُبْضَةِ أَمَل. بَلْ صَارَتِ الصِّحَّةُ حَدِيثًا مُسْتَمِرًّا، وَحَوَارًا شَغُوفًا، بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَذَاتِهِ، بَوَاسِطَةِ أَدَوَاتِ التَّقْيِيسِ وَالْمُرَاقَبَةِ الذَّكِيَّة. هَذِهِ الْأَجْهِزَةُ الْقَابِلَةُ لِلِارْتِدَاءِ، الَّتِي تَتَوَارَى عَلَى مِعْصَمِ الْإِنْسَانِ أَوْ تَلْصَقُ بِجِلْدِهِ، لَمْ تَكُنْ مُجَرَّدَ سَاعَاتٍ ذَكِيَّةٍ تُذَكِّرُ بِمَوَاعِيدِهِ، وَلَا هِيَ أَدَوَاتٍ لِلْتَّسْلِيَةِ فَحَسْبُ، بَلْ هِيَ عُيُونٌ رَقِيبَةٌ عَلَى نَبْضِ الْحَيَاةِ نَفْسِهَا، تُحَدِّثُنَا بِلُغَةِ الْأَرْقَامِ وَالرَّسُومِ الْبِيَانِيَّةِ عَنْ سُرْعَةِ دَقَّاتِ قُلُوبِنَا، وَعَنْ عُمْقِ نَوْمِنَا وَاضْطِرَابِهِ، وَعَنْ سَرِيعَةِ دَمَنَا، وَعَنْ كُلِّ نَزْوَةٍ وَاسْتِقْرَارٍ فِي بِنَاءِ جَسَدِنَا. إنَّهَا تَحْوِلُ الْجَسَدَ مِنْ كِيَانٍ مُغْلَقٍ غَامِضٍ إِلَى نَصٍّ مَفْتُوحٍ يُمْكِنُ قِرَاءَتُهُ وَفَهْمُهُ وَحَتَّى تَوَقُّعُ مَصِيرِهِ.
وَأَمَّا الذَّكَاءُ الِاصْطِنَاعِيُّ، فَقَدْ تَجَاوَزَ فِيهَا حَدَّ الْخَادِمِ الْأَمِينِ، إِلَى شَرِيكٍ لِلطَّبِيبِ، بَلْ إِلَى طَبِيبٍ مُسَاعِدٍ لَا يَمَلُّ وَلَا يَنَام. فَهَذَا الْعَقْلُ الْآلِيُّ يُمْطِرُنَا بِعَجَائِبِ التَّحْلِيلِ، مُسْتَظهِرًا بِبِلايِينِ الْبَيَانَاتِ الطِّبِّيَّةِ، فَيَقْدِرُ عَلَى مُقَارَعَةِ أَحْسَنِ الْأَطِبَّاءِ بَشَرًا فِي تَحْلِيلِ الصُّوَرِ الشُّعَاعِيَّةِ، مُكَشِّفًا عَنْ أَوْطَئِ الْأَوْرَامِ وَأَخْفَى الْعِلَل، بِدِقَّةٍ تَصِلُ إِلَى حَدِّ الْإِعْجَاز. وَلَا يَقِفُ عِنْدَ هَذَا الْحَد، بَلْ يَمْتَدُّ نَظَرُهُ لِيَقْتَرِحَ عَلَيْنَا، بِاسْتِنَادٍ إِلَى تَارِيخِنَا الطِّبِّيِّ وَالْبَيَانَاتِ الْعَالَمِيَّة، خُطَطًا عِلَاجِيَّةً تَخُصُّنَا وَحْدَنَا، كَأَنَّمَا هُوَ يَقْرَأُ مَخْطُوطَةَ الْحَيَاةِ الْفَرِيدَةَ الَّتِي بَيْنَ أَضْلُعِنَا، ثُمَّ يَكْتُبُ لَهَا التَّعْلِيجَ الَّذِي يُنَاسِبُهَا، مُحَقِّقًا حُلْمَ “الطِّبِّ الشَّخْصِيّ” الَّذِي ظَلَّ الْبَشَرُ يَحْلُمُونَ بِهِ مُنْذُ قَرُون. وَفِي هَذَا الْمَجَالِ، تَبْرَزُ “الْأَطِبَّاءُ الْآلِيُّونَ” فِي خِدْمَاتِ الدَّعْمِ النَّفْسِيِّ، مُقَدِّمِينَ أُذُنًا صَاغِيَةً وَعَقْلًا مُحَلِّلًا لِكُلِّ مَنْ تَثْقُلُ عَلَيْهِ هُمُومُ الْحَيَاة.
الْفَصْلُ الثَّانِي
تَزْهِيرُ الْعَقْلِ فِي رِيَاضِ الْمَعْرِفَةِ الْمُعَزَّزَةِ – بُنْيَةُ الْحَيَاةِ الثَّانِيَة
إِذَا كَانَ الْجَسَدُ قَدْ نَالَ حَظَّهُ الْوَافِرَ مِنْ عِنَايَةِ الرَّقْمَنَةِ، فَإِنَّ الْعَقْلَ، بِمَا هُوَ مَصْنَعُ الْأَفْكَارِ وَمَطْحَنَةُ الْمَعَارِفِ، هُوَ الْحَقْلُ الْآخَرُ الَّذِي تَخْطُرُ فِيهِ الرَّقْمَنَةُ بِأَعْظَمِ الْإِنْجَازَاتِ وَأَبْهَى الْمُعْجِزَات. فَالْمَعْرِفَةُ، الَّتِي كَانَتْ قَبْلًا سُلَّمًا صَعْبَ الْمَرَاقِي، لَا يَصْعَدُهُ إِلَّا أُولُو الْعَزْمِ وَالْجَلَدِ، قَدْ صَارَتِ الْآنَ رِيَاضًا مُغْدِقًا مُفَتَّحَ الْأَبْوَاب، تَدْخُلُهُ مِنْ كُلِّ بَابٍ، وَتَجِدُ فِيهِ مِنْ ثِمَارِ كُلِّ فَنٍّ قِطْفًا. لَقَدْ أَطْلَقَتِ الْمَنَصَّاتُ التَّعْلِيمِيَّةُ الْعَالَمِيَّةُ الْعِنَانَ لِعَصْرِ “الْإِنْتِلِكْتِ الشَّعْبِيّ”، حَيْثُ لَا يَعْتَرِضُ طَالِبَ الْعِلْمِ عَائِقُ الْمَكَان، وَلَا حَاجِزُ الزَّمَان، وَلَا عَقَبَةُ التَّكْلِفَةِ الْمَادِّيَّة. فَالْعِلْمُ، ذَلِكَ الْكَنْزُ الَّذِي كَانَ حِكْرًا عَلَى النُّخَبَةِ، قَدْ أُطْلِقَ وَأُعِيدَ إِلَى أَهْلِهِ، وَهُمْ جَمِيعُ أَبْنَاءِ آدَمَ.
وَالْأَجْمَلُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، أَنَّ التَّعْلِيمَ لَمْ يَعُدْ قَالَبًا وَاحِدًا صَلْدًا يُرْغَمُ كُلُّ الْعُقُولِ عَلَى الدُّخُولِ فِيه، بَلْ صَارَ نَسِيجًا مُرَحِّبًا مُرِنًا، يُحَاكُ خَصِّيصًا لِقَابِلِيَّاتِ كُلِّ عَقْلٍ وَاهْتِمَامَاتِهِ وَسُرْعَةِ تَعَلُّمِهِ. فَخَوَارِزْمِيَّاتُ الذَّكَاءِ الِاصْطِنَاعِيِّ تَتَتَبَّعُ خُطُوَاتِ التِّلْمِيذِ، تُحَلِّلُ صُعُوبَاتِهِ، وَتَقْتَرِحُ عَلَيْهِ الْمَسَارَ الْأَنْسَبَ لِتَعَلُّمِهِ، كَمَا يَفْعَلُ الْمُؤَدِّبُ الْحَكِيمُ مَعَ تِلْمِيذِهِ. وَهَاهُنَا تَأْتِي الْبِيعَةُ الْكُبْرَى لِلتَّعْلِيمِ الرَّقْمِيّ: تَكْنُولُوجْيَا الْوَاقِعِ الْمُعَزَّزِ وَالْوَاقِعِ الافْتِرَاضِيّ. فَبِهَذِهِ التِّقْنِيَّاتِ، يَنْتَقِلُ التَّعْلِيمُ مِنْ حَالَةِ الْإِخْبَارِ وَالسَّرْدِ النَّظَرِيِّ، إِلَى حَالَةِ الْمُعَايَشَةِ وَالتَّجْرِبَةِ الْحِسِّيَّة. فَيُمْكِنُ لِلتِّلْمِيذِ أَنْ يَسِيرَ فِي أَقْسَامِ الْقَلَبِ وَالْأَوْعِيَةِ الدَّوْمِيَّةِ كَمَا يَسِيرُ فِي غُرَفِ بَيْتِهِ، وَأَنْ يُسَافِرَ بِزَمَنِ الْخَلِيلِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْ يُجَاهِدَ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيد، وَأَنْ يَتَجَوَّلَ فِي الْمُتْحَفِ الْبِرِيطَانِيِّ وَهُوَ جَالِسٌ فِي غُرْفَتِهِ بِالرِّيَاض
الْفَصْلُ الثَّالِثُ
اقْتِصَادُ الْعَطَاءِ
وَانْبِعَاثُ الْفُرْصَةِ – بُنْيَةُ الْحَيَاةِ الثَّالِثَة
لَقَدْ أَطَاحَتِ الرَّقْمَنَةُ بِأَبْنِيَةِ الْاقْتِصَادِ التَّقْلِيدِيِّ الْعَتِيدِ، الَّذِي كَانَ قَائِمًا عَلَى الْأُبْنِيَةِ الْهِيرَرْكِيَّةِ وَالْوَسَائِطِ الْكَثِيرَةِ، لِتُقِيمَ مَكَانَهَا مَدِينَتَهَا الْفَاضِلَةَ الْخَاصَّةَ: “اقْتِصَادَ الْمُشَارَكَةِ وَالْمَنَصَّات”. فَلَمْ يَعُدِ الْمَالُ وَسَائِلُ الْإِنْتَاجِ حِكْرًا عَلَى الْقِلَّةِ، وَلَا السُّوقُ مَحْصُورًا فِي الْأَسْوَاقِ التَّقْلِيدِيَّة. بَلْ صَارَ كُلُّ إِنْسَانٍ يَمْلِكُ فِي جَيْبِهِ – فِي هَاتِفِهِ الذَّكِيّ – مَحَلًّا تِجَارِيًّا يَعْرِضُ فِيهِ سِلَعَهُ، وَسِيَّارَةً أُجْرَةٍ يَسْتَثْمِرُ بِهَا وَقْتَهُ، وَفُنْدُقًا صَغِيرًا (غُرْفَةً فِي بَيْتِهِ) يَحْصُلُ مِنْهَا عَلَى رِزْقٍ. هَذِهِ الْمَنَصَّاتُ لَمْ تُوَفِّرْ فُرَصَ الْعَمَلِ وَالرِّزْقِ وَحَسَبُ، بَلْ أَطْلَقَتْ رُوحَ الِاسْتِقْلَالِ وَالْمَبَادَرَةِ وَالْكَرَامَةِ الْمَالِيَّةِ فِي النَّفْسِ الْإِنْسَانِيَّة. فَلَا حَاجَةَ بِالْمَرْءِ الْآنَ إِلَى وَظِيفَةٍ تَأْمُرُهُ وَتَنْهَاه، إِذْ بِإِمْكَانِهِ أَنْ يَكُونَ رَجُلَ أَعْمَالٍ نَاشِئًا بِمُجَرَّدِ امْتِلَاكِهِ لِهَاتِفٍ وَاتِّصَالٍ بِالْإِنْتِرْنِت.
وَالْأَهَمُّ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، أَنَّ الْخِدْمَاتِ الْمَالِيَّةَ وَالْمَصْرِفِيَّةَ قَدْ تَحَوَّلَتْ مِنْ حِصُونٍ مُرْعِبَةٍ مُغْلَقَةِ الْأَبْوَابِ فِي وَسَطِ الْمَدِينَةِ، إِلَى خِدْمَاتٍ شَامِلَةٍ رَحِيبَةٍ، تَصِلُ إِلَى أَقْصَى الْقُرَى وَأَعْمَقِ الْأَحْيَاءِ الشَّعْبِيَّةِ. فَالْمَحَافِظُ الْإِلِكْتْرُونِيَّةُ وَالْبُنُوكُ الرَّقْمِيَّةُ قَدْ حَقَّقَتْ حُلْمَ “الْإِمْدَانِ الْمَالِيّ” لِكُلِّ مَنْ كَانَ خَارِجَ دَائِرَةِ الْخِدْمَةِ، مُحَوِّلَةً إِيَّاهُمْ مِنْ مُتَلَقِّينَ لِلْمَعُونَةِ إِلَى فَاعِلِينَ فِي السُّوقِ وَمُسَاهِمِينَ فِي دَفَّةِ الْاقْتِصَاد. وَفِي هَذَا الْمَضْمَرِ، تَكْمُنُ أَعْظَمُ ثَوْرَةٍ رَقْمِيَّة: إنَّهَا لَيْسَتْ ثَوْرَةَ تِقْنِيَّةٍ فَحَسْب، بَلْ هِيَ ثَوْرَةٌ فِي التَّوَزِيعِ الْعَادِلِ لِلْفُرْصَةِ، وَفِي كَسْرِ احْتِكَارِ الْوَسَاطَةِ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَرِزْقِهِ.
الْفَصْلُ الرَّابِعُ
نَسِيجُ الْحَضُورِ وَأُنْسُ الْغُيُوبِ – بُنْيَةُ الْحَيَاةِ الرَّابِعَة
وَفِي حِينِ تَشْتَغِلُ الرَّقْمَنَةُ بِالْمَادَّةِ وَالْمَالِ وَالْعِلْمِ، فَإِنَّهَا لَا تَتْرُكُ الرُّوحَ فَرِيدَةً وَحِيدَة. بَلْ عَلَى الْعَكْس، لَقَدْ أَنْشَأَتِ الْفَضَاءَاتُ الرَّقْمِيَّةُ عَالَمًا مُوازِيًا لِلْعَالَمِ الْوَاقِعِيّ، تَتَشَكَّلُ فِيهِ جَمَاعَاتٌ افْتِرَاضِيَّةٌ تَجْمَعُ بَيْنَ الْأُنْسِ وَالْأُنَاسَةِ، عَلَى أَبْعَدِ مَسَافَاتِ الْأَرْض. فَقَدْ يَجِدُ الْمُقِيمُ فِي أَقْصَى الشَّمَالِ نَدِيمًا لَهُ فِي أَقْصَى الْجَنُوب، وَيَجِدُ صَاحِبُ الْهَوَايَةِ النَّادِرَةِ مَنْ يُشَاطِرُهُ هَوَاهُ، فَيَتَحَدَّثَانِ كَأَنَّمَا يَجْمَعُهُمَا مَجْلِسٌ وَاحِد. وَقَدْ أَضْحَتْ مِنَصَّاتُ الصِّحَّةِ النَّفْسِيَّةِ وَالدَّعْمِ الرُّوْحِيِّ مَلْجَأً لِلْكَثِيرِينَ، تُقَدِّمُ لَهُمْ سَمْعًا مُبْصِرًا وَعِلَاجًا يَصِلُهُمْ فِي عُزْلَتِهِمْ وَخَلَوَاتِهِمْ، دُونَ أَنْ يُحَاوِطَهُمْ حَرَجٌ أَوْ خَوْفٌ مِنْ وَصْمَةِ الِاجْتِمَاع. وَفِي هَذَا الْمَجَالِ، تَبْرَزُ أَهَمُّ مَفَارَقَاتِ الْعَصْرِ الرَّقْمِيّ: أَنْ يَكُونَ الْحَضُورُ الْأَكْثَفُ.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من هسبريس
