حصاد 2025 - 2026 سنة جديدة على لبنان أم سنة "الفجوات"؟

حين تسقط ورقة 31 ديسمبر من كل سنة، فهذا ليس سوى فاصل وهمي، وحين تظهر ورقة الأول من يناير من السنة الجديدة، فهذا ليس سوى محطة وهمية الغاية منها التدقيق في الاحتسابات السياسية.لبنان يدخل مرحلة استنزافما سيجري بين نهاية هذه السنة وبداية السنة الجديدة، يؤكد ما لا يدعو للشك، أن ملفات السنة الحالية، الموروثة أصلًا عن الأعوام السابقة، ستورثها للسنة الجديدة، وواهم مَن يعتقد بأن إسقاط ورقة آخر يوم يعني إسقاط الملفات. ليس دخول لبنان عام 2026 حدثًا بحدّ ذاته. في بلدٍ فقد معنى الزمن السياسي. لا تشكّل السنة الجديدة بداية، بل مجرّد تمديد إضافي لأزمة قائمة. السؤال المطروح اليوم ليس ماذا سيحمل 2026، بل ماذا سيُرحَّل إليه من أزمات 2025، وبأي كلفة؟كل المؤشرات تدلّ على أن لبنان لا يغادر سنة ليدخل أخرى، بل ينزلق من مرحلة تعطيل إلى مرحلة استنزاف. 2026 لا تبدو سنة خيارات، بل سنة فجوات.لا شيء يوحي بأن 2026 ستكون سنة تحوّل. لا مشروع سياسيًا جديدًا، لا تسوية داخلية، ولا أفق اقتصاديًا واضحًا. ما يجري هو إدارة للفراغ، وتمديد غير معلن للشلل، بانتظار تطورات خارجية يُراهن عليها أكثر مما يُخطط لها.فالانتقال من 2025 إلى 2026 يتمّ من دون قرارات كبرى، لكن أيضًا من دون قدرة على الاستمرار طويلًا بالسياسات نفسها. الفارق أن الوقت لم يعد محايدًا ولم يعد يعمل لمصلحة لبنان: كل شهر إضافي يمرّ بلا حلول يرفع منسوب المخاطر.في نهاية 2025، لم تُحلّ الأزمة المالية، بل جرى التعايش معها، لا خطة تعافٍ، لا إعادة هيكلة حقيقية، ولا عدالة في توزيع الخسائر. الدولة تتصرّف وكأن الانهيار أصبح أمرا واقعا لا يحتاج إلى معالجة، والمصارف باقية في منطقة رمادية، والمودعون خارج ودائعهم.الدخول إلى 2026 بهذا الواقع يعني أن الفجوة المالية تحوّلت من أزمة طارئة إلى نظام غير معلن، اقتصاد بلا نمو، ومالية عامة بلا إصلاح، ومجتمع يعيش على تحويلات الخارج والاقتصاد النقدي. هذا ليس تعافيًا، بل تآكل بطيئ.جنوب لبنان منطقة مفتوحة على الاحتمالاتجنوبًا، يعيش لبنان على إيقاع الاحتواء لا الحل. 2025 انتهت من دون انفجار شامل، لكن أيضًا من دون استقرار. قواعد الاشتباك هشّة، مرتبطة بحسابات إقليمية لا بقرار لبناني سيادي.في 2026، يبقى الجنوب منطقة مفتوحة على كل الاحتمالات: لا حرب شاملة، ولا سلام مستدام. الأخطر أن الفجوة هنا ليست عسكرية فقط، بل فجوة قرار: دولة غير حاضرة بقوة، ومؤسسات مترهلة، وواقع أمني ما زال يشوبه الغموض، وأي خطأ في الحساب قد يحوّل الاحتواء إلى انفجار.الانتخابات يفترض أن تكون عنوان 2026، لكنها حتى الآن سؤال بلا جواب. الجهوزية الإدارية موضع شك، التمويل غير مضمون، والوضع الأمني عنصر ضغط دائم. فوق ذلك، لا تبدو القوى السياسية في حالة استعداد فعلي لخوض استحقاق قد يغيّر موازينها.الحديث عن تأجيل تقني يطفو مجددًا. لكن في بلد كلبنان، لا شيء اسمه تأجيل تقني بريء. أي تأجيل إضافي سيُترجم سياسيًا كتراجع جديد عن مبدأ التداول الديمقراطي، وتعميق للفجوة بين الدولة والمجتمع، وبين النص الدستوري والممارسة الواقعية.وإذا كان لا بد من توصيف 2026 بكلمة واحدة، فهي الفجوة: فجوة مالية ما زالت قائمة على رغم إقرار قانونها في مجلس الوزراء. فجوة أمنية في ظل عدم الأنتهاء من حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية. هذه الفجوات لا تُدار منفصلة، بل تتشابك. الانهيار المالي يضغط اجتماعيًا، التوتر الأمني يبرّر التأجيل السياسي، والتعطيل الديمقراطي يعمّق فقدان الثقة. إنها حلقة مغلقة، والخروج منها يتطلّب قرارات، لا بيانات.في الخلاصة، فإن سنة 2026 ليست سنة جديدة فحسب، بل هي امتحان أخير لمنطق إدارة الوقت بدل إدارة الدولة، وإذا استمرّت السلطة في ردم الفجوات بالكلام، لا بالسياسات، فإن لبنان لن يدخل عامًا جديدًا فحسب، بل مرحلة أشد خطورة هي مرحلة الانكشاف الكامل.السؤال لم يعد متى تبدأ المعالجة، بل كم فجوة إضافية يستطيع البلد تحمّلها قبل أن تتحوّل إلى أثقال تنهك ظهر الدولة .۔


هذا المحتوى مقدم من قناة المشهد

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من قناة المشهد

منذ 7 ساعات
منذ 10 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ 7 ساعات
منذ 5 ساعات
قناة العربية منذ 10 ساعات
قناة العربية منذ 16 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ ساعتين
قناة العربية منذ 9 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 11 ساعة
قناة DW العربية منذ 11 ساعة
قناة العربية منذ 14 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ ساعتين