وجهت الصين انتقادات غير مباشرة لنهج الرئيس الأميركي دونالد ترامب في التعامل مع النزاع الحدودي بين تايلاند وكمبوديا، في وقت تسعى فيه بكين لتكريس دورها كوسيط دبلوماسي وصانع سلام بين الجانبين.وجاء الموقف الصيني عقب إعلان وقف لإطلاق النار لمدة 72 ساعة بين تايلاند وكمبوديا، حيث عقد وزير الخارجية الصيني وانغ يي، كبير دبلوماسيي الرئيس شي جين بينغ، سلسلة لقاءات منفصلة مع مسؤولي البلدين يوم الأحد، بعد يوم واحد من التوصل إلى اتفاق التهدئة.دور الصين في وقف التصعيدوخلال اجتماع مع وزير الخارجية التايلاندي سيهاساك توانغكيتكيو في مقاطعة يونان جنوب غربي الصين، أكد وانغ يي أن بلاده تتبنى نهجاً قائماً على الحوار دون ضغوط، قائلاً إن "جهود الصين لتعزيز السلام والحوار لا تُفرض أبداً على الآخرين ولا تتجاوز حدودها"، كما أجرى في اليوم ذاته محادثات منفصلة مع وزير الخارجية الكمبودي براك سوخون.وفي السياق ذاته، دعمت صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية الرسمية هذا التوجه، معتبرة في افتتاحيتها أن الصين تختلف عن الوساطات الغربية التقليدية، مشيرة إلى أن بكين لا تتبنى نهجاً استعلائياً، ولا تفرض شروطاً سياسية، ولا تسعى لتحقيق مكاسب جيوسياسية”.
ويعكس هذا التحرك الصيني حجم التنافس المتصاعد مع الولايات المتحدة على النفوذ في جنوب شرق آسيا، حيث يسعى الطرفان للحصول على الفضل في تهدئة النزاع.
ويروج ترامب أن وقف إطلاق النار يعد نجاحا تقوده واشنطن، في المقابل تحاول الصين تقديم نفسها كوسيط محايد، في تحدٍ مباشر للسردية الأميركية حول دورها القيادي في المنطقة.وكانت تايلاند وكمبوديا قد اتفقتا يوم السبت على وقف فوري لإطلاق النار، وهو الثاني من نوعه خلال 6 أشهر، بعد جولة اشتباكات عنيفة أسفرت عن مقتل العشرات من الجنود والمدنيين، وتشريد أكثر من نصف مليون شخص.ترامب والتهدئة
وسبق أن لعب ترامب دوراً بارزاً في تهدئة الجولة الأولى من القتال في يوليو الماضي، عبر التهديد بفرض تعريفات جمركية عقابية، ويُعد هذا النزاع واحداً من 8 صراعات يدعي الرئيس الأميركي الفضل في إنهائها، ضمن مساعيه المستمرة لتعزيز فرصه في الفوز بجائزة نوبل للسلام، مستخدماً الضغوط التجارية كأداة رئيسية كلما تجددت المواجهات.وعلق ترامب على اتفاق وقف إطلاق النار الأخير في منشور عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قائلاً "إن الولايات المتحدة كما هو الحال دائماً، فخورة بالمساعدة".وعلى الجانب الصيني، تشير التطورات إلى تغير ملحوظ في أسلوب بكين، فقبل تصاعد القتال الأخير كانت الصين تكتفي بالتواصل الهادئ مع الطرفين، التزاماً بسياستها التقليدية القائمة على عدم التدخل العلني، إلا أنها في هذه الجولة حرصت على إبراز دورها بشكل أوضح على الساحة الدبلوماسية.وأبدت تايلاند انفتاحا على هذا الدور، حيث ذكرت وزارة الخارجية التايلاندية في بيان رسمي أن الجانب التايلاندي يقدّر دور الصين وتفهمها في دعم السلام من خلال الطريقة الآسيوية.كما عرضت بكين دعم بعثة لمراقبة وقف إطلاق النار تحت مظلة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، إلى جانب تقديم مساعدات إنسانية. وذكرت صحيفة "بنوم بنه بوست"، أن الصين قدمت مساعدات مالية لكمبوديا بقيمة تقترب من 3 ملايين دولار، في حين أعلنت تايلاند أنها تلقت عرضا مماثلا، لكنها لم تحسم قرارها بشأن قبوله بعد.(ترجمات)۔
هذا المحتوى مقدم من قناة المشهد
