الانتقالي الجنوبي.. التراجع نصف انتصار

الانتقالي الجنوبي.. التراجع نصف انتصار

تفاعل إيجابي مع دعوة الرياض

تغاضى المجلس الانتقالي الجنوبي عن تحذيرات السعودية ورفض الانسحاب من المناطق التي سيطر عليها في حضرموت والمهرة، ما استدعى تدخلاً سعوديّا مباشرًا ضد قواته. وهو تدخل لا يزال محدودًا، لكنه يشير إلى أن المملكة جادة في دفع قوات المجلس إلى الخروج من مناطق سيطرته الجديدة. وفي الوقت نفسه، يُظهر التدخل المحدود والمدروس أن السعوديين لا يريدون مواجهة مباشرة مع الانتقالي، ولا عبر قوة درع الوطن التابعة للحكومة، والتي دربتها المملكة. فهو يحمل رسالة واضحة بأن الرياض لن تقبل بتقسيم اليمن.

حتى الآن، لا يتجاوز الرد السعودي البعد التحذيري الجاد للمجلس، بأن سياسة فرض الأمر الواقع بقوة السلاح لن تمر مع السعودية، التي تسعى إلى التوصل لاستقرار دائم في اليمن يؤمّن حدودها، وترفض تحويله إلى بؤرة توتر وصراعات قبلية ومناطقية تفتح الباب أمام التدخلات الخارجية، واستدعاء تنظيمي داعش والقاعدة، واتساع حركة تهريب السلاح بما يهدد أمنها القومي.

من الواضح أن المجلس تفاجأ بالرد السعودي الحازم والمحسوب. لم يكن يتوقع أن تطلب المملكة تفويضًا من الحكومة اليمنية للتدخل ضده، ولا أن يتحرك الطيران السعودي تحت مظلة التحالف العربي لاستهداف بعض المجموعات المناطقية المسلحة التابعة له. التحالف العربي، الذي استفاد منه الانتقالي الجنوبي في طرد الحوثيين من عدن وتأمين نفوذه فيها وفي مناطق جنوبية أخرى، يتحرك اليوم بالحزم نفسه لمنع انفصال الجنوب وتوسيع نفوذ الانتقالي، تمامًا كما تحرك سابقًا لمنع تمدد الحوثيين خلال الحرب.

في الحروب لا يمكن التعامل مع الأمر بمنطق المشروعية الشعبية وكرامة القيادات؛ الأمر يُقاس بالمصلحة: ماذا سيكسب الجنوبيون وماذا سيخسرون؟ وهو ما يجعل التراجع عن المغامرة الأخيرة بمثابة نصف انتصار

ولا شك أن قيادات المجلس وقفت أمام حقيقة أن قرار اجتياح حضرموت والمهرة، ووضع حقول النفط تحت السيطرة باستخدام القوة العسكرية ودون تنسيق مع أي جهة، كان خطوة خاطئة وفي توقيت خاطئ، خاصة بعد رفض الاستجابة لطلبات وفد التحالف العربي بالانسحاب، وإغلاق الباب أمام الحوار، وعدم الاستماع للنصيحة تحت مسوّغ أن الشارع الجنوبي يريد الانفصال. وهو مسوّغ يرفعه الحوثيون والإخوان والحضارمة، وقد يمهد لانفصال المهرة.

والآن، بعد أن بلغ التصعيد مستوى قد لا يمكن السيطرة عليه، ولم يعد هناك متسع لاختبار الصبر السعودي واللعب على الوقت، ليس أمام المجلس الانتقالي خيار سوى التراجع عن الخطوة التي وسّع بها نفوذه. التراجع في هذا التوقيت أفضل من التراجع تحت الضربات العسكرية، أو المكابرة والهروب إلى الأمام، وجرّ محافظات الجنوب إلى معارك لا مصلحة لها فيها. خسارة سياسية محدودة أفضل من خسارة سياسية وعسكرية وزيادة معاناة الجنوبيين.

في الحروب لا يمكن التعامل مع الأمر بمنطق المشروعية الشعبية وكرامة القيادات وإطلاق الشعارات وتحميس الشارع. الأمر يُقاس بالمصلحة: ماذا سيكسب الجنوبيون وماذا سيخسرون؟ وهو ما يجعل التراجع عن مغامرة المجلس الانتقالي العسكرية الأخيرة بمثابة نصف انتصار، لأنه سيحفظ بقاء كيانه وقياداته، وخاصة الإقرار له بالنفوذ في عدن والمحافظات التي يتمركز فيها قبل مغامرة الهجوم على حضرموت ومأرب بداية ديسمبر الجاري. والأهم أنه يحفظ لنفسه البقاء عنصرًا فاعلًا ضمن مكونات الشرعية اليمنية، ويتمتع بمزايا كثيرة، ويجعل التحالف العربي يتعامل معه كشريك قوي بدلًا من أن يكون طرفًا معزولًا أو محاصرًا.

وما يجعل التراجع عن المغامرة العسكرية أمرًا ضروريًا أن دول الإقليم المعنية بالصراع رفضت هذه الخطوة وتمسكت بوحدة اليمن ومعارضة تفكيكه، وهو ما عبّرت عنه السعودية أولًا، ثم سلطنة عمان، ثم الإمارات التي أعلنت ترحيبها بالجهود السعودية لدعم الاستقرار في اليمن، وكذلك مصر التي جدّدت موقفها الداعم للشرعية في اليمن، وحرصها الكامل على وحدة اليمن وسيادته وسلامة أراضيه.

وبالنتيجة، وأيًا كانت مشروعية خيار الانفصال والدعم.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من وكالة الحدث العراقية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من وكالة الحدث العراقية

منذ ساعة
منذ ساعة
منذ 45 دقيقة
منذ ساعتين
منذ ساعة
منذ 18 دقيقة
قناة السومرية منذ 12 ساعة
قناة السومرية منذ 5 ساعات
قناة السومرية منذ 7 ساعات
قناة السومرية منذ 13 ساعة
موقع رووداو منذ 7 ساعات
قناة السومرية منذ 10 ساعات
قناة السومرية منذ 10 ساعات
قناة السومرية منذ 14 ساعة