شهد عام 2025 تحوّلاً جذرياً في مسار تطور الذكاء الاصطناعي، مع الانتقال من نماذج محادثة تفاعلية إلى ما يُعرف بوكلاء الذكاء الاصطناعي (AI Agents)، وهي أنظمة قادرة على تنفيذ مهام معقدة بشكل شبه مستقل، والتفاعل مع تطبيقات وبرمجيات أخرى دون تدخل بشري مباشر، وهذا التحول أعاد تشكيل طريقة استخدام الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية والأعمال، وفتح الباب أمام فرص واسعة، إلى جانب تحديات غير مسبوقة.
أذكى وأقوى
يختلف وكلاء الذكاء الاصطناعي عن النماذج التقليدية في كونهم لا يكتفون بالإجابة عن الأسئلة أو توليد النصوص، بل يمكنهم اتخاذ قرارات، واستخدام أدوات رقمية، وتنفيذ أوامر، ومتابعة مهام متعددة عبر الزمن. فعلى سبيل المثال، يستطيع الوكيل حجز رحلة سفر كاملة، ومقارنة الأسعار، وإدارة التقويم، وإرسال رسائل بريد إلكتروني نيابة عن المستخدم. وقد ساهم تطوير بروتوكولات مفتوحة المصدر في تسريع هذا التحول، أبرزها بروتوكول ربط النماذج بالأدوات الذي أطلقته شركة (Anthropic)، ثم بروتوكول (Agent2Agent) من شركة «غوغل»، والذي أتاح لوكلاء الذكاء الاصطناعي التعاون والتواصل فيما بينهم.
من التجربة إلى الانتشار
بحلول منتصف 2025، بدأت الشركات التقنية الكبرى في دمج وكلاء الذكاء الاصطناعي داخل المتصفحات، وأنظمة التشغيل، ومنصات العمل، وأصبح بإمكان المستخدمين الاعتماد على وكلاء رقميين لإدارة المهام اليومية، بينما لجأت المؤسسات إلى هذه التقنية لأتمتة العمليات الإدارية وتحسين الكفاءة التشغيلية، ويرى الخبراء أن هذا الانتقال يشبه ظهور الإنترنت في بداياته، حيث انتقلت التكنولوجيا بسرعة من بيئة بحثية محدودة إلى بنية أساسية يعتمد عليها الملايين حول العالم.
لافتة مكتوب عليها بيانات الذكاء الاصطناعي خلال معرض الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة 2025 في أولمبيا، بريطانيا، 5 فبراير 2025.
فرص اقتصادية
اقتصادياً، فتحت هذه التقنية آفاقاً جديدة لزيادة الإنتاجية وخفض التكاليف، خصوصاً في القطاعات التي تعتمد على الأعمال المتكررة والتحليل السريع للبيانات، ويُتوقع أن يلعب وكلاء الذكاء الاصطناعي دور زملاء عمل رقميين، يدعمون الموظفين بدلاً من استبدالهم بالكامل في بعض المجالات. ومع ذلك، لا يخفي هذا التطور المخاوف المرتبطة بتأثيره على سوق العمل، خاصة الوظائف الإدارية والروتينية، ما يفرض الحاجة إلى برامج إعادة تأهيل وتدريب مهني.
تحديات 2026
رغم الزخم الإيجابي، تبرز عدة تحديات رئيسية مع دخول عام 2026، أبرزها الأمن الرقمي، إذ إن منح الأنظمة الذكية صلاحية الوصول إلى أدوات متعددة يزيد من مخاطر الاستغلال أو تنفيذ أوامر غير مقصودة، كما يثير الاعتماد المتزايد على مراكز البيانات الضخمة تساؤلات حول استهلاك الطاقة والأثر البيئي، أما تنظيمياً، تختلف سرعة استجابة الحكومات، فقد قطعت أوروبا والصين شوطاً في وضع أطر قانونية واضحة، بينما لا تزال دول أخرى تناقش كيفية موازنة الابتكار مع الحماية القانونية والخصوصية.
لذلك، يُتوقع أن يكون عام 2026 عاماً حاسماً في تحديد حدود هذه التكنولوجيا، وضبط استخدامها، وضمان توظيفها بشكل آمن ومسؤول. فالرهان لم يعد على إمكانية التطوير فقط، بل على كيفية إدارة هذه القوة التقنية المتنامية بما يخدم الإنسان والمجتمع.
هذا المحتوى مقدم من إرم بزنس
