في خطوة تؤشر على تحول جذري في تدبير المنظومة الصحية بالمغرب، كشف وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، عن خارطة الطريق التنفيذية لإصلاح القطاع، مؤكداً أن الوزارة انتقلت إلى السرعة القصوى في تنزيل المجموعات الصحية الترابية (GST).
ويهدف هذا التوجه، المستند إلى التوجيهات الملكية السامية ومقتضيات القانون الإطار 06.22، إلى إحداث قطيعة نهائية مع التدبير التقليدي وتكريس العدالة الصحية بين مختلف جهات المملكة، بما يضمن توزيعاً عادلاً للموارد والخدمات.
تجربة طنجة-تطوان-الحسيمة .. النموذج الملهم والنتائج الأولية
خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، استعرض الوزير حصيلة التجربة النموذجية بجهة الشمال التي انطلقت فعلياً في فاتح أكتوبر 2025 كأول محطة فعلية لهذا المسار الإصلاحي.
وأوضح التهراوي أن هذه المجموعة نجحت في تجميع عرض صحي ضخم تحت لواء مؤسسة عمومية واحدة، يضم مستشفى جامعياً و28 مستشفى إقليمياً وجهوياً، بالإضافة إلى 295 مركزاً صحياً، ويدير هذا الصرح طاقم بشري يفوق 7 آلاف مهني، مما مكن من تقليص آجال التدبير وتسريع اتخاذ القرار الجهوي عبر نظام معلوماتي موحد يربط كافة المؤسسات الصحية لتتبع المسار العلاجي للمريض بشكل رقمي ومنسق.
2026 عام التعميم الشامل وفق أربع ركائز استراتيجية
وأعلن وزير الصحة أن نجاح تجربة الشمال مكن من إعداد دليل عملي سيؤطر إحداث المجموعات الصحية في باقي جهات المملكة خلال سنة 2026 بشكل تدريجي ومسؤول.
ويرتكز هذا التعميم على أربعة أعمدة أساسية تشمل تثبيت الإطار التنظيمي عبر توضيح مسارات الانتقال بين المديريات الجهوية والمستشفيات الجامعية، والتخطيط المالي من خلال إعداد الميزانيات الجهوية، بالإضافة إلى هيكلة العلاجات عبر بلورة خريطة واضحة للمسارات الطبية، وصولاً إلى الرقمنة الشاملة التي تضمن إرساء نظام معلوماتي استشفائي موحد على الصعيد الجهوي لضمان استمرارية الخدمات وجودتها.
مواجهة الخصاص الهيكلي وإصلاح منظومة التكوين والتوظيف
وفيما يخص تحدي الموارد البشرية، أكد التهراوي أن الخصاص في المناطق النائية والجبلية يعد تحدياً بنيوياً تراكم لسنوات ولا يمكن تجاوزه بإجراءات ظرفية، مما استوجب اعتماد إصلاح عميق يرتكز على سد العجز عبر رفع عدد كليات الطب والصيدلة إلى تسع كليات وطنياً، والرفع من طاقتها الاستيعابية لتصل إلى 6500 طالب سنة 2025.
كما تعتزم الوزارة تعزيز التوظيف بانتقال المناصب من 6500 منصب سنة 2025 إلى 8000 منصب مرتقب في سنة 2026، وهو ما ساهم فعلياً في رفع عدد مهنيي الصحة إلى 2.05 لكل ألف نسمة كخطوة نحو تحقيق المعايير المطلوبة.
تحفيز الرأسمال البشري وضمان التوزيع العادل للخدمات
وإلى جانب التكوين، يركز الإصلاح الجديد على تحسين جاذبية القطاع من خلال تحفيز الموارد البشرية وتحسين ظروف العمل عبر الحوار الاجتماعي، حيث أثمرت جولات الحوار عن زيادات صافية في الأجور وتوقيع اتفاقات اجتماعية تاريخية سنتي 2022 و2024.
وتكتمل هذه الرؤية بضمان التوزيع العادل للأطر الطبية، حيث تم تعيين أزيد من 1200 طبيب متخصص في سنة واحدة مع توجيه النصيب الأكبر منهم نحو المناطق القروية، في إطار مقاربة تروم معالجة الخصاص البنيوي بشكل مستدام وجعل القرار من الميدان حقيقة ملموسة تخدم المواطن المغربي.
هذا المحتوى مقدم من Le12.ma
