«اسْمُ النَّبِي حَارِسك.. كيف نَقَشَ المصريون طريقهم إلى الله بالجمال؟»

كيف تحوّل الجمال فى مصر إلى فلسفة دينية خاصة؟

الحديث عن التدين المصرى لا يستقيم إذا اقتصر على تعداد الشعائر أو توصيف الممارسات، لأن هذا التدين - فى جوهره - ليس مجرد التزامٍ فقهى، بل منظومة وعى صاغت علاقة توازن خاصة بين صدق الإيمان والحياة؛ ومن هنا تبرز سمةٌ فريدة شكّلت أحد أسرار توازن هذا الوجدان عبر القرون، ألا وهى: الجمال بوصفه طريقاً إلى الله، والابتكار باعتباره تعبيراً عن صدق المحبة لا خروجاً عن الدين.

ومن هنا نفهم عمق النور فى قولهم: «اسم النبى حارسك»، فحولوا حبهم لحضرة النبى، صلى الله عليه وسلم، إلى منظومة أمان روحى، وصار التزيين، والإنشاد، والعمارة، والاحتفال، والأمثلة الشعبية أدواتٍ دينية بامتياز، لا مجرد عادات أو هوامش ثقافية.

ولذلك حين نتأمل التجربة الدينية فى مصر، لا نستطيع أن نفصلها عن سؤالٍ أكبر:

كيف عاش هذا الشعب دينه داخل الحياة، لا على هامشها؟ وكيف حمى إيمانه من التحول إلى عبءٍ نفسى أو قيدٍ اجتماعى، رغم تعاقب الأزمات وتغير العصور؟ فلنتأمل سوياً هذه الحالة الفريدة ونرى أنوارها وآثارها خلال هذه المقالة.

«من علاماتِ صدقِ الحُبّ.. الإبداعُ فى حُبِّ الحبيب»

هذه العبارة التى صغتها ودائماً ما أرددها فى مجالسى ولقاءاتى العلمية هى وليدة التأمل فى هذه السمة الخاصة للتدين المصرى؛ فلم أتعامل يوماً مع الإبداع فى التدين المصرى بوصفه إضافةً خارجية، ولا نظرتُ إليه كترفٍ جمالى يُجمِّل المشهد من بعيد؛ بل رأيته -عبر التجربة والتأمل- علامةً دقيقة على صدق المحبة نفسها؛ فالحبّ الذى يصدق، لا يكتفى بالاتباع الصامت، ولا يرضى بالتكرار الجامد، بل يسعى إلى أن يُعبِّر عن نفسه بأجمل ما يستطيع.

ومن هنا؛ فإن ما سنراه فى المشاهد القادمة ليس خروجاً عن الدين، ولا التفافاً على النص، بل ترجمة حيّة لمعنى عميق: أن الحبّ إذا صدق، أبدع، وأن القرب من الحبيب -سبحانه وتعالى- ومن حبيبه، صلى الله عليه وسلم، لا يُحرس بالخوف، بل يُصان بالجمال، ويُعبَّر عنه بإتقان ما نستطيع إتقانه حباً فى الحبيب، وتوقيراً لمقامه، وشكراً على ما أورثه فى القلوب من نور.

- مشاهد من الواقع.. كيف نَقَش المصريون الإيمان بالجمال؟

1- ذكر «اسم النبى حارسك».. حين رؤية الجمال

هنا لا يستدعى فقط ذكراً للحماية، بل يستحضر معنى الجمال نفسه، فالنبى، صلى الله عليه وسلم، فى الوجدان المصرى ليس فقط مُبلِّغاً للأحكام، بل مرآة الرحمة، ومثال الإحسان، وصورة الجمال الممكن فى الإنسان، ومن هنا، كلما رأى المصرى جميلاً، تذكّر حضرة النبى، صلى الله عليه وسلم، وكلما ضاق الواقع، وسّعه بالمعنى.

2- السُّبُل -أماكن سقاية الماء-: إحسانٌ معمارى

لم تكن السُّبُل فى مصر مجرد صدقةٍ جارية بالمعنى الضيق، بل كانت مشروعاً جمالياً كاملاً؛ لم يُبنَ السبيل فقط ليُروِى العطش، بل ليُعلّم العيون قبل الأجساد؛ فالمصرى لم يكتفِ بسقاية العطشان، بل أحسن شكل السقاية، وزيّن المكان، ونقش الآيات، وحوّل الفعل الخيّر إلى ذاكرة بصرية دائمة للرحمة، وهذا السلوك ليس انفصالاً عن النص، بل تحقق مباشر لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله كتب الإحسان على كل شىء».

هنا يصبح الماء صدقة، والجمال عبادة، والمدينة مساحةً لتجلّى المعنى؛ فهذا فقه بصرى يُدرك أن الله جميل يحب الجمال، وأن عمارة الأرض لا تنفصل عن تهذيب الذوق.

3- رسومات بيوت الحجاج.. عبادة الله بالجمال

حين يعود الحاج فى مصر، لا يُترك فرحه حبيس القلب، ولا يُعامل كأمرٍ خاص لا شأن للناس به، بل تتحول الرحلة إلى فرحٍ اجتماعى مشترك، وتُزيَّن البيوت، وتُكتب العبارات، وتُستعاد المشاهد والمناسك برسمها على الجدران؛ فهذا السلوك لا يُفهم إلا فى ضوء قوله تعالى:

﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [ يونس: 58]، فالفرح هنا تكليف وجدانى، وشكل من أشكال الشكر، لا لهواً ولا رياءً، والمصرى هنا يُحوّل هذا الفرح إلى لغة اعتراف بالنعمة، يفهمها البسيط قبل المتعلم،.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة الوطن المصرية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة الوطن المصرية

منذ 4 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ ساعة
منذ 9 ساعات
منذ 7 ساعات
منذ 3 ساعات
صحيفة المصري اليوم منذ ساعتين
صحيفة اليوم السابع منذ 13 ساعة
صحيفة المصري اليوم منذ 12 ساعة
صحيفة المصري اليوم منذ 14 ساعة
بوابة الأهرام منذ 7 ساعات
صحيفة اليوم السابع منذ 5 ساعات
صحيفة المصري اليوم منذ 15 ساعة
صحيفة اليوم السابع منذ 7 ساعات