لو وُجدت آلة خيالية تعيدنا إلى الوراء، إلى لحظة بعينها نغير فيها قراراً واحداً فقط، لاصطف أغلبنا في طابور طويل لا ينتهي، لسنا استثناءً عن بقية البشر؛ كل واحد فينا يحمل في ذاكرته يوماً يتمنى لو لم يستيقظ فيه، وكلمة لو استطاع لابتلعها قبل أن تخرج، وتصرفاً يدعو الله لو أن الزمن يعود به كي لا يفعله.
تُغذي الأفلام والمسلسلات هذه الرغبة الدفينة في أرواحنا؛ أبطال يقفزون عبر الزمن، يمحون خطأ، أو ينقذون شخصاً، أو يبدلون مسار حياتهم بضغطة زر، تبدو الفكرة مغرية: أن نلغي من الحكاية تلك الفصول التي لا نحبها، وكأن الماضي نسخة تجريبية يمكن تعديلها متى شئنا، نتخيل أننا لو عدنا خطوة واحدة فقط، وتجنبنا موقفاً واحداً، لربما كان كل ما تلاه أجمل وأخف ألماً.
لكن رحلة العمر لا تشبه أفلام الخيال العلمي، بل تشبه قطاراً لا يتوقف إلا ليمضي إلى الأمام، تمر المحطات تباعاً، نلوح لها من النافذة ثم تختفي، واليوم الذي يغادر لا يعود، مهما أرهقنا أنفسنا بالندم ولاحقتنا عبارة «لو أنني فعلت.. لو أنني لم أفعل»، الدقيقة التي تنقضي تعلن ببساطة أنها صفحة طُويت، وأن كل ما نملكه حقاً هو اللحظة التي بين أيدينا الآن.
مع ذلك، يظل الحنين جزءاً من إنسانيتنا؛ نشتاق لذكريات أضاءت قلوبنا يوماً، ونبكي أحياناً على لحظات سعدنا فيها ثم مرت كأنها حلم قصير. في المقابل، هناك مشاهد أخرى نتمنى لو أن ممحاة سحرية تمحوها من شريط حياتنا: علاقة أرهقتنا، قرار متسرع، خطأ جارح، أو موقف لا يشبه قيمنا ولا صورتنا عن أنفسنا، نفضل لو أنها لم تحدث أصلاً، ولو أن الذاكرة تتجاهلها كما لو أنها لم تكن.
لو عاد بنا الزمن إلى الوراء ونحن نملك وعي اليوم، لغير كثير منا اختيارات حاسمة: لاختار تخصصاً آخر، أو ترك علاقة مؤذية في وقت أبكر، أو تمسك بفرصة فرط فيها بلا سبب وجيه. وربما لحمى نفسه من مواقف لم يكن يستحق ألمها أصلاً، لكن الحياة لا تمنحنا زر «إعادة المحاولة» على المشهد نفسه؛ ما تمنحنا إياه هو فرصة أن نفهم، وأن.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من جريدة النهار الكويتية
