مع اقتراب عام 2026، تقف سوق السيارات في مصر عند نقطة تحول لافتة، حيث تتقاطع المتغيرات الاقتصادية والنقدية والصناعية لإعادة رسم خريطة الأسعار بعد سنوات من الارتفاعات الحادة.. التفاصيل في

مع اقتراب عام 2026، تقف سوق السيارات في مصر عند نقطة تحول لافتة، حيث تتقاطع المتغيرات الاقتصادية والنقدية والصناعية لإعادة رسم خريطة الأسعار بعد سنوات من الارتفاعات الحادة.

فالتوسع في التصنيع المحلي، واشتداد المنافسة بين العلامات التجارية، إلى جانب تحسن مؤشرات الاستقرار النقدي وتراجع الضغوط على العملة الأجنبية، تفتح الباب أمام مرحلة أكثر هدوءًا في تسعير السيارات.

وفي ظل توجه البنك المركزي المصري نحو التيسير النقدي وخفض أسعار الفائدة، يترسخ الاعتقاد بأن السوق مقبل على دورة تصحيحية قد تعيد بعض التوازن بين العرض والطلب، وتمنح المستهلك هامشاً أوسع للاختيار والقدرة على الشراء.

بحسب خبراء في قطاع السيارات تحدثوا مع «إرم بزنس»، ستخلق هذه العوامل بيئة مثالية لاستمرار الضغط الهبوطي على الأسعار خلال العام المقبل، ولكن بوتيرة أقل من التراجعات التي شهدها عام 2025، والتي تراوحت ما بين 10 و20%.

وخفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة خمس مرات خلال عام 2025، بإجمالي خفض بلغ نحو 7.25%، لتصل أسعار الإيداع والإقراض إلى 20% و21% على التوالي، في الاجتماع الأخير يوم 25 ديسمبر.

«مُصنّعي السيارات» لـ«إرم بزنس»: تعافٍ وتوازن بسوق السيارات المصرية

يأتي هذا التيسير النقدي نتيجة تباطؤ التضخم إلى 12.3%، وتراجع سعر الدولار من مستويات 50 جنيهاً في بداية عام 2025 إلى نحو 47.7 جنيه في تعاملات يوم الثلاثاء، فضلًا عن زيادة تدفقات النقد الأجنبي.

ويرى الأمين العام لرابطة مصنعي السيارات، خالد سعد، في حديث مع «إرم بزنس»، أن السوق سينتقل تدريجياً من التركيز على السعر فقط إلى التنافس الشامل على جودة الخدمة وتمييز المنتج والابتكار التكنولوجي، موضحاً أن التحول الجاري اليوم لا يقتصر على تعديلات سعرية عابرة، بل يمثل إعادة تشكيل كاملة لقواعد اللعبة في سوق يتجه نحو نضج استثنائي.

يضيف سعد أن جميع المؤشرات تشير إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد تحول السوق من التركيز الحصري على الأسعار إلى التنافس الشامل على القيمة المقدمة وجودة الخدمة والابتكار التكنولوجي، في بيئة تندمج فيها الحوافز الحكومية الطموحة مع آليات السوق التنافسية، لتخلق معادلة اقتصادية غير مسبوقة تجعل المستهلك الطرف الأقوى في هذه المعادلة المتطورة.

يرى أمين عام رابطة مصنعي السيارات أن الحديث لم يعد عن تخفيضات محدودة فحسب، بل عن تحرك جماعي يشمل كل زوايا السوق المصري خلال العام المقبل.

انخفاضات متتالية

شهد سوق السيارات انخفاضات متتالية، تصدرتها العلامات الأوروبية، حيث خفضت شركة «سيات» سعر سيارتها «ليون» بنحو 100 ألف جنيه (2103 دولارات)، و«أوبل كورسا» بنحو 130 ألف جنيه، كما خفضت «بيجو» أسعار طرازيها «3008» و«5008» بقيم تراوحت بين 100 و150 ألف جنيه.

كما انتقل سباق التخفيضات إلى السيارات الآسيوية، حيث تراجعت أسعار سيارات «هافال» طراز «H6 HEV» بنحو 100 ألف جنيه، و«هيونداي إلنترا» بنحو 50 ألف جنيه.

انضمت السيارات الكهربائية أيضاً إلى موجة التخفيضات، إذ أعلنت شركة «شيري» خفض سعر سيارتها الكهربائية «eQ7» بنحو 121 ألف جنيه.

عامل في خط تجميع سيارات «هيونداي» بمصنع «غبور أوتو» في مصر، يوم 10 سبتمبر 2013.

كذلك خفضت «MG» سعر سيارتها «RX5 بلس» بنحو 110 آلاف جنيه، فيما خفضت «جيتور» طراز «T1» بالقيمة نفسها، ما يؤكد أن التغيير شامل ويعيد صياغة خريطة التسعير في السوق برمتها.

في ظل هذه الانخفاضات، ارتفعت مبيعات السيارات خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2025 إلى 122.9 ألف سيارة، مقابل 68.7 ألف سيارة خلال الفترة ذاتها من عام 2024، بزيادة سنوية بلغت نسبتها 78.6%.

أسباب التراجع

يوضح عضو مجلس إدارة شعبة السيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية، منتصر زيتون، في حديث لـ«إرم بزنس»، أن تراجع الدولار من مستويات تجاوزت 50 جنيهاً إلى نحو 47.7 جنيه شكل العامل الحاسم في موجة انخفاضات الأسعار، حيث انعكس فوراً على تكلفة الاستيراد وفتح الباب واسعاً أمام عمليات إعادة التسعير.

هذا العامل النقدي يتكامل مع التوسع في التصنيع المحلي، إذ إن الفئة الاقتصادية التي تمثل 70% من حجم المبيعات أصبحت تُنتج محلياً بنسب عالية، مما خلق ضغطاً تنافسياً لا يُقاوم دفع الجميع لإعادة حساباتهم التسعيرية، وفقاً لزيتون.

يتمثل السبب الثالث والأكثر ديناميكية في دخول علامات جديدة للسوق، ومنها العلامات الصينية الجديدة التي دخلت بأسعار تنافسية، مجبرةً الجميع على مراجعة سياساتهم للحفاظ على حصصهم السوقية في بيئة أصبح التنافس فيها شرساً.

توطين صناعة السيارات

يتزامن هذا الانتعاش في قطاع السيارات مع الاهتمام الذي توليه الحكومة المصرية لتوطين صناعة السيارات عبر إطلاق البرنامج الوطني لتنمية صناعة السيارات، الذي بدأ العمل بتعديلاته الجديدة في يوليو الماضي، والتي شملت تقديم العديد من الحوافز للمصنعين والمنتجين.

تقدم الحكومة حوافز استثمارية تصل إلى 30% من سعر السيارة للمصنعين الذين يلتزمون بخطط التصنيع المحلي، مما يخلق بيئة جاذبة للاستثمارات التصنيعية العميقة، ويرفع القيمة المضافة المحلية إلى 60%، وزيادة نسبة المكون المحلي في السيارات لتتجاوز 35%.

خلال توقيع اتفاقية لتجميع سيارات «جيتور» في مصر

المصدر: موقع مجلس الوزراء المصري

يستهدف البرنامج، الذي تم إطلاقه في نوفمبر 2023، رفع الطاقة الإنتاجية السنوية إلى 100 ألف سيارة، مع زيادة القيمة المضافة المحلية إلى 60%، وهي أهداف طموحة ستغير خريطة الصناعة المحلية جذرياً.

سلوك المستهلكين

أفرزت هذه التحولات الهيكلية في قطاع السيارات تغييراً في سلوكيات جميع أطراف السوق. فمن جانب المستهلكين، يلاحظ خالد سعد أن شريحة متزايدة تتريث في قرار الشراء توقعاً لمزيد من الانخفاضات في الأشهر القادمة، وهو ما يعكس تحولاً في نفسية الشراء نحو مزيد من التأني والانتظار.

ومن جانب الشركات، يواجه وكلاء السيارات تحديات متعددة تتعلق بإدارة المخزون الحالي وتسعيره تمهيدًا للتحوّل إلى الموديلات الجديدة في عام 2026، مع الحفاظ على هوامش ربح مقبولة في بيئة تنافسية شرسة.

تباين الأسعار

على الرغم من شمولية موجة الانخفاضات السعرية الحالية للسيارات، تبقى حدود واضحة لتأثيرها على مختلف شرائح السوق. ويؤكد سعد أن التخفيضات الكبرى تتركز أساساً في السيارات التي تقل أسعارها عن مليون جنيه، بينما الفئات الفاخرة التي تتجاوز 1.5 مليون جنيه تكاد لا تتأثر بهذه الموجة.

قفزة قياسية بمبيعات السيارات في مصر.. هل تودع السوق الركود؟

ويتوقع عضو شعبة السيارات، منتصر زيتون، أن وتيرة الانخفاض نفسها ستشهد تبدلاً تدريجياً، حيث تتحول من الهبوط الحاد السريع إلى انخفاض تدريجي مدفوعاً بعوامل تنافسية واستراتيجية، وليس فقط بعوامل نقدية وقتية كما كان الحال في العام الجاري.

يرى زيتون أن عام 2026 سيشكل محطة محورية في رحلة تحول سوق السيارات المصري من نموذج يعتمد على الاستيراد والهيمنة المحدودة إلى اقتصاد إنتاجي تنافسي مفتوح؛ فالمستهلك المصري سيتحول من متلقٍ سلبي إلى طرف فاعل يمتلك خيارات أوسع وقدرة أكبر على المفاضلة والتفاوض، وفي الوقت نفسه، يتوقع أن تسير الصناعة الوطنية بخطى ثابتة نحو تحقيق أهداف الاكتفاء الذاتي والتحول إلى مركز إقليمي للتصنيع والتصدير.


هذا المحتوى مقدم من إرم بزنس

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من إرم بزنس

منذ 15 دقيقة
منذ ساعتين
منذ ساعة
منذ 3 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 27 دقيقة
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ ساعة
قناة CNBC عربية منذ 8 ساعات
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 4 ساعات
قناة العربية - الأسواق منذ 28 دقيقة
قناة CNBC عربية منذ ساعتين
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 10 ساعات
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ ساعة
قناة CNBC عربية منذ ساعتين