يتوقع محللون أن تدخل أسواق المال الخليجية عام 2026 بمرحلة أكثر انتقائية في نشاط الطروحات العامة الأولية، مع تركيز أكبر على الشركات الأعلى جاذبية وقدرة على تحقيق أداء إيجابي بعد الإدراج، رغم توقعات بتراجع عدد الطروحات مقارنة بالسنوات السابقة.
ويأتي هذا التوجه بعد عام اتسم بضعف الزخم وتقلبات الأسواق، ما دفع المستثمرين إلى تبني نهج أكثر انتقائية وتشدداً في تقييم الشركات، بحسب ما نقله موقع (AGBI)، في تحول يعكس نضجاً متزايداً في أسواق رأس المال بالمنطقة.
وقال صلاح شمّا، رئيس قسم استثمارات الأسهم لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في «فرانكلين تمبلتون إنفستمنتس»: «لم تعد الأسواق تدار بعقلية البائع، وهو تحول صحي يعيد التوازن ويضبط توقعات الشركات، ويعكس مستوى أعلى من النضج في أسواق رأس المال الخليجية».
وبحسب بيانات «كامكو إنفست» (Kamco Invest)، ومقرها الكويت، جمعت أسواق الخليج 6 مليارات دولار عبر 44 طرحاً عاماً خلال العام الجاري، وهو أدنى مستوى سنوي منذ عام 2020.
الطروحات العامة في الشرق الأوسط تتراجع لأدنى مستوى خلال 5 سنوات
إدراجات مرتقبة وزخم انتقائي
تشمل الطروحات المتوقعة في 2026 شركة «دبي إنفستمنت بارك» (Dubai Investment Park)، الذراع العقارية لشركة «دبي إنفستمنتس» (Dubai Investments)، إلى جانب الشركة «العُمانية الهندية للسماد» في مسقط. كما تبرز «الاتحاد للطيران» (Etihad Airways) و«بن غاطي هولدنغ» (Binghatti Holding) ضمن الأسماء المرشحة للطرح، رغم عدم صدور تأكيد رسمي من الشركتين حتى الآن.
ومن المرجح أن تتصدر الإمارات أداء أسواق الطروحات في المنطقة، مدعومة بأساسيات اقتصادية قوية، وتدفقات استثمارية دولية مستقرة، وقطاع مصرفي يتمتع بسيولة مرتفعة، وفقاً لشما.
في المقابل، يُتوقع أن يستعيد سوق الطروحات في السعودية زخمه خلال النصف الثاني من 2026 بعد عام 2025 الصعب، فيما قد تشهد أسواق عُمان والكويت نشاطاً ملحوظاً بدعم من إصلاحات تنظيمية وبرامج خصخصة.
وقال رئيس أبحاث الأسهم لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في بنك «يو بي إس» (UBS)، جون بيس: «كان النشاط أهدأ نسبياً هذا العام، إذ تميل تقلبات الأسواق إلى كبح شهية الطروحات».
ورغم التحديات الجيوسياسية، بما في ذلك النزاعات في الشرق الأوسط وأوكرانيا، وأزمة البحر الأحمر، والتوترات التجارية العالمية، وصف شمّا عام 2025 بأنه «متين نسبياً»، مضيفاً: «شهدنا عدداً معقولاً من الإصدارات، لكنها جاءت بأحجام أصغر».
الاكتتابات الخليجية خلال 10 سنوات.
أداء متباين بعد الإدراج
شهدت السعودية هذا العام إدراج شركات كبرى من بينها «فلاي ناس» (Flynas)، و«أم القرى»، و«الشركة الطبية المتخصصة». أما في الإمارات، فقد اقتصر النشاط على ثلاثة طروحات، هي «دبي ريزيدنشال ريت» (Dubai Residential REIT) و«أليك هولندغز» (Alec Holdings) في «سوق دبي المالي»، و«ألفا داتا» (Alpha Data) في «سوق أبوظبي للأوراق المالية».
غير أن أداء عدد من الطروحات بعد الإدراج اتسم بالتباين، إذ أفادت (AGBI) في تقرير صدر في نوفمبر بأن 10 من أصل 26 شركة إماراتية مدرجة منذ بداية العقد كانت تتداول دون سعر الاكتتاب.
وفي سوق «تداول» السعودية، لم تسجل سوى اثنتين من أصل 13 شركة طرحت أسهمها في 2025 مكاسب سعرية. وفي أحدث إدراج، تراجع سهم «الرمز العقارية» بعد فترة وجيزة من بدء تداوله في 18 ديسمبر.
كما قررت عدة شركات تأجيل أو تعليق خطط الطرح هذا العام، من بينها «دوبيزل» (Dubizzle) في دبي و«أي إف إس آي إم لإدارة المرافق» (EFSIM Facilities Management) في السعودية، وسط تصاعد التقلبات وتشدد المستثمرين في تقييم المخاطر.
الطروحات الأولية في الإمارات تتهيأ لانتعاشة قوية في 2026
من المضاربة إلى القيمة
قال شاهرخ سليم، محلل محافظ الأسهم في «مشـرق كابيتال» (Mashreq Capital) بدبي، إن بوصلة المستثمرين في المنطقة تتجه بشكل متزايد نحو الشركات القادرة على توليد تدفقات نقدية مستقرة وتحقيق عوائد مستدامة على المدى الطويل، بدلاً من الرهان على مكاسب سريعة.
وأشار إلى طرح شركة «المسار الشامل» للتعليم، التي جمعت 160 مليون دولار عبر إدراجها في سوق «تداول» خلال ديسمبر، كنموذج للطروحات المتوقعة مستقبلاً.
وقال سليم: «لم تكن قصة الشركة قائمة على النمو السريع أو الإثارة، لكنها سعّرت الطرح بخصم مقارنة بمضاعفات السوق، ما انعكس في أداء إيجابي للسهم».
بدوره، قال جون بيس إن تراجع تقييمات الأسهم إلى مستويات أكثر واقعية من شأنه أن يعزز شهية المستثمرين خلال الفترة المقبلة، مضيفًا: «عادت التقييمات إلى مستويات طبيعية، وهو عامل داعم لاستئناف نشاط الطروحات في المنطقة».
هذا المحتوى مقدم من إرم بزنس

